قد تكون الأنسجة الصناعية بما فيها ملاءات السرير أحد الأسباب وراء الإصابة بالإكزيما كما هو الحال بالنسبة لدخان السجائر والحرائق.
وتُعرف الإكزيما باسم “التهاب الجلد التأتبي” وهو مرض جلدي مزمن يصيب واحدًا من كل 5 أطفال.
وقد وجدت بعض الدراسات أن معدلات الإصابة بالإكزيما في الدول النامية أقل بثلاثين مرة مقارنة بالدول الصناعية.
ومنذ الثورة الصناعية في عام 1760، لم ترتفع معدلات الإصابة الإجمالية بالإكزيما، ولكنها بدأت في الزيادة في عدة دول مثل الولايات المتحدة وفنلندا ودول أخرى.
لماذا ترتفع معدلات الإكزيما؟
يقول العلماء إن هناك عدة عوامل قد تكون سببًا وراء تزايد خطر الإصابة بالإكزيما ومنها الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة المصنعة، والتعرض إلى مواد كيميائية مثل المنظفات الصناعية.
ويمكن أن يكون محل السكن أحد الأسباب، إذا كان الشخص يعيش بالقرب من المصانع أو الطرق الرئيسية أو حرائق الغابات.
وقد تأتي التعرضات البيئية أيضًا من داخل المنزل من خلال الطلاء أو البلاستيك أو دخان السجائر أو الأقمشة الاصطناعية مثل الألياف اللدنة والنايلون والبوليستر.
وعلى الرغم من أن الباحثين ركزوا بشكل كبير على علاقة الإكزيما بعلم الوراثة، إلا أن سبب الإصابة في الكثير من الأحيان لا يتعلق بالجينات بقدر ما يتعلق بالبيئة التي عاش فيها الطفل خلال سنواته الأولى.
تلوث الهواء
قام بعض الباحثين بدراسة الأسباب وراء ارتفاع معدلات الإصابة بالإكزيما، وركزوا على المناطق التي تشهد أعلى الإصابات.
وبتحديد الأماكن، لجأ الباحثون إلى قواعد بيانات وكالة حماية البيئة الأمريكية لمعرفة المواد الكيميائية الأكثر شيوعًا في تلك المناطق.
ووجد العلماء أن هناك مركبين يرتبطان بشكل أساسي بتزايد معدل الإصابة بالإكزيما وكذلك أمراض الحساسية التي تتطور معها مثل حساسية الفول السوداني والربو.
المركب الأول هو ثنائي إيزوسيانات الذي جرى تصنيعه في الولايات المتحدة لأول مرة في عام 1970، بغرض إنتاج ألياف لدنة ورغوة غير اللاتكس، والطلاء، والبولي يوريثان.
والمركب الثاني هو الزيلين، وزاد تصنيعه في تلك الفترة أيضًا، إلى جانب زيادة إنتاج البوليستر والمواد الأخرى.
واكتشف العلماء أن الجزء النشط كيميائيًا من جزيئات ثنائي إيزوسيانات والزيلين موجود أيضًا في دخان السجائر وحرائق الغابات.
ومع تزويد السيارات بأجهزة تقنية جديدة بعد عام 1975، بهدف جعل عوادم السيارات المنطلقة في الغلاف الجوي أقل سمية، بات الأيزوسيانات والزيلين من مكونات عوادم السيارات.
وبإجراء تجارب على الفئران بعد تعريضها إلى الإيزوسيانات والزيلين، اكتشف الباحثون ظهور أعراض الإكزيما والحكة والالتهاب بشكل مباشر، من خلال تحفيز المستقبلات المسؤولة عن الحكة والألم والإحساس بالحرارة.
وزاد نشاط المستقبلات أيضًا لدى الفئران التي اتبعت أنظمة غذائية غير صحية، على الرغم من أن مستوى تعريض الفئران لتلك السموم لم يكن واضحًا بما يسمح بمقارنته بنفس المستوى الذي يتعرض له البشر.
علاقة المواد الكيميائية بالإكزيما
بشكل عام، يمتلك كل شخص ملايين من الكائنات الدقيقة التي تعيش على الجلد، وتكون مسؤولة عن إنتاج دهون وزيوت معينة تحمس الجلد وتمنع العدوى.
وفي حين أن الباحثين لا يعلمون كل الطرق التي يمكن بها تعزيز تلك الكائنات، إلا أن العديد من منتجات ترطيب الجلد تحتوي على السيراميد، وهي مجموعة من الدهون التي تلعب دورًا مهمًا في حماية الجلد.
والسيراميد مادة موجودة بالأساس في جلد الإنسان، ويمكن اعتبار كمية هذه المادة خلال الأسابيع القليلة الأولى من الولادة مؤشرًا مهمًا على ما إذا كان الطفل سيصاب بالإكزيما أم لا.
وكلما قل وجود مادة السيراميد على بشرته، زاد احتمال إصابته بالإكزيما.
ولتوضيح تأثير السموم والمركبات الكيميائية الضارة على بكتيريا إنتاج السيراميد والدهون، قام الباحثون بتعريضها إلى الأيزوسيانات والزيلين، من خلال جلد طيور الكناري في مناجم الفحم.
وحاول العلماء استخدام نسب من المواد الضارة تحاكي تلك التي يتعرض لها الإنسان في العالم الحقيقي، مثل المستويات القياسية الصادرة من المصنع أو أبخرة غراء البولي يوريثين من متجر الأجهزة.
ووجد الباحثون أن تعرض تلك البكتيريا للإيزوسيانات أو الزيلين دفعها إلى التوقف عن صنع السيراميد وفي المقابل إنتاج الأحماض الأمينية مثل الليسين.
ويساعد اللايسين على حماية البكتيريا من أضرار السموم ولكنه لا يوفر الفوائد الصحية للسيراميد.
ولكن ما علاقة ملاءات السرير؟
وجد الباحثون أن البكتيريا الضارة مثل المكورات العنقودية الذهبية تتكاثر على النايلون والألياف اللدنة والبوليستر، ولكنها لا تستطيع البقاء على قيد الحياة على القطن أو الخيزران.
يمكن للبكتيريا التي تساعد في الحفاظ على صحة الجلد أن تعيش على أي قماش، ولكن كما هو الحال مع تلوث الهواء، انخفضت كمية الدهون المفيدة التي تنتجها إلى أقل من نصف المستويات التي تنتجها عندما تنمو على أقمشة مثل القطن.
وهذه التجارب تساعد على معرفة أسباب تراجع البكتريا النافعة على الجلد، وكيف يمكن تعزيزها وحمايتها من المركبات الكيميائية الضارة، وبالتالي حماية الأطفال من أمراض مثل الإكزيما.
المصدر: Livescience