في ظل تصاعد الصراع بين حماس وقوى الاحتلال الإسرائيلية في فلسطين والأعداد الكبيرة من الضحايا التي تُسفر عنها المواجهات يوميًا، قد يكون الوقت غير مناسب للتفكير في الأطراف المستفيدة من هذا النزاع.
ولكن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي خرج ليُعلن أن روسيا مستفيدة بشكل كبير من هذا الصراع الدائر في غزة، قائلًا إن روسيا ترغب في أن تشتعل الحرب في الشرق الأوسط، بهدف تفويض الوحدة العالمية وزيادة الخلافات وتدمير الحريات في أوروبا.
ولكن هل تعكس هذه التصريحات أهداف روسيا حقًا؟
الرد على هذا السؤال جاء ضمن تحليل نشره موقع CEPA، مؤكدًا أن روسيا تحقق بالفعل استفادة من تصعيد الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس بطريقتين أساسيتين.
وتتمثل الطريقة الأولى فيما يقوله المحللون الروس بأن الحرب طويلة الأمد في فلسطين ستشتت انتباه الولايات المتحدة عن أوكرانيا، خصوصًا وأن استمرار الصراع لأسابيع أو أشهر سيجعل الأسلحة تتوجه إلى الشرق الأوسط لمساعدة إسرائيل بدلًا من أوكرانيا.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل، إلا أن المحلل العسكري الروسي بوريس دزيرليفسكي، يقول إن الأسلحة المخصصة لأوكرانيا قد تم إرسالها بالفعل من بولندا إلى إسرائيل.
وتوقع دزيرليفسكي أن يؤدي استمرار حرب غزة إلى استسلام العديد من المناطق في أوكرانيا، بما فيها أوديسا وميكوليف، لروسيا.
أما الطريقة الثانية لاستفادة روسيا تتمثل في أن حرب غزة تمثل لها فرصة جيدة لإعادة إثبات نفسها كقوة مؤثرة في المنطقة، خصوصًا بعد أن انفردت الصين بدور الوساطة في المصالحة بين السعودية وإيران.
دور روسيا في الصرع العربي الإسرائيلي
كانت روسيا أحد اللاعبين الأساسيين في مفاوضات الصراع العربي الإسرائيلي ضمن اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط بجانب الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأمم المتحدة.
وظهرت جهود روسيا خلال الصراع بين قوى الاحتلال الإسرائيلية وحماس في مايو 2021، بعد أن دعت اللجنة الرباعية لعقد اجتماع واقترحت استضافته في موسكو.
وتتبع روسيا نفس قواعد اللعبة خلال الصراع الحالي، وهو ما اتضح في بيان وزارة خارجيتها حينما دعت إلى وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات تهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية.
وألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باللوم في تأجيج الصراع على السياسة الأمريكية، متهمًا إياها بمحاولة “احتكار الصراع” وتجنب الحلول ذات المنفعة المتبادلة.
كما تسعى روسيا للاستفادة من تراجع الثقة في موقف الولايات المتحدة باعتبارها المؤيد الأول لإسرائيل، ومحاولة دفع الكرملين ليظهر في الصورة كراع أساسي لإنهاء الصراع.
تقويض صالح الكرملين
في حين أن روسيا قد تستفيد كثيرًا من استمرار الحرب في غزة، إلا أن اشتعال المنطقة بفتح جبهات جديد للحرب خصوصًا مع انضمام حزب الله في جنوب لبنان إلى المشهد من شأنه أن يضر بمصالح موسكو، بحسب خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمينوف.
كما أن أمن روسيا سيكون عُرضة للتهديدات نظرًا لأن الشرق الأوسط متاخم لها، وهو ما أشار إليه السكرتير الصحفي للكرملين ديمتري بيسكوف، من قبل خلال اشتعال الصراع بين إسرائيل وحماس في 2021.
بالإضافة إلى أن احتمالية اندلاع الصراع بين ميليشيات جبهة الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق وإسرائيل، والذي حدث سابقًا في صيف عام 2019، من شأنه أيضًا أن يؤثر على روسيا والتي تتعامل بشكل دوري مع قوات الحشد الشعبي.
وهذا التحالف مع قوات الحشد الشعبي في حشد الرأي العام العراقي لصالح الغزو الروسي لأوكرانيا، كما تخشى موسكو أن تضطر للاختيار بين حليفتها العسكرية، إيران، وشريكتها غير الرسمية منذ فترة طويلة إسرائيل.
رغم ذلك من المرجح أن تستمر روسيا في تنفيذ دبلوماسيتها المعهودة، مع تشجعيها على استمرار الحرب في غزة إلى أجل غير مسمى.
بينهم دول عربية.. أكثر الدول تلقيًا للمساعدات الأمريكية
حروب الشوارع.. فزاعة الجيوش التي غيرت مجرى الصراعات عبر التاريخ
إخلاء متحف اللوفر وقصر فرساي.. لماذا أعلنت فرنسا حالة التأهب القصوى؟