أثار هروب الرئيس السوري السابق بشار الأسد، إلى العاصمة الروسية موسكو، العديد من التساؤلات حول من رافقه في الرحلة الأخيرة ومصير الموالين له، وكبار القادة من نظامه.
نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز”، تقرير ذكرت خلاله اللحظات الأخيرة للأسد على الأراضي السورية قبل الاتجاه للجوء لدى حليفه الأول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك من خلال أكثر من اثنتي عشرة مقابلة، مع المطلعين على النظام وتحركات عائلة الأسد.
هروب مفاجئ
في ليلة السابع من ديسمبر، وسط سقوط وشيك لعاصمة نظامه، تسلل بشار الأسد وابنه الأكبر حافظ إلى عربة مدرعة روسية، تاركين وراءهم عائلتهم ومقربين لطالما وثقوا في حمايتهم.
استقل الأسد مع ابنه مركبة نقلتهما إلى قاعدة حميميم الجوية، تحت حماية روسية، ليغادرا سوريا فجر اليوم التالي.
في حي المالكي الراقي بدمشق، كانت النقاط الأمنية والمباني شبه مهجورة، حيث أن أضواء المنازل ما زالت مضاءة، أكواب قهوة غير مكتملة، والزي العسكري المتناثر في الشوارع رسمت صورة صادمة للهروب المفاجئ.
أما أوامر الأسد، فجاءت متأخرة وبعد مغادرته العاصمة، حيث طلب من قواته تدمير الوثائق وحرق المكاتب.
وقال شخص مطلع على خروج الأسد من دمشق “لقد هرب مثل … في الليل، كان يخبر الناس من حوله قبل ساعة من فراره أن كل شيء سيكون على ما يرام.”
بينما أوضح رئيس الوزراء آنذاك محمد جلالي لتلفزيون العربية الأسبوع الماضي أنه تحدث إلى رئيسه آنذاك عبر الهاتف في الساعة 10:30 مساء يوم 7 ديسمبر، وأخبره عن الذعر والرعب في الشوارع، والنزوح الهائل من وسط سوريا باتجاه الساحل، فأجاب الأسد “غدا ، سنرى”، ثم لم يرد الأسد أبدا على مكالمات الجلالي التالية عند الفجر.
ولم تتمكن فايننشال تايمز من التحقق من جميع الركاب على متن رحلة هروب الأسد، لكن المطلعين على النظام مقتنعون بأنه غادر مع اثنين على الأقل من المساعدين الماليين الذين يمتلكون مفاتيح الأصول التي تم التخلص منها في الخارج، هما يسار إبراهيم ومنصور عزام.
الوصول إلى روسيا وخيانة الأنصار
استغرق الأمر ساعات حتى تمكن الأسد من الحصول على اللجوء في قاعدة حميميم، ووفقًا لتقرير “فاينانشال تايمز”، انطلقت الطائرة الروسية التي حملته وابنه نحو روسيا، حيث انضم إلى زوجته أسماء، التي كانت تعالج من السرطان، وأفراد من عائلته.
ترك الأسد أقاربه وكبار المسؤولين في حالة صدمة وغضب، حيث ترك عائلات بأكملها، من بينهم شقيقه ماهر وأقاربه من آل مخلوف، لمواجهة مصيرهم، خاصة أنه لم يحذر حتى أقرب المقربين منه، مما أظهر أنانيته المطلقة وتركيزه على سلامته الشخصية.
الفوضى بعد الرحيل
تسبب فرار الأسد في تدفق اللاجئين الموالين له إلى لبنان، حيث اكتظت فنادق بيروت برجال النظام وأسرهم، في حين اتجه البعض إلى أوروبا أو الإمارات، ومع ذلك، واجه البعض الآخر مصيراً مأساوياً، حيث قُتل أفراد من عائلة مخلوف أثناء محاولتهم الفرار.
روسيا وإيران.. دعم محدود في اللحظات الأخيرة
بينما ظلت روسيا وإيران الداعمين الرئيسيين للأسد طيلة فترة حكمه، تراجعت قدرتهما على تقديم الدعم مع تصاعد صراعاتهما الخاصة في أوكرانيا وإسرائيل، وباءت محاولات الأسد الأخيرة للتفاوض أو طلب تدخل عسكري مباشر بالفشل.
ولم يكن فرار الأسد مجرد هزيمة سياسية، بل مثل نهاية حقبة طويلة من الحكم الديكتاتوري الذي امتد لخمسين عامًا، وبالنسبة لموسكو، كان قرار منح اللجوء للأسد خطوة إنسانية، لكنها حملت في طياتها رسالة واضحة “الدعم الروسي له حدود”.
ملاذ جديد ومستقبل مجهول
في روسيا، يعيش الأسد الآن مع عائلته في عزلة، تاركاً وراءه إرثاً من الدمار والانقسامات في سوريا.
أما الموالون السابقون، فأصبحوا يتنقلون بين الدول بحثاً عن ملاذ، في مشهد يجسد انهيار النظام الذي اعتمدوا عليه لعقود.
المصدر: