لوّح الرئيس بايدن خلال الأشهر الأخيرة له في البيت الأبيض، بأنه قد يحجب المساعدات العسكرية عن إسرائيل إذا بالغت في تحركاتها العسكرية في المنطقة.
وكان بايدن يستهدف منع انزلاق المنطقة إلى حرب أوسع في ظل المواجهات بين الاحتلال من ناحية، وحزب الله وإيران وحماس من ناحية أخرى.
ولكن على الرغم من أن التهديد الأمريكي قد يساهم في مشاركة بايدن في صنع قرار الاحتلال، إلا أنه لا يضمن تجنيب المنطقة صراعًا أوسع متعدد الجبهات.
كانت إدارة بايدن أعلنت يوم الأحد الماضي، أنها قررت إرسال إحدى منظومات الدفاع الصاروخية المتطورة “ثاد” مع 100 جندي أمريكي إلى الاحتلال، لمساعدته في صد الهجمات الإيرانية وهجمات حزب الله.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لشن ضربة انتقامية ردًا على هجوم إيراني بالصواريخ الباليستية قبل أسبوعين.
كما سلّمت إدارة بايدن إسرائيل رسالة، تحذرها فيها من ضرورة اتخاذ خطوات في الشهر المقبل لتحسين الوضع الإنساني في غزة أو مواجهة قيود محتملة على المساعدات العسكرية الأميركية.
العصا والجزرة
يقول مسؤولون أمريكيون إن تلك السياسات المتعارضة من الولايات المتحدة، تهدف بشكل أساسي إلى ضمان دفاع الاحتلال عن نفسه وفي نفس الوقت الدعوة إلى حماية المدنيين من تداعيات الحرب في غزة.
ويقول المسؤولون إن تلك السياسة تضمن مشاركة الإدارة الأمريكية في صنع القرار الإسرائيلي، على الرغم من احتمال خروج بايدن من منصبه.
ولكن الاحتلال لم يستجب للكثير من النصائح الأمريكية، وهو ما وضع إدارة بايدن تحت ضغوط كبيرة من الليبراليين الذين كانوا يدعون لاستخدام واشنطن قوتها في كبح جماح تل أبيب.
يقول الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، إن مبدأ “العصا والجزرة” الذي تتعامل معه السياسة الأمريكية، يعني أنها تتصرف الآن بوضوح رغم عدم نشاطها الكبير.
واستبعد ميلر أن تلجأ الولايات المتحدة لمنع المساعدات العسكرية عن إسرائيل إذا ما صعّدت من صراعها مع إيران، ولن يكون هناك قيود أو شروط على تلك المساعدات، بحسب قوله.
الرسالة الأمريكية
وفق ما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، للصحفيين يوم الثلاثاء، فإن الرسالة المُرسلة إلى قيادات الاحتلال لا تنطوي على أي تهديد، ولكن الإسرائيليين يأخذونها على محمل الجد.
وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن: “لقد تم استلام الرسالة ويقوم مسؤولون أمنيون إسرائيليون بمراجعتها بدقة”.
كانت سلطات الاحتلال أعلنت يوم الأربعاء الماضي، أن هناك 50 شاحنة مساعدات تم إدخالها عبر الأردن إلى شمال غزة، وهي نتيجة مبكرة محتملة للمطالب الأميركية.
مُهلة لزيادة المساعدات
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة قبل عام، أبدى الرئيس جو بايدن كامل الدعم للاحتلال فيما يصفه بـ “الدفاع عن نفسه” ضد حماس.
ورفض بايدن أكثر من مرة وقف إمداد إسرائيل بالأسلحة، باستثناء القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، وذلك وسط احتجاج الكثير من الديمقراطيين.
وفي أبريل الماضي، طالب بايدن بمزيد من الحماية للمدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، إذ قتلت إسرائيل حتى الآن أكثر من 42 ألف فلسطيني جراء قصف المنازل والأحياء السكنية.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن هذه المطالب الأمريكية ساهمت بشكل كبير في زيادة تدفق المساعدات إلى القطاع.
ويمكن اعتبار الرسالة التي تسلمها الاحتلال يوم الأحد، بأنها الإنذار الأكثر وضوحًا منذ بداية الصراع، إذ أمهلت الإدارة الأمريكية الاحتلال 30 يومًا فقط لإدخال ما لا يقل عن 350 شاحنة مساعدات يوميًا إلى القطاع.
ويعتقد المستشار القانوني في مركز المدنيين في الصراعات، جون رامينج تشابيل، أن تلك المُهلة قد تؤدي في النهاية إلى منع المساعدات الأمريكية عن الاحتلال إذا لم يلتزم بها.
ويرى تشابيل إنها خطوة مهمة نحو التغيير.
ونقلت رويترز عن مسؤولين قولهم إن نتنياهو عقد اجتماعًا يوم الأربعاء الماضي، لبحث زيادة المساعدات قريبًا.
ويقول المسؤولون إن تقديم منظومة الدفاع الصاروخية “ثاد” إلى إسرائيل، كان الهدف منه ضمان امتلاك الولايات المتحدة التأثير على الاحتلال في إدارته للصراع.
ووصف مسؤول دفاعي سابق هذا الانتشار بأنه “تحول جذري”، في ضوء العقيدة الأمنية التي تتبناها إسرائيل منذ فترة طويلة للدفاع عن نفسها بنفسها.
وقال إن الولايات المتحدة تضع مصلحتها في المنطقة نصب أعينها، وهو ما دفعها لنشر قواتها في الأراضي المحتلة، خصوصًا بعد الهجمة الصاروخية الإيرانية قبل أسبوعين.
ترقب حذر
يعيش الشرق الأوسط حاليًا حالة من الترقب الحذر للرد الإسرائيلي على الضربات الصاروخية الإيرانية، والذي أسفر عن اجتياح الاحتلال للبنان.
وحذر بايدن سلطات الاحتلال من تبني خطة تتضمن هجومًا على المنشآت النووية الإيرانية أو المنشآت النفطية.
ويقول مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، توماس كاراكو، إن منظومة الدفاع الصاروخية التي أرسلتها واشنطن إلى تل أبيب، يمكن أن تكون الجزرة في السياسة الأمريكية الحالية.
وأوضح: “لا يمكن أن ترسل أي دولة أصول بمليارات الدولارات دون وجود شروط مسبقة أو منفعة من وراء تلك الخطوة”.
وأشار ميلر إلى أن المهلة الممنوحة لنتنياهو وهي 30 يومًا، تنتهي بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، وهو ما يمنح رئيس وزراء الاحتلال الفرصة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيمتثل للقرارات أم لا.
المصدر: رويترز