الجلوس على الأريكة قد يدون مغريًا بالنسبة لبعض الآباء أكثر من اللعب مع أطفالهم بعد يوم شاق في العمل، ولكن دراسة جديدة أظهرت أن الآباء الذين يقضون مع أولادهم وبناتهم وقتًا في التفاعل والقيام بأنشطة ممتعة ينمّون قدرات أطفالهم التعليمية في المدرسة، إذ أظهرت بيانات حوالي 5000 أسرة أن القراءة واللعب والرسم وحتى الغناء مع الأطفال كلها ممارسات ساعدت في تحسن أدائهم الدراسي، الأمهات يمكنهن أيضًا تعزيز قدرات الدراسة لأطفالهن، لكن تأثيرهن يكون أكبر على السلوكيات العاطفية والاجتماعية للصغار.
عقلين أفضل من عقل
الدراسة الجديدة قادتها الدكتورة هيلين نورمان، زميلة الأبحاث في كلية إدارة الأعمال بجامعة ليدز، والتي صرحت أنه “لا تزال الأمهات يفضّلن القيام بالدور الرئيس في الرعاية وتولي معظم شئون الأطفال”، مضيفة أن “مشاركة الآباء بفاعلية في رعاية الأطفال يُزيد احتمالية حصولهم على درجات أفضل في المرحلة الابتدائية”.
النتائج التي توصل لها الفريق لا تعتمد فقط على الحقيقة القائلة “عقلين أفضل من عقل واحد” فيما يتعلق بتربية الطفل، ولكن تقول الدراسة أن الآباء يقدمون شيئًا مختلفًا لنمو الطفل، فهم يتفاعلون مع أطفالهم بطرق مختلفة عن الأمهات، على سبيل المثال، يشارك الآباء بشكل أكبر في النشاط البدني، ما يساعد على تطوير سلوك المخاطرة وحل المشكلات لدى الأطفال، ويمكن أن يكون ذلك عن طريق بناء حصن من الأثاث، أو لعب كرة القدم في الخارج، أو شجار الوسائد.
تفاصيل الدراسة
قام الفريق بتحليل عينة من 4966 أسرة في إنجلترا، مكونة من أبوين وأطفال ، وجميع تلك العائلات لا يزال الوالدين فيها مرتبطين، إذ استبعدت الأسر ذات الوالد الواحد، وأطفال الاسر المطلّقة المقيمون في منزل منفص عن أحد الوالدين، أو الأزواج من نفس الجنس ولديهم أطفال.
البيانات أخذت من دراسة مطلع الألفية (MCS)، التي تتبعت معلومات عن مراحل نمو الأطفال المولودين بين عامي 2000 و 2002، وقاست الدراسة أثر كلا من الوالدين على الأبناء بشكل منفصل، وذلك عند بلوغ الأطفال سن الخامسة ثم السابعة.
تم سؤال كلا الوالدين عن عدد المرات التي شاركوا فيها أطفالهم في أنشطة مختلفة مثل الغناء والرسم والقراءة وسرد القصص واللعب بالألعاب واصطحابهم للعب بالخارج، وكانت إجابة كل سؤال على مقياس يتدرج من (1) “لا على الإطلاق” ويزيد وصولا إلى (6)”كل يوم” ثم قام الباحثون بجمع النتائج ومقارنتها.
النتائج
وجد الفريق أن مشاركة الأب في مرحلة ما قبل المدرسة (عندما يبلغ الطفل ثلاث سنوات) ساهمت في ارتفاع مستوى الأبناء في المدرسة عندما بلوغهم الخامسة من عمرهم، وذلك في مجالات مثل الرياضيات وتعلم القراءة والكتابة والمهارات الحركية، كما ساعدت مشاركة الآباء في سن الخامسة في تحسين نتائج أطفالهم في سن السابعة خلال تقييمات مرحلة التعليم الرئيسية (يشار إليها عادة باسم SATs).
قالت الدكتورة نورمان لـ MailOnline: “لم تكن هناك أنشطة أبوية محددة لها تأثير كبير في كلتا الحالتين” مضيفة أنه “لا يرتبط الأمر بطريقة تفاعل معينة، بقدر ارتباطه بالقيام بكثير من الأنشطة التشاركية المتنوعة والمنتظمة، لكن بالنظر إلى الأنشطة الفردية التي يشارك فيها الأب والأم لاحظنا نمط متكرر فيما يتعلق بالقراءة.”
النتائج أظهرت أن التأثير الإيجابي لمشاركة الأب كانت ملاحظة بوجه عام، بغض النظر عن جنس الطفل وعرقه وعمره، بل وظهر ذلك التأثير في الدراسة والسلوك داخل الأسرة.
وفي الوقت نفسه، كان لمشاركة الأمهات ارتباط قوي بانخفاض اضطرابات السلوك لدى الأطفال وتحسين السلوك الاجتماعي، مثل المهارات الاجتماعية وتقبل المشاركة مع الآخرين.
خلاصة البحث
يرى فريق البحث أن توفير الآباء المشغولون بالعمل لعشرة دقائق فقط يوميا يتفاعلون فيها مع أبنائهم، قد يؤدي لفوائد تعليمية. وكلما زاد الوقت المخصص لذلك كانت النتائج أفضل، لذا يوصي الباحثون الآباء بتخصيص أطول وقت ممكن للمشاركة في الأنشطة التفاعلية مع أطفالهم، خاصة أن التوقعات بأن تتحمل الأمهات المسؤولية الرئيسية عن رعاية الأطفال وتعليمهم ما زالت سائدة في المجتمع الحديث، ويقع اللوم على أصحاب العمل في ذلك، لأنه من غير المرجح أن يبقى الآباء في المنزل، وذلك بسبب قصر إجازة رعاية الطفل، ولأن الأم تتولى الدور الأساسي في الرعاية.
دراسة حديثة تكشف عدد الخلايا في جسم الإنسان
كيف تساعد الأرض القمر على تكوين المياه؟
أحدث تصنيف لأفضل جامعات العالم.. أكسفورد تتصدر وهيمنة أمريكية