منذ توحيدها وإعلانها دولة ذات سيادة وضع الملك المؤسس، عبد العزيز آل سعود، حجر الأساس مع الدول العربية، بمواقف داعمة وعلاقات وطيدة ودور أساسي في حل أي مشكلات تمس أبناء العروبة.. ليستمر على النهج ذاته أبناء وأحفاد آل سعود.
لم تدخر المملكة جهدًا في الدفاع عن الأراضي العربية ونصرة قضاياها والاشتباك مع المحيط الإقليمي والدولي في مختلف الأزمنة وبتعاقب الملوك.. فكيف جاءت مشاركات المملكة وما طبيعة علاقاتها بأبرز القضايا والدول العربية؟
السعودية ومصر.. عمق تاريخي وتعاون إستراتيجي
تأسست العلاقات السعودية المصرية على دعائم صلبة منذ عام 1945 في أول لقاء تاريخي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، بالملك فاروق ملك مصر وقتها.
ازدادت العلاقات متانة وصلابة عامًا بعد عام، وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي عام 1945م وافق الملك عبد العزيز على بروتوكول الإسكندرية، وأعلن انضمامَ المملكة للجامعة العربية، وفي 27 أكتوبر عام 1955 وُقِّعَت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
في أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
كما كان للمملكة الدور العربي الأبرز في حرب أكتوبر 1973، والتي 1973 قادت دول الخليج لوقف تصدير البترول للدول الغربية المتضامنة مع إسرائيل، فضلًا عن تقديم المساعدات العسكرية التي وصلت إلى وجود قوات خليجية حاربت إلى جانب المصرية والسورية في الحرب، لتحرير الأراضي العربية المحتلة.
موقف سعودي ثابت وحاسم تجاه القضية الفلسطينية
كان للملك المؤسس موقف حاسم وواضح تجاه القضية الفلسطينية، توارثه الملوك من بعده، بداية من الملك سعود مرورًا بالملك فيصل، وصولًا إلى الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
يذكر الكاتب الدكتور أحمد حطيط في كتابه الملك عبدالعزيز بن سعود، موقفًا للمؤسس يوضح مدى العناية التي أولاها للقضية الفلسطينية منذ البداية، حينما عرض عليه الرحالة البريطاني هاري سانت جون فيلبي، عرضًا من الحكومة البريطانية يقضي بدفع مبلغ 250 مليون ريال إلى المؤسس، إضافة إلى موافقتها على استقلال جميع الإمارات العربية، باستثناء عدن، وذلك مقابل التخلي عن فلسطين، إلا أن الملك قابل العرض برفض قاطع وحازم، مؤكدًا أن الإمارات العربية ستستقل مهما طال الزمن، أما فلسطين فالتخلي عنها مسألة لا تعوض ولا تُغتفر.
ويشير الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي، عضو هيئة كبار العلماء، في كتابه: (الملك عبدالعزيز آل سعود: أمة في رجل)، إلى أن المؤسس كان حاسمًا بشدة حينما التقى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في عام 1945 فيما يخص القضية الفلسطينية، فقد كان المؤسس مقتنعًا بشدة بالظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني من جراء استيلاء اليهود على أرضهم، وهو ما يتضح من رسائله المتبادلة مع الرئيس الأمريكي.
وجاءت تلك المواقف القوية للمؤسس في الوقت الذي كانت الدولة السعودية الفتية بعد توحيدها في مقتبل المشوار نحو بناء الدولة، وتطويرها، وتثبيت الخطى، إلا أنه لم يتوقف عند ذلك كثيرًا، ويتخذه ذريعة للمداهنة، ولم يذعن، أو يتماهى مع المزاج العالمي وقتها، بل صمد أمام الضغوطات، متشبثًا بفكرته بشأن عروبة فلسطين، وهو الموقف ذاته للمملكة حتى وقتنا هذا في جميع المحافل الدولية والإقليمية.
دور المملكة في تحرير الكويت
عند الغزو العراقي للكويت عام 1990، ما كان من المملكة إلا كل الدعم القوي للكويت وأهلها، معنويًا وعسكريًا.. إذ فتحت أبوابها وحدودها أمام الشعب الكويتي واحتضنت حكومته واستقبلت الكويتيين بحفاوة كبيرة.
قدمت المملكة الدعم والمساعدة بمختلف أشكالها، بالإمدادات الغذائية والماء والرعاية الصحية للكويتيين الذين نزحوا إلى المملكة، وأصدر الملك فهد قرار مجانية الوقود للسيارات الكويتية، ما ترك أثرا كبيرًا في نفوس الكويتيين، وخفف عنهم مصابهم.
لم تكتف المملكة بذلك، حيث قال الملك فهد وقتها مقولته الشهيرة: “إما بقاء الكويت والسعودية معًا أو ذهابهما معًا”.. ليُترجم هذا الموقف بتحرك سعودي سريع، وبدأت بإرسال القوات العسكرية إلى الحدود مع الكويت بعد أن رفض النظام العراقي الانسحاب منها.
قادت المملكة جهود الدول الحليفة لإعادة الشرعية إلى الكويت، وتمكنت من تشكيل تحالف يضم أكثر من 30 دولة، من ضمنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وانخرطت السعودية بكل قوتها في الحملة العسكرية ضد العراق، حتى تمكنت الكويت من تحرير أراضيها من قبضة الاحتلال العراقي عام 1991.