الفضاء بيئة قاسية ويتطلب خروج الإنسان لها تجهيزات وتحضيرات لتهيئة الجسم للتأثيرات التي قد تحدث، ولذلك لا يسلم الرواد مما يُعرف بـ “أمراض الفضاء”.
ويُعد السبب الأول لأمراض الفضاء هو ضعف الجاذبية مقارنة بالأرض، ولذلك عادة ما يُصاب رواد الفضاء بالقيء والصداع والغثيان.
ويرجع ذلك لوجود عضو صغير داخل آذاننا يسمى “الجهاز الدهليزي” وهو مسؤول عن الحفاظ على توازن الجسم.
ويقوم عمل هذا الجهاز تحديدًا على جمع المعلومات الخاصة بالجاذبية والتسارع وإرسال إشارات بها إلى المخ لتنظيم توازن الإنسان، ومع الخروج إلى الفضاء وضعف الجاذبية تتغير تلك المعلومات مما يصيب المخ بالإرباك ومن ثم حدوث أمراض الفضاء.
ولكن تلك الأعراض لا تستمر طويلًا، إذ تبدأ في الاختفاء بمجرد أن يعتاد الشخص على التواجد في الفضاء أي خلال أيام، وبالتالي يضبط الدماغ تفسير المعلومات الدهليزية، وتختلف شدتها من شخص لآخر والبعض لا يختبرها على الإطلاق.
وبمجرد العودة إلى الأرض يبدأ الشخص في الشعور بتأثيرات الجاذبية مرة أخرى وربما يشعر بـ “دوار الجاذبية” وخلل في التوازن، بما يشبه الأعراض التي اختبرها في الفضاء.
تورم الوجه
عادة ما يتورم الوجه عند التواجد في الفضاء، ويعود ذلك أيضًا لانعدام الجاذبية أو ضعفها.
خلال التواجد على الأرض، تقوم الجاذبية بسحب السوائل الموجودة في الجسم إلى الأسفل، وبمجرد الخروج من الكرة الأرضية تختفي الجاذبية وبالتالي تتراكم السوائل في الجزء العلوي من الجسم، ما يسبب تورم الوجه.
كما تتورم الأغشية المخاطية للأنف أيضًا، لذلك غالبًا ما يعاني رواد الفضاء من احتقان الأنف.
ولكن مع مرور الوقت، يبدأ الجسم في التأقلم مع الأوضاع ويختفي تورم الوجه بعد عدة أسابيع.
وربما يعاني رواد الفضاء من عرض آخر عند الرجوع إلى الأرض، وهو انخفاض ضغط الدم الانتصابي.
ويحدث هذ العرض بسبب الجاذبية، فعند التواجد في الفضاء يصل الدم بشكل أسرع من القلب إلى الرأس دون مجهود من القلب، وبمجرد العودة تصبح الجاذبية أقوى ما يتطلب مجهود أكبر من القلب، ولكن وقتها العضلات تكون أضعف ما يسبب دوخة عند الوقوف.
ضعف العضلات والعظام
عند التواجد لفترة طويلة في الفضاء، تبدأ عضلات وعظام الجسم في الضعف، وخصوصًا أسفل الظهر والساقين.
فخلال التواجد على الأرض يستخدم الشخص عظام الساقين وأسفل الظهر دائمًا لمقاومة الجاذبية والثبات على الأرض، ولكن في الفضاء لا حاجة لذلك، لأنه يمكن الحفاظ على وضعية جسم ثابتة في الفضاء دون الحاجة لتحريك الساقين، وبمرور الوقت تضعف العضلات وتقل كتلة العظام.
ولذلك تُجرى حاليًا اختبارات لفهم تأثير الأدوية المتاحة لمنع فقدان العضلات لرواد الفضاء، كما أن الرواد يمارسون الرياضة لمدة ساعتين يوميًا أثناء إقامتهم في محطة الفضاء الدولية.
كثافة أكبر للإشعاعات
على الأرض يساهم الغلاف الجوي في توفير الأكسجين للكائنات الحية وحمايتهم من الأشعة الضارة مثل الفوق بنفسجية التي تضرب الأرض.
ولكن في الفضاء لا يوجد غلاف جوي، وبالتالي يتعرض رائد الفضاء لإشعاعات ذات طاقة أعلى من تلك التي يتعرض لها على الأرض، وهو ما يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان.
هل هناك أمراض أخرى يسببها التواجد في الفضاء؟
قد يسبب التواجد على متن محطة الفضاء الدولية بعض التوترات النفسية، نظرًا لضيق المساحة التي يجب أن يعيش فيها رواد الفضاء وأيضًا الأنشطة المحدودة التي يمكن القيام بها.
من ناحية أخرى قد يضطر الرائد للعيش لمدة تصل إلى أشهر مع رواد فضاء آخرين قادمين من دول مختلفة مثل أمريكا وروسيا وكندا والصين وأوروبا، وهو ما يبرز الاختلاف وحاجز اللغة الذي يضعف التواصل في الكثير من الأحيان.
ولذلك لتقليل الضغوط، يتم توفير بيئة يمكن للرواد فيها التحدث مع أصدقائهم وعائلاتهم خلال التواجد في الفضائي، كما أنه يتم تحسين الطعام الذي يمكن تناوله خارج الأرض.
المصدر: Humans in Space