تتصاعد المخاوف الغربية من تكوين تحالف دولي بقيادة روسيا، بعد أنباء عن وصول قوات من كوريا الشمالية إلى أوكرانيا لدعم موسكو في حربها.
وتخشى الولايات المتحدة – التي نشرت استخباراتها معلومات عن القوات الكورية الشمالية – وحلفاؤها على أمنهم وسط تطور الشراكة العسكرية بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.
وتقول الولايات المتحدة إن إيران أيضًا تدعم روسيا في حربها على أوكرانيا، إذ أرسلت لها طائرات بدون طيار، كما أرسلت مؤخرا صواريخ باليستية قصيرة المدى.
كما تتهم واشنطن الصين بتزويد روسيا بآلات وتقنيات دقيقة تُستخدم في تصنيع الأسلحة، وبموجب ذلك فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين صينيتين تزود روسيا بأنظمة أسلحة كاملة.
ولكن في الوقت نفسه تنفي الصين وإيران وروسيا وجود مثل هذا الدعم.
وفي تقييم للتعاون الناشئ، أطلقت مجموعة مدعومة من الكونغرس، تقوم بتقييم استراتيجية الدفاع الأميركية، هذا الصيف على روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وصف “محور الشراكات الخبيثة المتنامية”.
وتتركز المخاوف على احتمالية تكوين تحالف بين تلك الدول التي تكن عداء للولايات المتحدة، ما يساهم في تعظيم التهديد الذي تمثله كل دولة منفردة على واشنطن وحلفائها.
وما يزيد من صعوبة الأمر هو أن هذا الخطر لن يكون متمركزًا في منطقة واحدة من العالم، ولكن في مناطق متعددة.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، الأربعاء الماضي، أن مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الروسية على أوكرانيا تصعيد خطير سيؤثر ليس فقط على أوروبا ولكن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
تحالف خطير
ينظر العديد من المراقبين لحرب روسيا على أوكرانيا بأنها المحفز الأساسي لتكوين مثل هذا التحالف، الذي وصفه جورج دبليو بوش قبل سنوات بأنه “محور الشر” وكان من ضمنه العراق.
ويتمثل الخطر الأكبر في التحالف الجديد المحتمل هو أنه يجمع قوتين نوويتين لا يُستهان بهما، وهما إيران التي تعتقد الولايات المتحدة أنها يمكن أن تجمّع سلاح نووي في غضون أسبوع، وكوريا الشمالية التي تمتلك بالفعل مجموعة من الرؤوس النووية.
ولكن كوريا الشمالية لا تمتلك ما تخسره وهذا ما دفعها للتوجيه بتكثيف برنامج البلاد للأسلحة النووية غير المشروعة وتصنيع قذائف المدفعية والصواريخ الباليستية قصيرة المدى، ومؤخرًا بإرسال قوات لمساعدة روسيا.
وجاء لجوء موسكو إلى طهران لشراء الأسلحة بعد أن تزايد دور الطائرات بدون طيار في حرب أوكرانيا، وهو ما ساهم في تعميق التحالف الأمني الذي بدأ في عام 2015، بالتزامن مع دعم كل منهما لنظام بشار الأسد.
وتستفيد طهران من هذا التحالف من خلال توفير غطاء دبلوماسي وعسكري لها من قبل روسيا والصين، خصوصًا في ظل تورطها في الحرب مع إسرائيل في الشرق الأوسط.
وقد ادعى الزعيم الصيني شي جين بينج، الذي أعلن شراكة “لا حدود لها” مع بوتين قبل أسابيع من غزوه، الحياد في الصراع، ووجه الشركات الصينية إلى حد كبير بعيدًا عن تقديم المساعدات القاتلة المباشرة.
ولكن مع وجود هذه الرغبة من الدول الأربع لإقامة مثل هذا التحالف، هناك حدود واضحة لهذا التنسيق الأوسع والثقة المتبادلة على الأقل في الوقت الحالي، وفق مراقبين.
ولذلك تُثار التساؤلات حول قدرة مثل هذا التحالف المحتمل على الصمود بعد انتهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
الصين “حجر الزاوية”
يقول المراقبون إن الصين هي العامل الأبرز في هذا التحالف باعتبارها ثاني أكبر دولة اقتصاديًا في العالم، كما أنها الشريك التجاري الرئيسي لروسيا وكوريا الشمالية وإيران.
من ناحية أخرى تشهد العلاقات بين بكين وواشنطن توترات متصاعدة ما يزيد من العداء بينهما.
وفي ظل هذه التوترات، تسعى الصين لتشكيل تحالف دولي ليكون منافسًا للتحالف الغربي بالقيادة الأمريكية، وما يؤكد هذا الأمر، هو تصريحات شي وبوتين بالتزامهما حول بناء عالم “أكثر عدالة” على هامش قمة مجموعة البريكس التي عملا معا على زيادة عضويتها هذا العام.
ونجخ الحليفان في استقطاب إيران إلى هذا الحلف وذلك من خلال انحيازهما لها في الصراع الحالي في الشرق الأوسط.
من ناحية أخرى أجرت الصين وروسيا وإيران أربع تدريبات بحرية مشتركة منذ عام 2019، والصين هي أكبر مشتر للطاقة الإيرانية.
وتُدير الصين علاقتها مع كوريا الشمالية بعناية، إذ تعتمد الأخيرة على بكين اقتصاديًا ودبلوماسيًا بالكامل تقريبًا، كما تحذر الصين من التحالف المتنامي بين كيم وبوتين.
وينظر الغرب إلى الصين باعتبار أنها تساعد الأنظمة المعادية، خصوصًا بعد أن رفضت بكين منع الدعم الاقتصادي المقدم لكوريا الشمالية التي تتحدى عقوبات الأمم المتحدة، وروسيا التي هددت باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.
وترى الدول الغربية في هذا التحالف “خطر حقيقي”، وتحديدًا إذا توسّع الصراع في أي مكان من العالم لحرب متعددة.
وأكدت الصين مرارا وتكرارا أن علاقتها مع روسيا هي علاقة “عدم تحالف وعدم مواجهة وعدم استهداف أي طرف ثالث”.
لكن بعض الخبراء يحذرون أيضًا من النظر إلى هذا “المحور” أو مثل هذا المستقبل باعتباره نتيجة حتمية ــ لأن هذه العلاقات تظل انتهازية، وليس مبنية على التوافق الأيديولوجي العميق أو الثقة.
المصدر: CNN