أحداث جارية سياسة

غرب أفريقيا تحبس أنفاسها.. هل تشهد حرب نفوذ بين الغرب وروسيا؟

تشهد منطقة غرب أفريقيا تحولات سريعة على المستوى السياسي مؤخرًا، كان آخرها الانقلاب الذي وقع في الغابون صباح اليوم، بعد أن سيطرت مجموعة من كبار الضباط في الجيش على السلطة وأغلقت الحدود وحلت المؤسسات.

وفي نهاية يوليو الماضي، اتخذ قادة عسكريون خطوة مماثلة في النيجر، بعد أن احتجزوا الرئيس محمد بازوم وأعلنوا حظر التجوال وغلق الحدود، وتعطيل العمل في مؤسسات الدولة، وانتهت بإعلان الجنرال عبد الرحمن تشياني، نفسه حاكمًا للبلاد.

ويُعد انقلاب الغابون هو الثامن في المنطقة خلال 3 سنوات، ما يُثير التخوفات من استغلال بعض القوى الغربية مثل فرنسا، وروسيا هذه الأوضاع لتحقيق مكاسب ومصالح، ومن ثم تتحول المنطقة إلى ساحة حرب لتوسيع النفوذ.

غرب أفريقيا

لماذا تهتم فرنسا بغرب أفريقيا؟

كانت أفريقيا بشكل عام على مدار قرون طويلة مطمعًا للقوى الغربية، بغرض الاستفادة من مواردها وأراضيها، بل والبشر المقيمين فيها.

بالنسبة لفرنسا، فهي تتواجد في المنطقة منذ ما يقرب من نصف قرن، وذلك بهدف الاستفادة من الموارد والتصدي للإرهاب، إذ إنها تعتمد على اليورانيوم المستخرج من النيجر في أغلب إمداداتها من الكهرباء.

وفي حين أن فرنسا تمد النيجريين بالرعاية الطبية وتطوير البنية التحتية، إلا أن السكان دائمًا ما يشعرون بعدم الرضا بسبب عدم التوازن في حجم المنفعة المتبادلة، إذ تجني فرنسا الكثير من الأرباح بسبب وجودها هناك.

من ناحية أخرى، وجدت فرنسا سببًا آخرًا للتواجد في غرب أفريقيا تزامنًا مع التطرف الذي شهدته المنطقة في عام 2012 نتيجة للتمرد الذي قادته جماعة الطوارق في مالي.

ولم تتواجد فرنسا هناك من تلقاء نفسها، بل كان بدعوة من الحكومة المالية وجيشها، طلبًا للمساعدة في مواجهة التمرد المسلح.

تواجد روسي

بعد سنوات من الحرب بين الطوارق التي استعانت بتنظيم القاعدة من ناحية وفرنسا من ناحية أخرى، لم يكن أمام الجيش المالي بصحبة الأخيرة سوى أن يقوم بانقلاب للسيطرة على الإرهابيين.

وبالفعل تولت حكومة عسكرية جديدة والتي استعانت بموسكو لمساعدتها في إحكام السيطرة على البلاد، وهو ما دفع الرئيس فلاديمير بوتين لإرسال يده الخفية وهي مجموعة مرتزقة “فاغنر”.

وساهم دعم الحكومة الروسية في حدوث عدة انقلابات في غضون هذه الفترة في كل من غينيا والسودان وبوركينا فاسو.

وبشكل عام، تتجه روسيا مؤخرًا للبحث عن موطئ قدم في منطقة غرب أفريقيا من باب تنويع علاقاتها، ولاقت هذه السياسة الجديدة قبولًا من عدة دول أفريقية بهدف التخلص من السيطرة الغربية.

ويدعم روسيا في هذا الأمر تاريخها الذي يخلو من أي خطوات استعمارية، إلى جانب قوتها الاقتصادية والسياسية التي قد تعود بالنفع على دول غرب أفريقيا من خلال التعاون المشترك.

لماذا قد تنشأ حرب في المنطقة؟

على الرغم من أن روسيا لم يكن لها يد في الانقلاب الذي حدث في النيجر الشهر الماضي واتخذت موقفًا حياديًا منه، إلا أن مؤيدو الانقلاب خرجوا في تظاهرات حاملين العلم الروسي وهاجموا السفارة الفرنسية.

من ناحيتها، هددت 11 دولة مجاورة على علاقة قوية بفرنسا والولايات المتحدة، بغزو النيجر إذا لم يتم إعدة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم، ولكن مالي وبوركينا فاسو الحليفتان لروسيا هددتا بالانضمام للقتال للدفاع عن قادة الانقلاب في النيجر حال حدوث ذلك.

إذا استمر الانقلاب في النيجر وتمسك قادة الانقلاب بالسلطة فستخسر فرنسا تواجدها الأهم في منطقة الساحل الغربي وأفريقيا كافة، خصوصًا وأن معظم الدول الأفريقية الأخرى تكن لها كراهية شعبية بسبب تاريخها الاستعماري في الجزائر وليبيا وتشاد ومالي.

غرب أفريقيا

وسيكون خروج فرنسا من هذا المربع بمثابة ضربة للنفوذ الغربي في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.

كما تخشى الدول الغربية من توسيع النفوذ الروسي في المنطقة بدعم من مجموعة فاغنر التي قد تستغل الاضطرابات في النيجر، خصوصًا وأن هناك تحديات أمنية ضخمة تواجه المنطقة باعتبارها مركز للإرهاب العالمي.

وحال تمكّن موسكو من التواجد في الغرب الأفريقي سيكون لها الاستفادة الكبرى من الموارد الهائلة هناك، وهو ما تسعى فرنسا والولايات المتحدة وحلفاؤهما بشدة إلى منعه.

الأمم المتحدة تكشف عن الاتجار بمئات آلاف الأشخاص وإجبارهم على هذا الفعل
بعد التمرد على “بوتين”.. ما هو مصير فاغنر في الشرق الأوسط وأفريقيا؟
لهذه الأسباب لا تثق القوى المدنية في طرفي الصراع في السودان