يمتلئ العالم من حولنا بألوان متنوعة، التي يمكننا رؤيتها والتي لا يمكننا رؤيتها، مثل الأشعة فوق البنفسجية، التي تمثل طولًا موجيًا يتجاوز قدرة الكثير من البشر على التمييز، لكن الأمر المدهش أن العديد من الكائنات الحية يمكنها اكتشاف هذه الأطوال الموجية.
وتعتبر أطوال موجات الأشعة فوق البنفسجية أقصر من تلك الموجودة في الطيف المرئي، لكن هل يمكن للبشر رؤيتها؟، تعتمد الإجابة على هذا السؤال على عمر الفرد وما إذا كانت عدسات عينيه تسمح بتصفية الأشعة فوق البنفسجية.
كيف يستجيب الدماغ للضوء المرئي؟
يعمل البصر عن طريق استشعار الضوء في شبكية العين، التي تحتوي على مستقبلات ضوئية تقوم بتحويل الأشعة المستقبلة إلى إشارات ترسل إلى الدماغ عبر العصب البصري، ويقوم الدماغ بتفسير هذه الإشارات على شكل ألوان مختلفة، وهذا يعتمد على الطول الموجي للضوء المستقبل.
ويقول مايكل بوك، عالم الأحياء في جامعة لوند في السويد، أن مخاريط العين البشرية قادرة على اكتشاف بعض الأشعة فوق البنفسجية، على الرغم من أن العدسة تقوم بتصفية هذا النوع من الضوء، حيث تركز على الضوء المرئي لتسهيل الرؤية بشكل أفضل.
تهدف تصفية العدسة إلى حماية العين من ضرر الأشعة فوق البنفسجية، التي قد تؤدي إلى شيخوخة الهياكل في العين وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
تأثير العمر على رؤية الأشعة فوق البنفسجية
أظهرت نتائج دراسة أجريت عام 2018، أن جميع المشاركين في سن الكلية في جامعة جورجيا كانوا قادرين على رؤية ضوء الأشعة فوق البنفسجية عند حوالي 315 نانومترًا.
وأوضح الباحثون أن الضوء ظهر بلون بنفسجي أزرق غير مشبع لدى المشاركين، ويبدو أن هذه القدرة تتراجع تدريجياً مع تقدم العمر، مما يشير إلى أن الشيخوخة تؤثر على قدرة الإنسان على رؤية الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية.
جراحة إزالة المياه البيضاء
يمتلك بعض الأشخاص قدرة أفضل على رؤية الضوء فوق البنفسجي من الآخرين، وفي الماضي كانت جراحة إزالة المياه البيضاء تتضمن إزالة العدسة من العين دون زرع عدسة بديلة، مما سمح للمرضى برؤية الأشعة فوق البنفسجية.
أما الذين ولدوا دون عدسة، يبدو ضوء الأشعة فوق البنفسجية لديهم بألوان مختلفة، وفي الماضي شهد الرسام الانطباعي كلود مونيه تحسنًا في قدرته على رؤية الألوان بعد جراحة إزالة المياه البيضاء التي أجراها في عام 1923، حيث بدأ يلاحظ المزيد من النغمات الزرقاء والأرجوانية في أعماله المستقبلية.
الحيوانات والأشعة فوق البنفسجية
أظهرت دراسات علمية أن العديد من الثدييات مثل الكلاب والقطط والقوارض والرنة لديها القدرة على رؤية الأشعة فوق البنفسجية، بينما يفتقر معظم البالغين إلى هذه القدرة.
كما تنتشر هذه القدرة لدى الكائنات اللافقارية والأسماك والطيور والزواحف والبرمائيات، التي تمتلك مخاريط تمكنها من كشف الأشعة فوق البنفسجية.
وتستخدم الحيوانات الأشعة فوق البنفسجية بشكل واسع في العالم الطبيعي، حيث تستفيد الكائنات البحرية المفترسة منها لرؤية الظلال والأنماط على الفرائس في المياه الضحلة، كما تستخدم الحشرات هذا النوع من الرؤية لاستشعار الأنماط على الزهور والتوجهات في الجو، وتستفيد الطيور من إشارات في نطاق الأشعة فوق البنفسجية للتواصل والعثور على الطعام.
وفي السياق ذاته كشفت دراسة علمية عام 2003 أن أسلاف الفقاريات كانت قادرة على رؤية الضوء فوق البنفسجي بفضل مستقبلات ضوئية مخصصة، تحول هذا التفضيل نحو الأطوال الموجية الأخرى في تطورنا كبشر، ربما بسبب عدم قدرتنا على تحمل الضرر الناتج عن هذا النوع من الضوء أو تأثيره على وضوح الرؤية.