أحداث جارية سياسة

“ترامب” قد يعيد أوروبا إلى ماضيها المظلم

دونالد ترامب مع علم الاتحاد الأوروبي

تواجه القارة الأوروبية مستقبلًا مجهولًا مع عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، حيث يُحتمل أن تنسحب أمريكا من دورها الأمني التقليدي في أوروبا.

يتناول هذا التقرير المخاطر التي تواجهها أوروبا في ظل حكم “ترامب” وسيناريوهات الأوضاع الأمنية وفقًا لتحليل هال براندز، أستاذ الشؤون العالمية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة المنشور على صحيفة “Foreign Policy”.

تبعية تاريخية

كانت أوروبا ساحة لصراعات دموية وخصومات إمبراطورية أدت إلى كوارث عالمية، فقد أدت أحداث كبرى مثل الثورة الفرنسية والحرب العالمية الثانية انقسامات اعتقد المجتمع الدولي أنها قد لا تنتهي إلى سلام.

ومثّل تدخل الولايات المتحدة العامل الحاسم في تحويل أوروبا من “القارة المظلمة” إلى نموذج للنظام الليبرالي الديمقراطي.

حصلت أوروبا على الحماية العسكرية الأميركية التي أزالت الخوف بين الدول الأوروبية، مما ساعدها على بناء علاقات سلمية ومستدامة.

وقدمت الولايات المتحدة التزامًا أمنيًا شاملاً لأوروبا من خلال حلف “الناتو” وانتشار القوات الأميركية، كما ساهمت في تعزيز التعاون الاقتصادي الأوروبي، مما مهد الطريق لإنشاء الاتحاد الأوروبي.

وتحملت الولايات المتحدة تكاليف ضخمة للدفاع عن القارة العجوز، وواجهت زعماء أوروبيين أحيانًا معارضين للنفوذ الأميركي مثل شارل ديغول.

ماذا لو سحبت أمريكا حمايتها الأمنية لأوروبا؟

تواجه أوروبا أحد احتمالين في حال اسنحبت أمريكا من أداء هذا الدور.

السيناريو الأول: أوروبا قوية ومستقلة

يقوم هذا السيناريو على تحول الاتحاد الأوروبي إلى قوة عسكرية عالمية قادرة على مواجهة روسيا وحماية حدودها الشرقية.

وسيساعد هذا السيناريو الدول الأوروبية على دعم أوكرانيا بفاعلية خلال الحرب الجارية وضمان أمنها بعد انتهاء الصراع.

ويقوّم هذا السيناريو كون أوروبا غنية بمواردها كافية لدعم الدفاع الذاتي، ويدلل على ذلك أن الاتحاد الأوروبي أثبت قدرته على تقديم مساعدات عسكرية أكبر من الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ عام 2022.

وسيساهم تقليل الاعتماد على أمريكا في تعزيز الصناعات الدفاعية الأوروبية التي ضمرت بعد الحرب الباردة.

ويواجه هذا السيناريو الانقسامات الداخلية في الاتحاد الأوروبي حول القيادة العسكرية والاستراتيجية، ومقاومة بعض الدول الأوروبية، خاصة في الشرق، لفكرة قيادة فرنسا أو ألمانيا للتحالف.

السيناريو الثاني: أوروبا ضعيفة ومنقسمة

يذهب السيناريو الثاني إلى انهيار الناتو بسبب غياب القوة الأميركية، وعجز أوروبا عن مواجهة روسيا أو حماية أوكرانيا، مع غياب الاستراتيجية الموحدة للتعامل مع التهديدات الجيوسياسية من روسيا والصين.

وقد يؤدي إلى تحقق هذا السيناريو ضعف القواعد الصناعية الدفاعية الأوروبية، ومحدودية القدرات العسكرية الأوروبية مقارنة بالولايات المتحدة، وصعوبات اقتصادية واجتماعية نتيجة زيادة الإنفاق الدفاعي.

وإذا تحقق هذا السيناريو ستعاظم نفوذ روسيا في شرق أوروبا بسبب ضعف الردع الأوروبي، وسيؤدي لانقسام بين دول مؤيدة للاستعداد العسكري وأخرى مؤيد لاستيعاب روسيا.

محاولة لإيجاد التوازن

تمتلك أوروبا أكبر اقتصادات العالم، بما يعادل عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لروسيا.

وأثبتت التجارب السابقة التعاون الأوروبي، خاصة خلال الأزمات الكبرى مثل أزمة أوكرانيا.

وتعيش أوروبا حالة من الزخم السياسي لبناء أوروبا “أكثر سيادة” و”أكثر اتحادًا”، وفق رؤية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ومع ذلك، هناك نقاط ضعف تتمثل في الاعتماد الطويل على المظلة الأمنية الأميركية وهو ما جعل أوروبا أقل تسلحًا مما ينبغي، بالإضافة إلى انعدام القيادة الموحدة داخل الاتحاد الأوروبي، والقلق من تصاعد التوترات القديمة بين الدول الأوروبية عند غياب الولايات المتحدة.

المصادر:

موقع foreignpolicy