تعد المناظرات بين مرشحي الرئاسة الأمريكية جزءاً لا يتجزأ من العملية الانتخابية، حيث أصبحت ساحة رئيسية للتأثير على الناخبين وتحديد مسار الحملات الانتخابية.
بدأ تقليد المناظرات الرئاسية في العصر الحديث عام 1960، عندما واجه المرشح الديمقراطي جون كينيدي المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون، وكانت هذه المناظرة الأولى التي تُبث على التلفزيون، حيث شاهدها ملايين الأمريكيين وكانت لها تأثير كبير على نتائج الانتخابات.
أصبحت مناظرة 1960 نقطة تحول في الحملات الرئاسية الأمريكية، حيث نجح خلالها كينيدي، الذي كان يظهر بمظهر الشباب والحيوية أن يجذب المشاهدين، في حين بدا نيكسون، الذي كان يعاني من مرض، مرهقاً وغير مستعد.
أدى ذلك إلى انتصار كينيدي في الانتخابات بفارق ضئيل، مما أظهر قوة وتأثير الصورة والإعلام في الانتخابات.
بعد غياب طويل، عادت المناظرات الرئاسية في عام 1976 وأصبحت منذ ذلك الحين حدثاً أساسياً في كل حملة انتخابية.
وعلى مر العقود، شهدت المناظرات لحظات محورية أثرت بشكل مباشر على نتائج الانتخابات، وعلى سبيل المثال، مناظرة عام 1980 بين رونالد ريغان وجيمي كارتر، حيث أثبت ريغان أنه مرشح واثق وقوي، مما ساعده على الفوز بالانتخابات بفارق كبير.
تلعب المناظرات دوراً حاسماً في تشكيل الرأي العام والتأثير على الناخبين الذين لم يقرروا بعد، فهي توفر فرصة للمواطنين لرؤية المرشحين في مواجهة مباشرة، واختبار قدرتهم على القيادة وحل المشاكل تحت الضغط.
وفي العديد من الحالات، كانت المناظرات العامل الحاسم في تغيير مسار الحملات وتوجيه الانتخابات نحو نتيجة معينة.
وظهرت قوة وأهمية المناظرات بين مرشحي الرئاسة الأمريكية عندما اضطر الرئيس الحالي جو بايدن إلى الانسحاب من السباق الانتخابي الذي يقام في نوفمبر المقبل، وذلك بعدما ظهر بأداء باهت وضعيف للغاية أمام منافسه الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب.
حاول بايدن عدم الاهتمام بالمناظرة التي جمعته بترامب إلا أن أنصار الحزب الديمقراطي التي ينتمي إليه بايدن طالبوه بالانسحاب قبل خسارة الانتخابات، وهدد كبار المانحين والمتبرعين للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي بسحب أموالهم، وهو ما أجبر بايدن على افساح الطريق لنائبته كامالا هاريس.
وفي تلك الحالة أثبتت المناظرات أنها عامل أساسي ومؤثر في العملية الانتخابية وأن التفوق خلالها يعني قطع شوطًا كبيرًا في سباق الوصول إلى كرسي البيت الأبيض.
المصدر:
