تقنية سياسة

ثقة المعلنين في X تتضاءل.. تغيرات جذرية تتحدى المصداقية

منذ أن اشترى إيلون ماسك منصة تويتر في صفقة مدوية قُدرت بـ 44 مليار دولار، والعالم يتابع تحول المنصة من تويتر إلى “X” بعين الدهشة. في خلال سنتين فقط، قلب ماسك الطاولة، ليس فقط على إدارة المنصة، بل على كل ما اعتاد عليه مستخدموها؛ فهناك تغييرات جذرية، وموجات تسريحات ضخمة، وميزات جديدة تظهر وتختفي.. وكأنها تجارب في مختبر شخصي. في حين يرى البعض أن “X” باتت ملاذًا أخيرًا لحرية التعبير، يشعر آخرون أن هذه الحرية حولت المنصة إلى مساحة مضطربة.. مليئة بالمعلومات المشوشة. وفي ظل كل هذه التغيرات، يعيد المعلنون النظر في تواجدهم على “X”؛ هل يمكنهم الوثوق في بيئة الإعلانات على المنصة بعد الآن؟

ثقة المعلنين تهتز في ظل تغييرات ماسك

يكشف تقرير Kantar Media Reactions أن المعلنين باتوا مترددين في استخدام “X” للإعلان. إذ أشار 12% فقط من خبراء التسويق إلى أنهم يثقون بالإعلانات على المنصة في عام 2024، بينما تخطط نسبة صافية تبلغ 26% منهم.. لتقليل إنفاقهم الإعلاني على “X” في السنة المقبلة. السبب؟ التغيرات المتسارعة وعدم اليقين بشأن سلامة البيئة الإعلانية، حيث عبّر 4% فقط عن اعتقادهم بأن المنصة توفر بيئة آمنة لإعلاناتهم. ووفقًا لأحد مسؤولي Kantar، فإن المعلنين بحاجة إلى منصات مستقرة.. تحفظ سمعة علاماتهم التجارية، وهو ما يبدو صعبًا في ظل تحول “X” بشكل غير متوقع.

بين أنصار الحرية ونقّاد الفوضى

منذ أن تولى ماسك زمام الأمور، انقسم الرأي العام حول ما إذا كانت “X” قد حققت حرية تعبير حقيقية أم تحولت إلى “بئر من الفوضى”. هناك من يعتبر تغييرات ماسك جرأة تعيد للأفراد حقهم في التعبير بدون رقابة، لكن هناك أيضًا من يرى أن تخفيف الرقابة فتح الباب لانتشار المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة. ما جعل الأمور أكثر تعقيدًا هو تصريح وول ستريت جورنال بوصف صفقة شراء ماسك للمنصة بأنها “أسوأ عملية شراء منذ الأزمة المالية”، وهي إشارة إلى تداعيات سلبية قد تستمر على المدى الطويل. وفي هذا المناخ، يجد المعلنون صعوبة في الوثوق في بيئة غير متوقعة حيث قد تتغير قواعد اللعبة بين ليلة وضحاها.

تأثير التقلبات في “X” على استراتيجيات المعلنين

بالنسبة للمعلنين، تمثل الثقة بالمنصة ركيزة أساسية، فهم لا يرغبون في المخاطرة بسمعة علاماتهم التجارية. ومع التحولات التي لا تنتهي في “X”، بات من الصعب على هؤلاء المعلنين رؤية المنصة كمساحة آمنة. أحد الخبراء في Kantar يصف الوضع قائلاً: “X تغيرت كثيرًا في السنوات الأخيرة لدرجة يصعب معها الشعور بالثقة.” هذا التغيير المستمر يُشعر المعلنين وكأنهم يسيرون على أرض متحركة.. ويجعل من الصعب اتخاذ قرارات تسويقية طويلة الأمد في مثل هذا المناخ.

هل تستطيع “X” استعادة ثقة المعلنين؟

مستقبل “X” يبدو مشوبًا بالغموض؛ فمن جهة، يطمح ماسك إلى تحويلها إلى “تطبيق كل شيء” الذي يخدم المستخدمين في شتى نواحي حياتهم، ومن جهة أخرى، تتزايد مخاوف المعلنين والمستخدمين على حد سواء. إذا أراد ماسك تحقيق رؤيته، فقد يحتاج إلى معالجة مشكلات البيئة الإعلانية.. وضمان سلامة المحتوى أولاً. فما بين الحلم الذي يسعى إليه وواقع التحديات اليومية، قد تكون الطريق إلى استعادة ثقة المعلنين طويلة وشاقة.

في النهاية

على الرغم من التحديات الحالية، يبقى طموح إيلون ماسك لتغيير مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي أمرًا يثير الفضول. ولكن.. لكي ينجح في تحويل “X” إلى تطبيق شامل وموثوق، يحتاج ماسك إلى كسب ثقة الجمهور والمعلنين مجددًا. فما يحدث على “X” الآن ليس مجرد مسألة تغيير اسم أو واجهة.. بل هو اختبار حقيقي لقدرته على تحقيق توازن بين الحرية، الثقة، والاستدامة.