لم تمر سوى ساعات بعد موافقة حركة حماس على مقترح قدمته مصر وقطر لوقف إطلاق النار، حتى أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر.
وتأتي تلك الخطوة المفاجئة قبل ساعات من احتضان القاهرة لمباحثات بين وفود من حماس وإسرائيل تهدف إلى إبرام اتفاق هدنة طويل الأمد في القطاع.
كانت حماس أعلنت في وقت متأخر من أمس الإثنين موافقتها على مقترح وقف إطلاق النار، بعد 213 يومًا من الحرب الدائرة بين الطرفين.
شروط “لا تلبي المطالب”
تهدد إسرائيل منذ أسابيع بشن عملية عسكرية على مدينة رفح الجنوبية في القطاع، والتي تزعم إنها المعقل الأخير لآلاف من مقاتلي حركة حماس وكذلك الرهائن، وأن النصر مستحيل دون اجتياحها.
ونفذت قوات الاحتلال هجومها اليوم الثلاثاء على المعبر بعد أن قالت إن شروط اتفاق الهدنة لا تلبي مطالبها، وفق رويترز.
وقالت إسرائيل إنها ملتزمة بتنفيذ عمليتها العسكرية في رفح المتاخمة للحدود المصرية، قائلة إن مجلس الوزراء الحربي التابع لها “قرر بالإجماع” مواصلة العمليات العسكرية، بحسب CNN.
وقال مسؤولون صحيون فلسطينيون إن الدبابات والطائرات الإسرائيلية قصفت عدة مناطق ومنازل في رفح خلال الليل مما أدى إلى مقتل 20 فلسطينيًا وإصابة عدد آخر في غارات أصابت أربعة منازل على الأقل.
ولأن السيطرة على المعبر وإغلاقه تعني منع تدفق المساعدات والتحكم فيها من الجانب الإسرائيلي، فإنه يعني الحكم بالموت على سكان القطاع، وفق وصف الناطق باسم هيئة معبر غزة الحدودي، هشام عدوان.
وتتمركز الدبابات الإسرائيلية على المعبر الذي يُعد الطريق الوحيد لإيصال المساعدات إلى القطاع المتداعي، بحسب المتحدث باسم سلطة الحدود في غزة.
هل تنفذ إسرائيل العملية العسكرية بالكامل؟
كان اتفاق الهدنة هو أمل العديد من سكان رفح وقطاع غزة بشكل عام وكذلك أسرى الأسرى الإسرائيليين، إذ عوّل الكثيرون عليه لإنهاء هذا الصراع.
ومن جانبها تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل منذ فترة بهدف إرجاعها عن تنفيذ اجتياح رفح دون وجود خطة واضحة تضمن سلامة المدنيين من المقيمين في القطاع، والتي تقول واشنطن انها لم تطلع عليها بعد.
ولكن إسرائيل قالت إن أغلب المواطنين في رفح تم إجلاؤهم إلى مناطق آمنة بعيدًا عن مناطق العمليات العسكرية.
وأشارت إلى أن عمليتها العسكرية الهدف منها هو ممارسة الضغط العسكري على حماس، لكنها في نفس الوقت سترسل الوفود للمحادثات المنعقدة في القاهرة اليوم.
وكانت إسرائيل طالبت من سكان المدينة التي نزح إليها أكثر من مليون فلسطيني خلال الشهور الماضية، أمس من خلال رسائل ومكالمات هاتفية ومنشورات بالعربية، بإخلاء أماكنهم والاتجاه إلى المناطق الآمنة على بُعد 20 كيلومترًا.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إن مجلس الوزراء الحربي وافق على مواصلة العملية في رفح، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، على موقع التواصل الاجتماعي X، إن نتنياهو يعرض وقف إطلاق النار للخطر بقصف رفح.
وقال مسؤول إسرائيلي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الاقتراح الذي وافقت عليه حماس هو نسخة مخففة من العرض المصري ويتضمن عناصر لا يمكن لإسرائيل قبولها.
وترى إسرائيل أن موافقة حماس على الهدنة هو بمثابة “خدعة” الهدف منها هو تصوير إسرائيل على أنها الجانب الذي يرفض الاتفاق، وفق ما نقلته “سي إن إن” عن مسؤول إسرائيلي.
هل يمكن تحقيق الهدنة؟
وقال مسؤول آخر مطلع على الاتفاق إن حماس وافقت على وقف إطلاق النار المرحلي واتفاق إطلاق سراح الرهائن الذي اقترحته إسرائيل في 27 أبريل مع تغييرات طفيفة فقط لم تؤثر على الأجزاء الرئيسية من الاقتراح.
ويأتي الاتفاق المقترح الذي توسطت فيه قطر ومصر والذي قبلته حماس في 3 مراحل، مدة كل منها 42 يومًا.
وفي المرحلة الأولى يتم الإفراج عن 33 رهينة إسرائيلية ومئات من السجناء الفلسطينيين، إلى جانب إعادة إعمار غزة، بعد فترة طويلة من الهدوء من الجانبين.
وفي المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاقية ستنسحب إسرائيل بالكامل من غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن واشنطن ستناقش رد حماس مع حلفائها في الساعات المقبلة وإن التوصل إلى اتفاق “يمكن تحقيقه تمامًا”.
ومن جانبه قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض: “ما زلنا نعتقد أن التوصل إلى اتفاق هو النتيجة الأفضل على الإطلاق، ليس فقط بالنسبة للرهائن، ولكن بالنسبة للشعب الفلسطيني، ولن نتوقف عن العمل من أجل تحقيق هذه النتيجة”.
وإذا تم الاتفاق على الهدنة ستكون أول توقف لإطلاق النار بعد الهدنة الأولى التي تم فرضها في نوفمبر الماضي، وحررت خلاله حماس نصف الرهائن.
ومنذ ذلك الحين تعثرت كافة الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة جديدة بسبب رفض حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن من دون وعد بإنهاء دائم للصراع، وإصرار إسرائيل على أنها لن تناقش سوى وقف مؤقت.
هل تغير إسرائيل خططها بشأن رفح؟
رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، على سؤال حول ما إذا كان قبول حماس للاتفاق يمكن أن يغير خطط إسرائيل بشأن رفح، قائلًا إن العمليات في غزة مستمرة، ولكن الجيش الإسرائيلي سيواصل التفاوض من أجل الإفراج عن الرهائن.
ويأتي هذا الموقف الإسرائيلي وسط الضغوط التي تعرّض لها نتنياهو من الجناح اليمين المتطرف في ائتلافه لعدم قبول اقتراح وقف إطلاق النار الذي تم طرحه الأسبوع الماضي، والتركيز بدلا من ذلك على تدمير حماس في رفح.
ومن بين المتشددين في الموقف الإسرائيلي كان وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتامار بن غفير، والذي قال إن نتنياهو وعد بمواصلة الحرب واجتياح رفح وأنه لن يتورط في أي صفقات متهورة.
لكن على الجانب الآخر يطالب أسر الرهائن والمعارضين لحكومة نتنياهو بقبول الصفقة والتراجع عن دخول رفح.
وقال بيني غانتس، عضو حكومة الحرب الإسرائيلية، والذي يُنظر إليه على أنه منافس وخليفة محتمل لنتنياهو، إن عودة الرهائن أكثر إلحاحا من دخول رفح.