عندما يعاني أي شخص من آلام شديدة في البطن ولكن إذا ظهر لديه دم في البراز يذهب الأطباء أولًا إلى وجود مشكلة البواسير، لكن الأمر قد يكون أكثر خطورة فهذه الأعراض قد تكون ناتجة عن شيء أكثر شراسة وهو سرطان القولون والمستقيم في بداياته.
الحالات تتزايد
على الرغم من أن عدد حالات سرطان القولون والمستقيم بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا آخذ في الارتفاع منذ عقود، إلا أنه لا يزال من الممكن التغاضي عن أعراض البالغين الأصغر سنًا ومتوسطي العمر، كما يقول جاياكريشنان، الطبيب في عيادة كليفلاند في أوهايو إن هؤلاء الأشخاص ليسوا في الفئة العمرية التي يميل الأطباء إلى القلق بشأنها.
تلك كانت أيضًا تجربة كريستوفر ليو، طبيب الأورام في مركز السرطان بجامعة كولورادو في أورورا. “على مدى السنوات العشر الأخيرة من مسيرتي المهنية، قيل لجميع مرضاي: “أنت أصغر من أن تصاب بسرطان القولون والمستقيم. لا تقلقوا بشأن ذلك.” وفي حديث ألقاه ليو في اجتماع الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية في شيكاغو في يونيو، أشار إلى أنه بحلول عام 2030، يمكن أن يكون سرطان القولون والمستقيم هو السبب الأول للوفاة بالسرطان لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 49 عامًا.
جمعية السرطان
في عام 2018، قامت جمعية السرطان الأمريكية بتحديث إرشاداتها لتعكس تغير معدل الإصابة بالمرض، إذ يجب أن يبدأ الفحص عند عمر 45 عامًا بدلاً من 50 عامًا، كما توصي المنظمة الآن. إذ يقول يين كاو، عالم وبائيات السرطان في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس إن “ما لا يقل عن 50 بالمائة من الحالات هم تحت سن 45 عامًا”.
لا يعرف العلماء السبب وراء زيادة المرض لدى البالغين الأصغر سنا، لكنهم يبحثون عن إجابات، مما دفع الأبحاث الحديثة للكشف عن بعض الأسباب، على الرغم من أن الصورة لا تزال غامضة.
في هذه الأثناء، يبحث كاو وجاياكريشنان عن طرق للتعرف على المرض في وقت مبكر، قبل أن يصيب أجزاء أخرى من الجسم، إذ حدد الفريق عدة أعراض تحذيرية مرتبطة بالسرطان في بداياته المبكرة، والتي يعد أهمها وجود اختلافات في التمثيل الغذائي عن الشخص العادي.
زيادة ونقصان
كما وجدت الدراسات أن معدل الإصابة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق قد انخفض، ولكن كانت هناك زيادة بنسبة 22 بالمائة في الحالات لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا وفي حين تم تشخيص 59 حالة جديدة من بين كل مليون شاب في بداية تلك الفترة، ارتفع المعدل إلى 72 من كل مليون بحلول النهاية، وتعكس البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع، بما في ذلك كندا وأستراليا والمملكة المتحدة، هذا الارتفاع.
لاحظ العلماء أن الأشخاص الذين ولدوا في الأجيال الأحدث غالبًا هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم مقارنة بالأشخاص الذين ولدوا في الأجيال السابقة، وهو ما يعرف باسم تأثير مجموعة المواليد، ويقول ليو إن هذا يعني أن الشخص الذي يبلغ الأربعين من عمره اليوم يكون أكثر عرضة للخطر من الشخص الذي بلغ الأربعين قبل عقد من الزمن، مما جعل العلماء يتساءلون عن ما هي الأشياء التي يتعرض لها الأفراد الأصغر سنًا والتي يمكن أن تكون مسؤولة عن هذا الخطر؟”
تغيير معدلات السرطان
يقول ليو إن معرفة التاريخ الغذائي للشخص والتعرض البيئي السابق أمر معقد، إذ “يجد الناس صعوبة في تذكر ما أكلوه بالأمس، ناهيك عن حياتهم بأكملها”، وهذا أحد الأسباب التي تجعل صورة سرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة لا تزال غائمة للغاية، واليوم، يبحث العلماء في مجموعة متنوعة من مسببات الأمراض المحتملة، بما في ذلك السمنة، والمضادات الحيوية، وميكروبيوم الأمعاء، وتناول الكحول، والولادة بعملية قيصرية، واتباع نظام غذائي غني باللحوم الحمراء والسكر.
على سبيل المثال، ربط فريق كاو بين شرب المشروبات المحلاة بالسكر وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في المراحل المبكرة لدى النساء . أبلغت مجموعتها وآخرون أيضًا عن وجود صلة بين المرض والأشخاص الذين يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي (والتي يمكن أن تشمل حالات مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون في البطن) وكذلك أولئك الذين يتناولون نظامًا غذائيًا غربيًا، من بين عوامل أخرى.
أشارت فرق أخرى إلى تغيرات في ميكروبيوم الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بالمرض في مرحلة مبكرة، وتشير دراسة أجريت عام 2022 إلى أن المرضى في الغالب لديهم مجتمعًا مختلفًا من ميكروبات الأمعاء، ولكن حتى الآن “لم يتم تحديد أي شيء نهائيًا”، كما تقول كاثي إنج، أخصائية الأورام الطبية في مركز فاندربيلت-إنجرام للسرطان في ناشفيل.
وقد تكون بعض البيانات مربكة تمامًا، إذ ربطت إحدى الدراسات بين استخدام المضادات الحيوية عن طريق الفم وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون وانخفاض خطر الإصابة بسرطان المستقيم، يقول ليو: «حتى في نفس الدراسة، تحصل على إجابتين مختلفتين تمامًا».
أعراض
قبل ما يصل إلى عامين من تشخيصهم، قد يعاني الأشخاص المصابون بالمرض من آلام في البطن ونزيف المستقيم والإسهال وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، حسبما أفاد فريق تساو في مجلة المعهد الوطني للسرطان في مايو.
قام الباحثون بالبحث في بيانات مطالبات التأمين لأكثر من 27000 شخص مصابين بالمرض وبدونه. وكانوا يبحثون عن أنماط في سجلات المرضى، وهي أعراض واضحة موثقة لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا والذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان لاحقًا. وبرزت العلامات الأربع التي حددها فريق تساو لأنها بدت خاصة بالحالات المبكرة، وغالبًا ما تسبق التشخيص بأشهر إلى سنوات. يقول ليو إن فقدان الوزن غير المبرر قد يكون أيضًا أحد الأعراض التي يجب الانتباه إليها.
اكتشاف المرض
ورغم أن معرفة العلامات التحذيرية ورصدها يمكن أن يساعد الناس في التغلب على المرض، وبالإضافة إلى ملاحظة الأعراض المشبوهة، يبحث أطباء آخرون عن طرق مختلفة لاكتشاف السرطان قبل انتشاره. في دراسة أجريت على 170 مريضًا، تركت الأمراض المبكرة والمتوسطة الظهور بصمات استقلابية مختلفة في الدم، حسبما أفاد جاياكريشنان في يونيو في ASCO. ولاحظ فريقه اختلافات في التفاعلات الكيميائية التي تشمل السيترات والحمض الأميني أرجينين لدى الشباب المصابين بالسرطان، وهي نتائج يمكن أن تساعد الأطباء يومًا ما في فحص الأشخاص بحثًا عن المرض، خاصة أنه بحسب جاياكريشنان فإن التمكن من اكتشاف المرض مبكرًا، يجعل من السهولة علاجه بشكل فعال.
هل تساعد النظارات التي تمنع الضوء الأزرق في تخفيف إجهاد العين؟ دراسة تجيب