تلقى الجيش الأمريكي ضربة قوية هذا الشهر، حين قُتل ثلاثة من جنوده في غارة انتحارية بطائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة شمال الأردن.
تعتقد الولايات المتحدة أن إيران هي المسؤولة عن هذا الهجوم، وحسب تصريحات كبار مسؤوليها فإن الجيش الأمريكي ينتظر تحديد شكل الرد عليه، فما هي الخيارات المتاحة؟
تجنّب المواجهة
تفضّل بعض الأصوات الفاعلة داخل أمريكا عدم الرد على الهجوم، بحجة أنه لن يكون من المعقول أن تخاطر الولايات المتحدة بالانجرار إلى صراع طويل الأمد آخر في الشرق الأوسط
وقال نائب الكونغرس الديمقراطي سيث مولتون، الذي خدم في العراق كجندي في مشاة البحرية: “الردع صعب؛ لأن الحرب هي الخيار الأسوأ”.
ولكن في حالة عدم الرد، سيُترك الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط في وجه الهجمات الجوية المستمرة التي تلاحق قواعدهم منذ بدأت الحرب في غزة.
كانت هناك ما يقرب من 200 محاولة لشن هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على مواقع أمريكية منذ 7 أكتوبر، وقد فشل معظمها أو تم اعتراضه، لذا يبقى هذا الخيار غير مرجح.
مهاجمة الفصائل المسلّحة بالعراق
يتمثل الرد المحتمل الثاني في تكثيف الضربات الجوية على الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق.
أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق وهي مجموعة انفصلت عن قوات الحشد الشعبي، مسؤوليتها عن غارة الطائرات بدون طيار يوم الأحد الماضي.
وكانت الولايات المتحدة قد شنّت خمس ضربات انتقامية في العراق ردًا على هجمات سابقة شنتها إيران منذ بدء الحرب في غزة، أدت إحداها في 21 يناير إلى إصابة جنديين أمريكيين متمركزين في قاعدة الأسد الجوية في غرب العراق بإصابات خطيرة في الدماغ.
لكن تلك الردود لم تحقق النتائج المرجوة منها، وفقًا لتشارلز ليستر، من معهد دراسات الشرق الأوسط، والذي قال: “لم يتم التأكيد على الردع أبدًا، فكانت التكلفة فقدان ثلاثة من جنودنا”.
وأضاف مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “إذا كنت تريد توجيه ضربة غير تصعيدية ضد النظام في إيران ولكنها أيضًا فعالة ورادعة، فإن بايدن بحاجة إلى القضاء على قواعد الحرس الثوري الإيراني وقتلهم”.
ملاحقة الحرس الثوري الإيراني في سوريا
يعتقد آخرون أن الرد الأكثر فعالية يتمثل في شن ضربات في كل من العراق وسوريا في وقت واحد، مع الجمع بين العمل ضد الحرس الثوري الإيراني في العراق والتحركات ضد مواقع في سوريا تابعة للحرس الثوري الإيراني.
هاجمت الولايات المتحدة مواقع الحرس الثوري الإيراني في سوريا 3 مرات منذ 7 أكتوبر.
وفي 8 نوفمبر، قصفت طائرات القوات الجوية الأمريكية مستودعًا للأسلحة، وبعد أربعة أيام ضربت منشأة تدريب، وتم تنفيذ كلا الضربتين في محافظة دير الزور.
وقال آرون ديفيد ميلر، من مؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي: “تحتاج واشنطن إلى تقليص هذا الهامش وإرسال رسالة أكثر صرامة إلى طهران بشأن قتل الأمريكيين، بتنفيذ هجمات ضد القوات الإيرانية في العراق وسوريا”.
ضرب إيران نفسها
يعد الخيار الأكثر خطورة للانتقام هو الهجوم على إيران نفسها.
حاولت طهران أن تنأى بنفسها عن هجوم يوم الأحد، إذ قال ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية، يوم الاثنين، إن الحكومة الإيرانية لم تصدر أوامر لجماعات المقاومة بضرب قواعد أمريكية.
من جهته، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن “الجماعات المسلحة المتطرفة المدعومة من إيران” هي المسؤولة.
قال مسؤول لـ “بلومبرغ” إن الولايات المتحدة تدرس القيام بعمل سري من شأنه أن يهاجم إيران دون أن تعلن مسؤوليتها عن العملية.
ويُعتقد أن مسار العمل هذا من شأنه أن يبعث برسالة واضحة إلى طهران مع تقليل مخاطر التصعيد وعدم عرقلة المحادثات الهشة مع حماس وإسرائيل بشأن وقف جديد لإطلاق النار.
وقال ماثيو كرونيج، نائب رئيس المجلس الأطلسي، إن الولايات المتحدة يمكنها أيضًا ضرب القواعد البحرية الإيرانية والمواقع النووية والصاروخية، بينما تستهدف كبار الموظفين كما فعلت في عام 2020 عندما اغتيل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في العراق.
ومع ذلك، فإن هذا الانتقام سيؤدي حتمًا إلى رد فعل إيراني، حيث أن مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران يعد أهم شريان نفطي في العالم، حيث يمر عبره أكثر من 20 مليون برميل من النفط الخام كل يوم، و80 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال كل عام، وهو ما يمثل 20% من الإمدادات العالمية لكليهما.
إذا بدأت إيران في مهاجمة السفن في المضيق، أو حتى حاولت حصاره بالكامل، فقد تصبح الحرب إقليمية، وسوف ترتفع أسعار الوقود في جميع أنحاء العالم.
اقرأ أيضًا
المواجهة المباشرة بين أمريكا وإيران.. هل باتت وشيكة؟
هل تواصل أمريكا الانسحاب من الشرق الأوسط بعد الهجوم على قواتها؟