أعلن الجيش الأوكراني، اليوم الإثنين، سيطرة قواته على نحو 1000 كيلو متر مربع من الأراضي الروسية في أكبر توغل لها عبر الحدود منذ عامين.
وبحسب ما أعلنه القائد أوليكساندر سيرسكي، فإن أوكرانيا بدأت تلك العملية منذ أسبوع، وشنت خلالها هجمات على منطقة كورسك.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا جلبت الحرب للآخرين والآن تعود إلى روسيا.
ووصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين هذا التوغل بأنه “استفزاز كبير”، وأصدر أوامره للقوات الروسية بطرد العدو من أراضيهم.
كيف انعكس الهجوم على روسيا وأوكرانيا؟
وكشف هذا الهجوم الواسع نقاط الضعف التي تعاني منها روسيا، ووجه ضربة مؤلمة للكرملين وسلطت الضوء على فشله في حماية البلاد، خصوصًا وأن الجيش الروسي لا زال تحت أثر الصدمة ولا يعرف كيف يتعامل مع الهجوم المفاجئ.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فكانت الغارة بمثابة دفعة قوية لمعنوياتها التي تراجعت بالفعل خلال الفترة الماضية نقصًا في التسليح والعدد، إلى جانب الهجمات الروسية التي لا تنتهي على الحدود على خط المواجهة الذي يمتد لأكثر من ألف كيلو متر.
وعلى الفور أصدرت روسيا قرارًا بإجلاء عدد كبير من الأشخاص من منطقة غرب روسيا خوفًا على سلامتهم، إلى جانب نقل مخطط لـ 59 ألف شخص آخرين.
وبحسب السلطات الروسية الداخلية، فإن القوات الأوكرانية سيطرت على 28 قرية، وتم قتل 13 مدنيًا، واصفة الوضع بـ “الصعب”.
ماذا حدث؟
كانت القوات الأوكرانية شنت هجومها المفاجئ يوم الثلاثاء الماضي، عبر قوات متمرسة في القتال، وتقدمت مسافة 18 ميلاً (30 كيلومتراً) داخل روسيا.
ويأتي هذا التوغل مختلفًا عن الهجمات السابقة والتي كانت تنفذها مجموعات صغيرة من المتطوعين الروس المناهضين للكرملين الذين يقاتلون إلى جانب القوات الأوكرانية
ووفق مدير العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، ماثيو سافيل، فإن القوات الأوكرانية توغلت إلى مسافة تصل إلى 30 كيلومترًا في بعض الاتجاهات، وبمساحة إجمالية 400 كيلومتر.
وشارك في تلك الهجمات نحو 10 آلاف جندي أوكراني، واستخدموا الأسلحة ولمعدات الغربية في القتال.
واستخدمت القوات الأوكرانية طائرات بدون طيار على نطاق واسع لضرب المركبات العسكرية الروسية ونشرت أصول الحرب الإلكترونية لتشويش الطائرات الروسية بدون طيار وقمع الاتصالات العسكرية.
وبمكن أن تُعزى الإخفاقات الروسية في صد هذا الهجوم إلى انخراط الجزء الأكبر من جيشها في الهجوم على منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، بحيث لم يتبقى سوى عدد قليل من القوات لحماية كورسك الحدودية.
حتى أن القوات التي تواجدت في كورسك كانت ضعيفة وغير مدربة جيدًا على القتال، وبالتالي لم تكن هناك فرصًا كبيرة للصمود أمام الوحدات الأوكرانية المخضرمة، وفق مدونين عسكريين روس.
ولذلك اعتمدت روسيا في البداية على الطائرات الحربية والمروحيات لصد الهجوم، ولكن القوات الأوكرانية تمكنت من إسقاط مروحية روسية واحدة على الأقل وإتلاف أخرى.
وعلى الرغم من إمداد منطقة كورسك بالمزيد من التعزيزات الدفاعية من الجيش ومرتزقة فاغنر، إلا أنها لم تتمكن من إخراج القوات الأوكرانية من سودزا ومناطق أخرى.
وتكبدت القوات الروسية خسائر بشرية وتم أسر البعض منهم، ولكن السلطات الروسية لم تًعلن بشكل مفصل عن خسائره من الجيش.
مصير الحرب
وفي حين أن البعض يُثني على تلك الخطوات المتقدمة للجانب الأوكراني، إلا أن المحللين يقولون إن كييف تجلب لنفسها مخاطر جديدة، وتجازف باستنزاف بعض الوحدات الأكثر كفاءة في أوكرانيا، ويترك القوات في دونيتسك دون تعزيزات حيوية.
ويخشى البعض من أن تلك الهجمات تستفز روسيا وتدفعها لشن هجمات أكبر على السكان المدنيين والبنية الأساسية في أوكرانيا.
ولكن مستشار زيلينسكي، ميخايلو بودولياك، قال الأسبوع الماضي إن مثل هذه العملية من شأنها تحسين موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية مع موسكو.
من ناحيته برى بوتين إن الهجوم هو محاولة من كييف للحصول على نفوذ في محادثات السلام المستقبلية المحتملة، متعهدًا في نفس الوقت أن تحقق روسيا جميع هدافها العسكرية.
وفي حديثه إلى كبار مسؤوليه يوم الاثنين ، تعهد بأن تحقق موسكو جميع أهدافها العسكرية.
وقد يتسبب الهجوم في إجبار الكرملين على تحويل الموارد من منطقة دونيتسك الأوكرانية والتي تعرضت لهجمات قوية.
وإذا تمكنت أوكرانيا من الاحتفاظ ببعض مكاسبها في كورسك، فإن هذا من شأنه أن يعزز موقف كييف في محادثات السلام المستقبلية وقد يسمح لها بمبادلتها بالأراضي الأوكرانية المحتلة من قبل روسيا.
ولكن سافيل يرى أن قدرة أوكرانيا على صد الهجمات الروسية المضادة سيكون صعبًا، خصوصًا في ظل الاحتياطات المحدودة المتاحة لأوكرانيا.