وفقًا لدراسة جديدة، قد يؤدي العمل بانتظام في غير الورديات النهارية العادية إلى تدهور القدرات الإدراكية والذاكرة، وتستند الدراسة إلى تحليلات متزايدة تكشف عن الطرق التي يؤثر بها العمل بنظام الورديات، وخاصة الورديات الليلية والورديات المتناوبة، على الدماغ والجسم على مر الزمن.
البحث الجديد
تقول دردانة خان، حاملة درجة الدكتوراه وباحثة في جامعة يورك بكندا، والتي قادت البحث الجديد أنه ليس هناك سببًا واحدًا وراء هذا التأثر، فالضغط والحرمان من النوم واضطراب هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم كلها عوامل تؤثر على الدماغ”.
فيما تقدر نسبة البالغين الذين يعملون بنظام الورديات الليلية في الولايات المتحدة بحوالي ربع السكان، أي ما يقرب من 40 مليون شخص، كما ربطت الدراسات السابقة بين العمل بالورديات على المدى الطويل، ومجموعة من مشكلات الصحة بما في ذلك أمراض شرايين القلب واضطرابات نظم القلب غير النمطية والسمنة والسرطان وداء السكري من النوع الثاني.
لفهم أفضل كيف يؤثر جدول عمل غير طبيعي على الدماغ، قامت “خان” وفريقها بتحليل البيانات من الدراسة الطويلة الأمد الكندية للشيخوخة، بما في ذلك نحو 48,000 بالغ في منتصف العمر وكبار السن تتراوح أعمارهم بين 45 و 85 عامًا، ثم قام الفريق بتقييم ما إذا كان كل شخص قد عمل بنظام الورديات في أي وقت من الأوقات؛ وإذا كانوا قد عملوا بنظام الورديات خلال وظيفتهم الأطول، وما إذا كانوا يعملون حاليًا بنظام الورديات.
الورديات الليلية
وجدوا أن حوالي الخُمس من الأشخاص في الدراسة قد عملوا بنظام الورديات في أحد الأوقات. وكان من الأكثر احتمالًا أن يعاني الأشخاص الذين يعملون في الورديات الليلية، سواء في وظيفتهم الحالية أو الوظيفة التي استمروا فيها لأطول فترة زمنية، من إصابة شاملة بتدهور القدرات الإدراكية، بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعملون في الورديات الليلية، سواء في وظيفتهم الحالية أو الوظيفة التي استمروا فيها لفترة طويلة،أما الأشخاص الذين يعملون بنظام الورديات المتناوبة، أي يعملون في بعض الأحيان في الورديات النهارية وفي بعض الأحيان في الورديات الليلية، فقد كانوا أكثر عرضة للاضطراب في الوظيفة التنفيذية، وهي العملية العقلية التي تسمح للأشخاص بالتخطيط وتركيز الانتباه والذاكرة والقدرة على القيام بمهام متعددة في نفس الوقت.
أنماط النوم
ووفقًا لبيث مالو، أستاذة الأعصاب في جامعة فاندربيلت ومديرة قسم النوم في الجامعة، يتأثر الدماغ بشكل رئيس بسبب اضطراب أنماط النوم، حيث يجب على الأشخاص أن يكونوا مستيقظين ويعملون في بعض الليالي ونائمين في ليالي أخرى، إذ يؤدي عدم التزامن مع الساعة البيولوجية للجسم إلى إفراز مواد كيميائية مختلفة في الدماغ، بما في ذلك هرمونات الإجهاد، والتي يمكن أن تؤثر على الذاكرة مع مرور الوقت.
ويمتلك الإنسان ساعة بيولوجية تعمل لمدة 24 ساعة تنظم عددًا من العمليات الفسيولوجية بما في ذلك أنماط النوم، والأكل والهضم، وضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم، وكيفية تنظيم الهرمونات، فيما توضح بيث مالو “الأمر ليس فقط متعلقًا بمدة الورديات وإنما بعدم تزامنها مع الساعة البيولوجية”.
خلايا الدماغ
وفقًا لمالو، يحتاج الناس إلى الحصول على نوم جيد للتفكير بوضوح وللسماح للدماغ بإعادة ضبط نفسه والتخلص من البروتينات السامة التي يمكن أن تتراكم في العضو وتؤثر على الذاكرة، “تأثير العمل بنظام الورديات يتجاوز النوم ليسبب انحرافًا في الساعة البيولوجية”، كما قالت مالو، ووفقًا لـ خان: “يعمل العاملون في الورديات في الوقت الذي تحتاج أجسادنا فيه إلى الراحة، وهو ما يُطلق عليه انعدام تناغم أجسامنا” إذ يستجيب الدماغ للظلام – عند غروب الشمس – عن طريق إعداد الجسم للنوم، يتضمن ذلك إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون يعزز النوم.
عندما يعمل الناس في الليل، فإنهم في كثير من الأحيان يتعرضون للضوء عندما يكون جسمهم على وشك الاستعداد للنوم، وهذا يعطل النمط الطبيعي للساعات البيولوجية، إذ تكون هذه الاضطرابات ضارة للجسم ولها تأثير مباشر على خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى تدهور عصبي، حسبما قالت خان.
اضطراب جدول النوم
عند اضطراب جدول النوم الطبيعي، يتسبب ذلك أيضًا في إفراز الدماغ للبروتينات الالتهابية بمستويات غير طبيعية، وفي حين ينتج الجسم بشكل طبيعي بعض هذه البروتينات الالتهابية، يمكن أن يحفز اضطراب النوم الدماغ على إنتاج الكثير منها، “مما يسبب تأثيرات عصبية سامة على خلايا الدماغ، والتي يمكن أن تؤثر على وظيفة الدماغ”، حسبما قالت خان.
كما يتسبب نقص النوم بشكل طبيعي في زيادة إفراز الكورتيزول، وهو هرمون التوتر في الجسم، خاصة إذا كانت وظيفة شخص مجهدة بالإضافة إلى أنه يعمل بنظام الورديات، مما يزيد من التأثير السلبي للكورتيزول على الدماغ.
كيفية حماية الدماغ
على الرغم من أن الأشخاص العاملين في الليل يبدو أن لديهم مشاكل أكثر في الوظائف الإدراكية مقارنة بأولئك الذين يعملون خلال النهار، أوضحت خان أن وجود جدول غير منتظم يتنقل بين العمل في النهار والعمل في الليل على الأرجح له أكبر تأثير على الوظائف الإدراكية، ولكن “إذا كنت تعمل في ورديات ليلية منتظمة، يمكن لجسدك التكيف”.
بالنسبة للكثيرين، يعتبر العمل بنظام الورديات جزءًا لا يمكن تجنبه من وظيفتهم. تؤكد مالو على أهمية الحصول على قدر كبير من النوم قدر الإمكان، حتى عندما يتطلب جدول الشخص أن يفعل ذلك بشكل متقطع أو خلال النهار، كما أشارت إلى أهمية الالتزام بجدول نوم، أي النوم في نفس الوقت تقريبًا كل يوم.
يجب على جميع العاملين بنظام الورديات أيضًا التركيز على أركان صحة أخرى، مثل تناول نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني بما فيه الكفاية، للمساعدة في التخفيف من بعض التأثيرات الإدراكية والفسيولوجية لجدول النوم المتقلب.
تقول خان: “ليس الجميع قادرًا على النوم خلال النهار”، وتضيف: “ولكن بعد الانتهاء من الورديات الليلية، يجب أن يكون هناك فترة راحة يمكنك خلالها الاسترخاء”.
دراسة جديدة تؤكد: هذا المكون الشائع في الأطعمة خطر على الحوامل
لن تصدق تأثيره.. ماذا يحدث إن توقف الإنسان عن النوم؟
اكتشاف طريقة جديدة لعلاج السرطان اعتمادًا على علم الوراثة