مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتصاعد المخاوف من تأثير سياساته التجارية خاصة الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأوروبي.
فقد أعلن ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية، بما في ذلك الواردات القادمة من أوروبا، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تأثير كبير على الصادرات الأوروبية من الصناعات الأساسية، مثل السيارات والكيماويات، التي تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية.
وتشير تقديرات بعض المؤسسات المالية، مثل بنك إيه بي إن أمرو، إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تؤدي إلى انخفاض في النمو الاقتصادي الأوروبي بمقدار 1.5%، أي ما يعادل خسارة محتملة بنحو 260 مليار يورو.
كما أن اقتصادات دول مثل ألمانيا وهولندا، والتي تعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية، ستكون الأكثر تضررًا من هذه الرسوم.
ضعف اليورو واستجابة البنك المركزي الأوروبي
إذا تضرر النمو الاقتصادي الأوروبي بفعل الرسوم الجمركية الأمريكية، فقد يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه مضطرًا لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر لمواجهة التأثيرات السلبية على الاقتصاد.
هذا السيناريو من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض إضافي في قيمة اليورو، مما يزيد من تكاليف الاستيراد، ويضع ضغوطًا إضافية على الشركات الأوروبية التي تعتمد على المواد الخام المستوردة.
زمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تباين كبير في السياسات النقدية بين البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي قد يواصل رفع أسعار الفائدة.
ووفقًا لبعض المحللين، فإن هذا التباين بين السياسات النقدية قد يكون الأكبر منذ إنشاء اليورو عام 1999.
الصناعات الأوروبية المعتمدة على التجارة
أحد القطاعات الأكثر تعرضًا للتأثيرات السلبية المحتملة هو قطاع صناعة السيارات، فالشركات الألمانية مثل فولكس فاجن وبي إم دبليو، التي تعتمد على السوق الأمريكية لتصريف جزء كبير من إنتاجها، قد تواجه صعوبات في ظل الرسوم الجمركية الجديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تتأثر الصناعات الكيماوية الأوروبية بشكل كبير، حيث تصدر أوروبا منتجات كيماوية بقيمة 137.4 مليار يورو سنويًا إلى الولايات المتحدة.
ويعتقد محللو بنك يو بي إس أن التأثير الكلي لهذه الرسوم قد يتراوح بين 0.5% و1% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، مما يعني تآكلًا في العوائد والأرباح للشركات الأوروبية، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية.
تأثير السياسة الخارجية لترامب على الإنفاق الدفاعي الأوروبي
من المتوقع أن تؤدي سياسات ترامب الخارجية إلى زيادة الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي لرفع ميزانياتها الدفاعية، خاصة في ظل تهديده بوقف الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا.
في حال اضطرت الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها العسكري لتحقيق هدف حلف شمال الأطلسي البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي، فسيضيف ذلك عبئًا ماليًا جديدًا على اقتصادات المنطقة، مما قد يؤثر على أولويات الإنفاق الأخرى ويزيد من الضغوط المالية.
توقعات متباينة حول التأثيرات الاقتصادية
على الرغم من المخاوف الكبيرة التي تحيط بفوز ترامب المحتمل، تشير بعض التحليلات إلى أن التأثيرات قد تكون أقل مما يتوقعه البعض، حيث أشار تقرير من كلية لندن للاقتصاد إلى أن التعريفات الجمركية قد تؤدي فقط إلى انخفاض بنسبة 0.11% في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، مع تأثير أكبر على الاقتصاد الألماني بنسبة 0.23%.
المصدر: