أحداث جارية اقتصاد

اقتصاد الاحتلال يتكبد خسائر ضخمة والأسوأ لم يأتِ بعد

اقتصاد الاحتلال يتكبد خسائر ضخمة والأسوأ لم يحدث بعد

بات الاقتصاد الإسرائيلي على المحك وسط تزايد التوقعات باندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، على خلفية الهجمات الإيرانية الأخيرة على الأراضي المحتلة.

وشنت إيران الثلاثاء الماضي هجمة صاروخية بنحو 181 صاروخًا باليستيًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل، ردًا على اغتيال الكيان الصهيوني لزعيم حزب الله حسن نصر الله.

وقبل أسابيع، خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني للاحتلال، بعد مرور ما يقرب من عام على العدوان الذي شنته على غزة.

ولكن حتى نهاية سبتمبر الماضي، كان وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، يتوقع أن اقتصاد دولته المزعومة قادر على الصمود رغم الضغوط التي يعاني منها.

وفي أعقاب يوم واحد فقط من اغتيال نصر الله، قال سموتريش إن اقتصاد الاحتلال يتحمل حاليًا عبء أطول وأغلى حرب في تاريخه، وأنه قادر على جذب الاستثمارات حتى اليوم.

ولكن مع تصاعد الصراع في المنطقة وتعدد الجبهات التي يحارب فيها الاحتلال، من المتوقع أن تتزايد التكاليف الاقتصادية سواء بالنسبة لإسرائيل أو غيرها من بلدان المنطقة.

اقتصاد الاحتلال يتكبد خسائر ضخمة والأسوأ لم يحدث بعد
صراع الشرق الأوسط يلقي بظلاله على اقتصاد الاحتلال.. خسائر ضخمة وتوقعات بتراجع النمو.

كيف تتأثر اقتصادات المنطقة؟

تقول محافظ البنك المركزي الإسرائيلي السابق، كارنيت فلوج، إن طول أمد الصراع الممتد منذ عام تقريبًا يفرض المزيد من الأعباء والضغوط على اقتصاد الاحتلال.

ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإن الحرب تسببت في أزمة اقتصادية وإنسانية في قطاع غزة، بخلاف التدهور الاقتصادي السريع الذي تشهده الضفة الغربية.

من ناحية أخرى، يعاني الاقتصادي اللبناني من انكماش محتمل قد تصل نسبته إلى 5% هذا العام، بسبب الهجمات بين الاحتلال وحزب الله، بحسب تقديرات شركة BMI لأبحاث السوق المملوكة لشركة Fitch Solutions.

وتُشير أحدث تقديرات لمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن اقتصاد الاحتلال قد ينكمش إلى أكثر من المتوقع.

وفي أفضل التقديرات، سينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل هذا العام، بعد أن كان متجاوزًا نظيره في المملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة.

وانخفضت توقعات الخبراء لنمو الاقتصاد في دولة الاحتلال من 3.4% قبل هجوم 7 أكتوبر، إلى 1% أو 1.9% في الوقت الحالي.

ومن المتوقع أيضًا أن يكون النمو في العام المقبل أضعف من التوقعات السابقة.

ولكن البنك المركزي التابع للاحتلال ليس في وضع يسمح له بخفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد لأن التضخم يتسارع، مدفوعًا بارتفاع الأجور وزيادة الإنفاق الحكومي لتمويل الحرب.

أضرار ممتدة”

ذهبت تقديرات الاحتلال في مايو الماضي إلى أن أضرار الحرب ستصل إلى 250 مليار شيكل أي ما يعادل 66 مليار دولار أمريكي حتى نهاية العام المقبل.

وتشمل تلك التكاليف النفقات العسكرية والمدنية، وتوفير مساكن للمستوطنين النازحين من شمال الأراضي المحتلة، وهو رقم يُقدر إجمالًا بـ12% من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذه الأرقام قد تكون قابلة للزيادة في ظل حرب أوسع مع إيران ووكلائها من ناحية والاحتلال من ناحية أخرى.

ولكن سموتريش أعرب عن ثقته في أن اقتصاد الاحتلال سينتعش مرة أخرى بمجرد انتهاء الحرب، وهو ما يستبعده الخبراء إذ يقولون إن تداعيات الحرب ستستمر لفترة أطول حتى بعد انتهاء الصراع.

ولكن التخوف الأكبر، وفق فلوغ، هو أن تضطر حكومة الاحتلال للتضحية ببعض الاستثمارات لتوفير نفقات أكبر للدفاع، وهو من شأنه أن يقلل النمو المحتمل للاقتصاد مستقبلًا.

وهذه النظرة المتشائمة لا تقتصر على محافظة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة فقط، بل يتشارك معها الباحثون في معهد دراسات الأمن القومي.

وبحسب تقرير صادر في أغسطس الماضي، فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيظل في حالة ضعف حتى إذا انسحب جيش الاحتلال من غزة وكذلك حال هدأت الأوضاع على الحدود مع لبنان.

وقالوا: “من المتوقع أن تعاني إسرائيل من أضرار اقتصادية طويلة الأمد بغض النظر عن النتيجة”.

ومن المتوقع أيضًا أن يساهم انخفاض معدلات النمو في جميع السيناريوهات إلى ركود محتمل على غرار ما عاشه الاحتلال بعد حرب أكتوبر 1973.

وما تسبب في تفاقهم حالة الركود الاقتصادي الطويلة التي عاشها الاحتلال بعد حرب أكتوبر 1973، هو زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير.

وبالمثل، فقد يؤدي فرض زيادات ضريبية وتخفيض الإنفاق غير الدفاعي من أجل تمويل الجيش إلى ضرر متوقع على اقتصاد الاحتلال.

اقتصاد الاحتلال يتكبد خسائر ضخمة والأسوأ لم يحدث بعد
صورة تٌظهر المتاجر المغلقة في الأراضي المحتلة

تداعيات ضعف الاقتصاد

قالت فلوغ إن إجراءات مثل تلك من شأنها أن تضعف الشعور بالأمان في نفوس المستوطنين، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الهجرات وخصوصًا بين الفئات الأكثر إبداعًا وابتكارًا.

وأضافت أن هجرة دافعي الضرائب وأصحاب الدخول المرتفعة على نحو كبير، من شأنه أن يزيد من تدهور الوضع المالي لإسرائيل المتضرر بالفعل بسبب الحرب.

وأسفرت الحرب عن رفع الفجوة بين الإنفاق الحكومي والإيرادات إلى 8%، بعد أن كانت 4% قبل الحرب.

وفي ظل هذه الأوضاع سيكون من الصعب أن تعتمد الحكومة على ضرائب الشركات التي ينهار بعضها بالفعل لتعويض تلك الفجوة، خصوصًا وأن توقيت نهاية الحرب غير معلوم.

المصدر: CNN