كشف مسؤولان أمريكيان مطلعان على محادثات خاصة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، أن الأخير طلب من الأول تغيير لهجته فيها يتعلق بموقفها من استقلال تايوان.
وخلال الاجتماع الذي جمع الرئيسين في نوفمبر الماضي، طلب شي من بايدن تعديل اللغة في البيانات الرسمية الأمريكية، وفق ما نشرته رويترز، اليوم الثلاثاء.
وكانت الصين ترغب في أن تنص الوثائق الرسمية الأمريكية على كلمة “نعارض” استقلال تايوان، بدلًا من “لا ندعم” استقلال تايوان.
وأكد المسؤولان أن مساعدى شي تابعوا الأمر في الشهور اللاحقة وقدموا طلبات أخرى بشأن الأمر، ولكن الولايات المتحدة رفضت هذا الطلب.
وجاء رد الولايات المتحدة على مطلب الصين من خلال بيان رسمي أكدت فيه واشنطن أنها لا تدعم استقلال تايوان.
وجاء في البيان: “كانت إدارة بايدن-هاريس متسقة مع سياستنا القائمة منذ فترة طويلة بشأن الصين الواحدة”.
ما هي تايوان؟
هي جزيرة كانت معروفة في السابق باسم فورموزا، وظلت لمئات السنين موطنًا للسكان الأصليين.
وخلال القرن السابع العشر، بدأ الهولنديون والأسبان في حكم أجزاء منها.
وفي عام 1684، ضمت أسرة تشينغ تايوان كجزء من مقاطعة فوجيان ولكنها لن تعلن أنها مقاطعة مستقلة إلا في عام 1885.
وباتت تايوان مستعمرة يابانية، بعد هزيمة أسرة تشينغ في الحرب في عام 1895.
وفي عام 1945، تم تسليمها إلى حكومة “جمهورية الصين” في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعندما هُزمت حكومة جمهورية الصين الشعبية على يد قوات ماو تسي تونغ الشيوعية في عام 1949، فرت الحكومة إلى تايوان وظلت جمهورية الصين الاسم الرسمي للجزيرة.
أسس ماو جمهورية الصين الشعبية، وادعى أنها الحكومة الصينية الشرعية الوحيدة للبلاد بأكملها، بما في ذلك تايوان، باعتبارها الدولة الخليفة لجمهورية الصين.
وضع تايوان الحالي
على مدار سنوات تالية، ادعت حكومة الصين في تايبيه أنها الحكومة الشرعية الصينية، قبل أن تُطرد من الأمم المتحدة لصالح حكومة بكين في عام 1971.
وحاليًا، لدى حكومة تايبيه علاقات رسمية مع 12 دولة فقط حول العالم، وأغلبها من الدول النامية والفقيرة مثل بليز وتوفالو.
أما بالنسبة للدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وحلفائها فهي تحافظ على علاقات رسمية مع تايوان، من خلال الاعتراف بجوازات السفر الرسمية والسماح بوجود سفارات لها في عواصمها.
وكانت الولايات المتحدة قطعت علاقاتها الرسمية مع تايبيه في عام 1979، ولكنها ظلت ملتزمة بتزويدها بالوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها.
ولا تتخذ الولايات المتحدة أي موقف رسمي بشأن سيادة تايوان في ظل سياسة “الصين الواحدة” التي تنتهجها واشنطن.
وتؤكد الصين دائمًا بان خيار القوة متاحًا لإخضاع تايوان لسيطرتها، ورغم ذلك عرضت الصين على تايوان نظام دولة واحدة ونظامان أشبه بما يحدث في هونغ كونغ، إلا أن أحزاب تايوان لا تقبل بذلك.
ما مدى استقلالية تايوان؟
تُعد تايوان دولة مستقلة بما يفرضه الأمر الواقع حتى لو لم تعترف الكثير من الدول بذلك، لأن شعبها ينتخب قادته وتسطر حكومتها على منطقة محددة من الأراضي، ولها جيش وجواز سفر خاص.
وترفض تايبيه أن تتحدث بكين باسمها أو تمثلها، خصوصًا وأن الصين ليس لها أي سلطة في اختيار قادة تايوان ولم تحكمها أبدًا.
وستكون محاولة تايبيه لإعلان “جمهورية تايوان” محاطة ببعض العراقيل، ومن أبرزها ضرورة تغيير دستور البلاد وإجراء استفتاء ومن ثم موافقة البرلمان، وليس مجرد قرار أحادي من الرئيس لاي تشينغ تي.
ويحتاج إقرار هذا التعديل إلى موافقة 75% على الأقل من المشرعين، ويتمتع الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم وحزب المعارضة الرئيسي الكومينتانغ حاليا بعدد متساو من المقاعد.
ومنذ أن تولى الحزب الديمقراطي التقدمي السلطة في تايبيه في عام 2016، لم يقم بأي محاولات لتغيير الدستور، فيما يُعارض حزب الكومينتانغ بشدة أي محاولات لتغيير اسم جمهورية الصين.
موقف الرئيس لاي من استقلال تايوان
لا يحظى لاي بمحبة من قبل الصين، وتضفه بكين بأنه انفصالي خصوصًا بعد تصريحاته المتتالية بأنه تايوان مستقلة بالفعل وأنه سيعمل على دعم ذلك.
وكرر لاي في أكثر من مناسبة منذ توليه السلطة أن جمهورية الصين وجمهورية الصين الشعبية ليستا تابعتين بعضهما البعض، وهما دولتان منفصلتان، وهو ما يؤكد رواية الاستقلال.
ويؤكد لاي كذلك أن جمهورية الصين (تايوان) التي تأسست في عام 1911 بعد الإطاحة بالإمبراطور، أقدم من الصين الشعبية التي تأسست في عام 1949.
هل تمتلك الصين ما يمنع استقلال تايوان؟
انطلاقًا من رغبتها في ضم تايوان، أقر البرلمان الصيني في عام 2005 قانون مكافحة الانفصال، والذي يمنح بكين السلطة القانونية لاستخدام القوة العسكرية ضد تايوان إذ بدا أنها على وشك الانفصال، ولكنه قانون غامض ومبهم.
وتكهنت تايبيه بأن الصين قد تشتغل الذكرى السنوية لسن القانون العام المقبل، لتقديم المزيد من التوضيح بشأن هذا التشريع.
في عام 2022، أثارت وسائل الإعلام الرسمية الصينية إمكانية إصدار ” قانون إعادة التوحيد ” لمنح بكين إطارًا قانونيًا إضافيًا لإخضاع تايوان لسيطرتها، ولكن لم يكن هناك أي تحرك آخر نحو ذلك حتى الآن.
المصدر: رويترز