نجحت حماس في استبدال قادتها الذين سقطوا في الغارات الجوية لجيش الاحتلال مرات عديدة، إلا أنها تواجه مجموعة من التحديات في تعيين رئيس جديد للممكتب السياسي لها خلفًا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران، يوم الأربعاء، بينما يستمر العدوان على قطاع غزة.
ورغم التحديات، تقترب الحركة من الكشف عن هوية زعيمها الجديد بعد إزالة بعض العقبات، المتمثلة في شكل السياسة التي تريد تبنيها، في ظل الرغبة في إنهاء الحرب.
مجلس شورى حماس يحسم الأمر
نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن مسؤول في الحركة، أن مجلس شورى حماس، وهو الهيئة الاستشارية الرئيسية، سيجتمع بعد جنازة هنية في قطر، لتسمية رئيس جديد للمكتب السياسي.
وقال هاني المصري، رئيس المركز الفلسطيني للسياسات والأبحاث والدراسات الاستراتيجية، إن الاختيار محتمل بين خالد مشعل، نائب “هنية” والقيادي السابق للحركة، وخليل الحية.
وأضاف المصري أن “الأمر لن يكون الأمر سهلاً، حيث سيكون لزامًا على الزعيم السياسي الجديد لحماس أن يقرر ما إذا كان سيستمر في الخيار العسكري، أو تقديم التنازلات السياسية، وهو خيار غير مرجح في هذه المرحلة”.
وأشار أن “مشعل” يتمتع بخبرة سياسية ودبلوماسية، لكن علاقاته مع إيران وسوريا وحزب الله توترت بسبب دعمه للاحتجاجات العربية في عام 2011، كما ورد أن قادة حزب الله رفضوا مقابلته عندما كان في لبنان عام 2021.
وفي الوقت نفسه، يتمتع مشعل بعلاقات جيدة مع تركيا وقطر، حيث تتمركز الجماعة، ويعتبر شخصية أكثر اعتدالًا.
ويعتقد المحللو أم يحيى السنوار، الذي يقود الحرب في غزة، من غير المرجح أن يدعم قيادة مشعل.
وتذهب الترجيحات إلى أن السنوار سيدعم خليل الحية، والذي يتمتع بعلاقات دولية مهمة وعلاقات جيدة مع الجناح العسكري، وكذلك مع دول المنطقة.
كان الحية أول من علق على اغتيال “هنية”، وقال حينها: “إن مقتل هنية يثبت أن خياراتنا هي الدم والمقاومة، وليس المحادثات أو المفاوضات”.
وقال “المصري” إن المنافس الثالث المحتمل هو نزار أبو رمضان، الذي تحدى السنوار على منصب قائد غزة، ويعتبر مقربًا من مشعل، وموسى أبو مرزوق، نائب مشعل، هو مرشح محتمل آخر.
وقال هيو لوفات، الخبير في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن مقتل “هنية” ومحادثات وقف إطلاق النار المتعثرة من المرجح أن تعزز تحول حماس نحو الاستراتيجيات البعيدة عن الدبلوماسية والسياسة”.
“مشعل” يمثّل الخيار الدبلوماسي
أصبح خالد مشعل معروفًا في جميع أنحاء العالم في عام 1997 بعد أن حقنه عملاء إسرائيليون بالسم في محاولة اغتيال فاشلة في شارع خارج مكتبه في العاصمة الأردنية عمان.
أثارت العملية التي نفذت بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غضب العاهل الأردني آنذاك الملك حسين لدرجة أنه تحدث عن شنق القتلة المحتملين وإلغاء معاهدة السلام بين الأردن والاحتلال ما لم يتم تسليم الترياق.
سلمت إسرائيل الترياق للأردن، ووافقت أيضًا على إطلاق سراح زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين، لتغتاله بعد سبع سنوات في غزة.
أصبح مشعل البالغ من العمر 68 عامًا الزعيم السياسي لحماس في الخارج قبل عام من محاولة إسرائيل القضاء عليه، وهو المنصب الذي مكنه من تمثيل الجماعة الإسلامية الفلسطينية في الاجتماعات مع الحكومات الأجنبية في جميع أنحاء العالم، دون أن يعيقه قيود السفر الإسرائيلية المشددة التي أثرت على الآخرين.
كان مشعل شخصية مركزية في قمة حماس منذ أواخر التسعينيات، على الرغم من أنه عمل في الغالب من منفاه الآمن نسبيًا عندما كان الاحتلال يخطط لاغتيال شخصيات بارزة أخرى في حماس متمركزة في قطاع غزة.
وبعد مقتل ياسين الذي كان مقعدًا على كرسي متحرك في غارة جوية في مارس 2004، اغتالت إسرائيل خليفته عبد العزيز الرنتيسي في غزة بعد شهر من ذلك، وتولى مشعل القيادة العامة لحماس.
يرفض مشعل فكرة التوصل إلى اتفاق سلام دائم مع إسرائيل لكنه قال إن حماس، يمكن أن تقبل بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كحل مؤقت من أجل وقف طويل الأمد لإطلاق النار.
وعاش مشعل معظم حياته خارج الأراضي الفلسطينية. ولد مشعل في سلواد بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية، وانتقل عندما كان صبيا مع عائلته إلى دولة الكويت العربية الخليجية، وهي معقل للمشاعر المؤيدة للفلسطينيين.
ظهر الخلاف بين مشعل وقيادة حماس في غزة بسبب محاولاته تعزيز المصالحة مع الرئيس محمود عباس، الذي يرأس السلطة الفلسطينية.
وأعلن مشعل بعد ذلك أنه يريد التنحي عن منصبه بسبب مثل هذه التوترات، وفي عام 2017 تم استبداله بنائبه في غزة “هنية”، الذي تم انتخابه لرئاسة المكتب السياسي للحركة، والذي يعمل أيضًا في الخارج.
وفي عام 2021، تم انتخاب مشعل لرئاسة مكتب حماس في الخارج.
المصادر