علوم

دراسة جديدة تكشف سر تباين أطياف التوحد بين الأطفال

يعاني بعض الأطفال من التوحد العميق مدى الحياة، حيث يواجهون تحديات كبيرة في المهارات الاجتماعية واللغوية والمعرفية، بما في ذلك عدم القدرة على الكلام. بينما يظهر آخرون أعراضًا أخف يمكن أن تتحسن مع مرور الوقت. لطالما كان هذا التباين في النتائج لغزًا أمام العلماء، حتى الآن. فقد كشفت دراسة جديدة، نُشرت في مجلة Molecular Autism من قبل باحثين في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، عن الأسباب البيولوجية لهذا التباين والتي تتطور في الأسابيع والأشهر الأولى من نمو الجنين.

تفاصيل الدراسة

قام الباحثون باستخدام خلايا جذعية مستحثة (iPSCs) مأخوذة من عينات دم لـ 10 أطفال يعانون من التوحد و6 أطفال طبيعيين من نفس العمر. تم إعادة برمجة هذه الخلايا لتتحول إلى أي نوع من الخلايا البشرية، واستخدمت لإنشاء نماذج مصغرة لقشرة الدماغ (BCOs) تمثل قشرة الدماغ في الأسابيع الأولى من نمو الجنين. أظهرت الدراسة أن “الأدمغة المصغرة” التي نمت من خلايا الأطفال المصابين بالتوحد كانت أكبر بنسبة 40% تقريبًا من تلك الخاصة بالأطفال الطبيعيين، مما يعكس النمو الذي حدث خلال تطور الجنين لكل طفل.

العلاقة بين نمو الدماغ وشدة التوحد

“وجدنا أن حجم الزيادة في نمو الـBCO خلال التطور الجنيني يتناسب مع شدة أعراض التوحد الاجتماعية لدى الطفل فيما بعد”، يقول إريك كورشين، الباحث الرئيسي في الدراسة والمدير المشارك لمركز التميز في التوحد بجامعة كاليفورنيا سان دييغو. “الأطفال الذين يعانون من التوحد العميق، وهو النوع الأكثر شدة من التوحد، كانوا يمتلكون أكبر زيادة في نمو الـBCO خلال التطور الجنيني. بينما الأطفال الذين يعانون من أعراض توحد اجتماعية خفيفة كان لديهم زيادة طفيفة فقط.”

الآثار والتطبيقات المستقبلية

يضيف كورشين: “الفهم العميق لآلية نمو الدماغ خلال التطور الجنيني يمكن أن يساهم في تطوير أدوات للكشف المبكر عن التوحد وعلاجها”. ويشير إلى أن النتائج توفر رؤى جديدة حول الأسس البيولوجية للتحديات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال المصابون بالتوحد وتوقيت بدايتها.

اكتشافات إضافية

أشار الباحثون أيضًا إلى أن بروتين/إنزيم NDEL1، الذي ينظم نمو الدماغ الجنيني، كان منخفضًا في الـBCOs لدى الأطفال المصابين بالتوحد. كلما كانت تعبيرات NDEL1 أقل، زادت حجم الـBCOs.

تأمل الفرق البحثية الآن في تحديد أسباب جزيئية إضافية لنمو الدماغ الزائد في التوحد، مما قد يقود إلى تطوير علاجات تخفف من التحديات الاجتماعية والفكرية لدى المصابين بهذا الاضطراب.