أحداث جارية

ليلة التوغل البري.. بيروت تحت النار (تقرير شامل)

شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تصعيدًا غير مسبوق في التوترات العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تصاعدت الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلية وحزب الله إلى مستويات تنذر بخطر اندلاع حرب شاملة في المنطقة. يأتي هذا التصعيد في وقت حساس للغاية، حيث تتداخل الأزمات الإقليمية والدولية، مما يضع الشرق الأوسط على حافة مواجهة جديدة قد تمتد آثارها إلى مناطق أخرى. سنقدم في هذا التقرير الشامل تحليلًا مفصلًا عن الأحداث الأخيرة من وجهة نظر الشرق الأوسط، مشيرين إلى العوامل المحركة للتصعيد، والتحركات العسكرية، وردود الفعل الإقليمية والدولية.

التحذيرات للسكان المدنيين في لبنان

في خطوة تعكس تصعيدًا ملحوظًا، أصدرت “قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF)” يوم الاثنين تحذيرًا عاجلًا لسكان الضواحي الجنوبية لبيروت، تشمل أحياء ليلاك، حارة حريك، وبرج البراجنة. طالبت القوات الإسرائيلية السكان بإخلاء منازلهم فورًا والابتعاد عن مناطق الاستهداف بمسافة لا تقل عن 500 متر. وأوضحت القوات أن هذه الأحياء تحتوي على “منشآت ومرافق تابعة لحزب الله”، مما يجعلها أهدافًا عسكرية.

 

يأتي هذا التحذير في سياق استهدافات مستمرة من قبل إسرائيل لمواقع تابعة لحزب الله في لبنان. تلك التحذيرات، وإن كانت موجهة في الأساس لحماية المدنيين، تعكس تصعيدًا ميدانيًا يعزز المخاوف من عملية عسكرية واسعة ضد الحزب في لبنان. واللافت أن هذا التحذير يأتي في وقت تتزايد فيه الغارات الإسرائيلية على مناطق مختلفة في جنوب لبنان، مما يدفع المراقبين إلى التساؤل عن توقيت هجوم بري محتمل.

العمليات العسكرية الإسرائيلية

شهدت الأيام الأخيرة تكثيفًا ملحوظًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، حيث بدأت القوات الإسرائيلية باستخدام وحدات المدفعية الثقيلة.. لقصف مناطق في جنوب لبنان. تمركزت الوحدات المدفعية على مقربة من الحدود، ولم تتوقف عن إطلاق القذائف على مواقع حزب الله في تلك المناطق.

وفقًا لتقارير من مصادر عسكرية، تتواجد حوالي 100 دبابة وآلية عسكرية إسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية، مما يشير إلى أن إسرائيل تستعد لاحتمال تنفيذ عملية عسكرية برية. وبينما لم تعلن إسرائيل رسميًا عن بدء هجوم بري، فإن التحركات العسكرية على الأرض تشير إلى أن هذا الخيار قد يتم تفعيله في أي لحظة.. خصوصًا بعد أن أشارت تقارير أمريكية إلى إمكانية تنفيذ إسرائيل لتوغل بري محدود في جنوب لبنان.

مزاعم وراء الهجمات الإسرائيلية

تأتي هذه التحركات بعد استهداف إسرائيل منشأة لتخزين صواريخ أرض-جو قرب مطار بيروت الدولي. وتزعم القوات الإسرائيلية أن تلك المنشأة تحتوي على صواريخ بمدى يزيد عن 50 كيلومترًا، ما يشكل تهديدًا للأجواء الدولية. كما تؤكد القوات الإسرائيلية أن حزب الله يقوم بإخفاء تلك الصواريخ داخل البنية التحتية المدنية، مما يضع المدنيين في خطر كبير.

ردود فعل حزب الله والاشتباكات المستمرة

من جهته، قام حزب الله بتكثيف هجماته على المواقع الإسرائيلية، حيث أصدر الحزب عدة بيانات يتبنى فيها مسؤولية تنفيذ هجمات ضد القوات الإسرائيلية على الحدود. وفي نفس الوقت، تواصل إسرائيل قصف مواقع الحزب في جنوب لبنان، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين على حد سواء.

وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، قُتل 12 شخصًا على الأقل وأصيب أكثر من 20 آخرين في الهجمات الإسرائيلية يوم الاثنين. بينما ارتفعت حصيلة ضحايا الهجمات يوم الأحد إلى 118 قتيلًا و376 جريحًا. هذا التصعيد يشير إلى أن المواجهة بين الطرفين أصبحت أكثر شراسة، مع احتمالات لتوسع العمليات العسكرية إلى مناطق أخرى في لبنان، وربما خارج حدوده.

الحوثيون يدخلون على خط المواجهة

في تطور آخر يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي، أعلن الحوثيون في اليمن عن تصعيد عملياتهم العسكرية. وذلك ردًا على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع في اليمن، وتحديدًا في مدينتي رأس عيسى والحديدة. وفقًا لتصريحات الحوثيين، استهدفت الغارات مناطق مدنية، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 57 آخرين. تعهد الحوثيون بالرد على هذه “الجريمة” بتصعيد العمليات العسكرية ضد إسرائيل، في خطوة تعكس مدى تعقيد الصراع الإقليمي.

الأمر لا يقتصر على ذلك، فقد أعلن الحوثيون أيضًا عن إسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 Reaper.. وذلك أثناء تنفيذها لمهمة عدائية في الأجواء اليمنية. ويأتي هذا الإعلان بعد أسبوعين فقط من إسقاط الحوثيين لطائرة أخرى من نفس الطراز، مما يشير إلى أن قدرات الحوثيين الدفاعية في تطور مستمر.

التحركات الدولية والضغط الدبلوماسي

على الصعيد الدولي، تتزايد الضغوط الدبلوماسية لتهدئة الوضع في لبنان. رغم تصاعد العمليات العسكرية، دعت الأمم المتحدة إلى تجنب أي تصعيد بري في لبنان. وفي هذا السياق، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه يعارض أي غزو بري إسرائيلي للبنان.. محذرًا من “التداعيات الكارثية” التي قد تنتج عن ذلك على الشعبين اللبناني والإسرائيلي على حد سواء.

كما حذرت قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) من أن تصاعد العنف على الحدود.. يجعلها غير قادرة على تنفيذ دورياتها المعتادة. ويشير مسؤولون في اليونيفيل إلى أن الوضع في المنطقة “مقلق للغاية” مع تزايد المخاوف من حدوث تصعيد غير محسوب.

ماذا قالت الولايات المتحدة حول الوضع في لبنان؟

في الوقت نفسه، تؤكد الولايات المتحدة أنها على اطلاع كامل بالتحركات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن إسرائيل أبلغتها بأنها تقوم بعمليات برية محدودة.. تستهدف البنية التحتية لحزب الله بالقرب من الحدود. وعلى الرغم من تصاعد العمليات العسكرية، فإن الولايات المتحدة -وفقًا لتصريحاتها- تواصل التركيز على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع.. مؤكدة أن أي عملية عسكرية يجب أن تهدف إلى تمهيد الطريق لمفاوضات سلام.

الرد التركي والدعوة إلى تحرك أممي

في خطوة تعكس التوترات الإقليمية المتصاعدة، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمم المتحدة إلى استخدام القوة إذا لم تتوقف إسرائيل عن هجماتها في لبنان وغزة. وأشار أردوغان إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تتحرك.. وذلك بناءً على قرارها الصادر في عام 1950، والذي يسمح باستخدام القوة في حالات الفشل في تحقيق السلام.

كما قامت تركيا بوقف جميع تعاملاتها التجارية مع إسرائيل، وقدمت طلبًا للانضمام إلى دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في المحكمة الدولية. هذا التحرك يشير إلى أن تركيا تتجه نحو اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل، ما يعزز من التوترات الإقليمية ويزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي.

التحضيرات الإسرائيلية لغزو بري

في الوقت الذي تتصاعد فيه العمليات العسكرية، تتزايد المؤشرات على أن إسرائيل تستعد لشن هجوم بري على جنوب لبنان. تشير تقارير أمريكية إلى أن القوات الإسرائيلية بدأت بالفعل في تنفيذ توغلات محدودة على الحدود اللبنانية، مستهدفة مواقع حزب الله. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن هذا التوغل قد يكون أقل حجمًا مما كان مخططًا له في البداية.. بعد مشاورات مع الولايات المتحدة.

الحرب في لبنان ستبدأ قريبا

ومن جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن المرحلة التالية من الحرب ضد حزب الله ستبدأ قريبًا، مشيرًا إلى أن هذه المرحلة تهدف إلى استعادة الأمن للسكان الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بسبب القصف الصاروخي. تأتي هذه التصريحات في وقت قامت فيه إسرائيل بإعلان ثلاث بلدات شمالية، وهي ميتولا، مسغاف عام، وكفار جلعادي، مناطق عسكرية مغلقة.

في النهاية.. أو حتى ظهور نهاية

مع تصاعد التوترات العسكرية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ومع دخول أطراف إقليمية مثل الحوثيين وتركيا على خط المواجهة، يبدو أن الشرق الأوسط يقف على حافة مواجهة جديدة. التصعيد الأخير يضع المنطقة أمام مستقبل مجهول، حيث تتداخل الأزمات المحلية والدولية.. مما يزيد من خطورة الوضع. وبينما تدعو الأمم المتحدة وبعض القوى الكبرى إلى التهدئة.. لا تزال التحركات العسكرية على الأرض تشير إلى احتمال اندلاع صراع طويل الأمد.