اقتصاد

315 تريليون دولار.. العالم يصل لمستويات غير مسبوقة من الديون

يشهد العالم حاليًا مستويات غير مسبوقة من الديون وصلت إلى 315 تريليون دولار، وهو مستوى لم نشهده منذ الحروب النابليونية، وفق بروج بريندي.

وخلال العام الجاري، تُقدر إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي بـ 109.2 تريليون دولار، أي ما يزيد قليلًا عن الدين العالمي المذكور.

وبالنظر إلى هذا الرقم من الديون وعدد سكان العالم البالغ 8.1 مليارات شخص، فإذا قمنا بتوزيعه سيكون الدين الخاص بكل شخص قدره 39 ألف دولار.

من أين تأتي الديون؟

يمثل الدين العالمي كل من الاقتراض الأسري والشركات وكذلك الحكومات، إلى جانب الرهون العقارية وبطاقات الائتمان والتي وصلت في بداية 2024 إلى 59.1 تريليون دولار.

وشكلت ديون الشركات المخصصة لتسيير أعمالها ما قدره 164.5 تريليون دولار، ويشكل القطاع المالي وحده 70.4 تريليون دولار من هذا المبلغ.

من ناحية أخرى يوجد الدين الحكومي، والذي تعتمد عليه في تمويل الخدمات والمشروعات العامة دون زيادة الضرائب.

وتشمل مصادر الاقتراض كل من الدول الأخرى والمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ويمكن للدولة أن تجمع الأموال أيضًا من خلال بيع السندات الدين، وهي عملية موجهة بالأساس إلى المستثمرين، وتجني من خلالها الفوائد.

وعلى الرغم من الهالة السيئة المحيطة بكلمة دين، إلا أنه يساهم في دعم حصول الأشخاص على تعليم جيد وتحسين مستواهم المعيشي.

وبالنسبة لعالم الاستثمار، يساعد الدين على توسع الشركات وبدء الناشئة منها، وفيما يخص الحكومة تكون ديونها هي الأكثر إثارة للجدل، ولكنها أيضًا تساعد في بناء الاقتصاد والإنفاق الاجتماعي وتخطي الأزمات.

315 تريليون دولار.. العالم يصل لمستويات غير مسبوقة من الديون
كانت البلدان الناشئة هي السبب الأكبر في زيادة الديون العالمية

هل الدين العام مصطلح حديث؟

تُشير السجلات المكتوبة إلى أن الدين العام كان متواجدًا منذ نحو 2000 عام على الأقل، وكان يُستخدم في إنشاء المدن والولايات والبلدان وأيضًا للتمويل في الحروب.

وتسببت الحروب الشهيرة عبر التاريخ في تراكم الديون على بلدانها كما هو الحال في الحروب النابليونية والحرب الفرنسية والحرب الأهلية الأمريكية في القرن التاسع عشر.

وتُعد الحرب العالمية الثانية هي الأكثر تكلفة في التاريخ، وتسببت في تراكم معدلات عالية من الديون، وكان الدائن الأكبر هو الولايات المتحدة.

وشهد العالم منذ منتصف القرن العشرين 4 موجات رئيسية من الديون التي خنقت دول العالم.

وبدأت المرحلة الأولى في أمريكا اللاتينية، وطال الأمر 16 دولة كانت مضطرة لإعادة هيكلة ديونها.

وكانت الموجة الثانية في بداية القرن الـ21 في جنوب شرق آسيا، وتمركزت الموجة الثالثة في الولايات المتحدة وأوروبا التي كان لها النصيب الأكبر من الديون بين عامي 2007 و2008.

ودخل العالم في الموجة الرابعة منذ عام 2010 وتفاقم الأمر بسبب جائحة كوفيد-19 وتداعياتها، وهو ما ألقى بعبء أكبر على الحكومات لمساعدة الأفراد والشركات لتخفيف أثر الإغلاق.

وفي عام 2020، ارتفع الدين العالمي إلى نحو 256% من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة 28 نقطة مئوية، والتي تمثل أكبر زيادة في الديون خلال عام واحد منذ الحرب العالمية الثانية.

وتشهد الديون ارتفاعًا بسرعة كبيرة منذ عام 2008، مقارنة بقيمة الناتج المحلي الإجمالي.

315 تريليون دولار.. العالم يصل لمستويات غير مسبوقة من الديون
تُعد اليابان والولايات المتحدة من أكبر الاقتصادات المساهمة بأكبر نسبة من الديون العالمية

متى يُعتبر الدين العام عبئًا على الدولة؟

يحدث هذا الأمر عندما تضطر الحكومة للإنفاق على تسديد الديون أكثر مما تنفقه على الخدمات الأساسية لشعبها.

وتُعد زامبيا أكبر مثال على ذلك، ففي عام 2021 شكلت خدمة الدين 39% من ميزانيتها الوطنية.

واضطرت الدولة الأفريقية أن تنفق على سداد تلك الديون بأضعاف ما تنفقه على التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي، بما يقطع الطريق أمام الاستثمارات المستقبلية.

وغالبًا ما يتم احتساب الدين قياسًا على الناتج المحلي الإجمالي، ويُعد مؤشرًا جيدًا على قدرة البلد على إدارة ديونه.

واليابان، رابع أكبر اقتصاد في العالم، هي أيضًا واحدة من أكثر دول العالم مديونية، حيث يتجاوز إجمالي الديون 600٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أن القسم الأعظم من ديون اليابان ديون عامة، إلا أن القطاع المالي كان يتراكم عليها في الأعوام الأخيرة، وليس الحكومة.

مصدر الدين العالمي

تساهم الدول ذات الاقتصادات الكبرى في نحو ثلثي الدين العالمي المقدر بـ315 تريليونات دولار، وتُعد الولايات المتحدة واليابان هما الأكثر مساهمة في هذا المبلغ.

لكن بشكل عام، كانت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناضجة في انخفاض.

وتُقدر مساهمة الأسواق الناشئة في الدين العالمي بنحو 105 تريليونات دولار، مع وجود نسب مرتفعة من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في تلك الأسواق بلغت 257%، وهي السبب الأبرز في تزايد الدين العالمي.

وارتفعت النسبة الإجمالية للديون في تلك البلدان لأول مرة منذ 3 سنوات، وكانت الصين والهند والمكسيك هم أكبر المساهمين.

ويمكن اعتبار أن الموجة الرابعة كانت صاحبة الوتيرة الأعلى في ارتفاع الديون منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يهدد باحتمالية ارتفاع سعر الدولار أو نشوب حرب تجارية تُجبر بعض الدول على التخلف عن السداد.

المصدر: CNBC