سياسة

الانقلابات العسكرية في أفريقيا.. مسلسل لا ينتهي

يبدو أن أفريقيا عاجزة عن الخروج من دائرة الانقلابات العسكرية التي تشهدها منذ عقود، والتي كان آخرها إبعاد رئيس النيجر، محمد بازوم عن السلطة، أمس الأربعاء، واحتجازه في قصره الرئاسي.

وظهر العقيد أمادو عبد الرحمن من الجيش إلى جانب 9 ضباط آخرين خلال قراءتهم للبيان العسكري للانقلاب، قائلين إن قوات الدفاع والأمن قررت “وضع حد للنظام الذي تعرفه بسبب تدهور الوضع الأمني ​​وسوء الإدارة”.

وعلى أثر هذه الخطوة، تم إغلاق حدود النيجر وإعلان حظر تجول في البلاد، وتم تعطيل العمل في جميع مؤسسات الجمهورية، كما حذر قادة الانقلاب من أي تدخل أجنبي.

تاريخ الانقلابات

منذ أن حصلت دول أفريقيا على استقلالها من الاستعمار الأوروبي في منتصف القرن الماضي، وشهدت هذه البلدان نحو 205 محاولة انقلاب خلال هذه الفترة.

ولكن على مدار العقدين الماضيين شهدت هذه البلدان هدوء نسبي وتراجعت الظاهرة إلى حد ما، إذ وصل معدلها إلى انقلاب وحد كل عام، ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية عادت الظاهرة بقوة مرة أخرى.

وخلال الفترة منذ 2020 وحتى 2022، شهدت القارة 12 محاولة انقلاب عسكري، استطاع ى6 منها تحقيق تغييرات ملموسة على الأرض من تغيير حكومات وغيرها.

كيف يحدث الانقلاب ومتى ينجح؟

يحدث الانقلاب نتيجة لاتفاق مجموعات منظمة عسكرية أو سياسية على الإطاحة بنظام الحكم، وذلك من خلال إقصاء الرئيس والاستيلاء على السلطة لمدة شهر، وهو ما يُعد انقلابًا ناجحًا.

ووفق الخبراء، فحوالي نصف الانقلابات التي شهدتها أفريقيا على مدار العقود الماضية كانت انقلابات ناجحة، وهو اتجاه استمر خلال السنوات الأخيرة.

وحينما تكثر الانقلابات في دولة من الدول، يكون من السهل تكرارها مرارًا بعد ذلك، ويُعد تاريخ الانقلابات في السودان أكبر دليل على ذلك، إذ شهدت 11 محاولة انقلاب في الفترة بين عامي 1958 و1971، فيما تستمر المحاولات حتى الآن.

أبرز الانقلابات الأخيرة في القارة

على مدار العامين الماضيين فقط شهدت القارة 6 انقلابات عسكرية، بما فيهم انقلاب النيجر الأخير.

ووقع أحد الانقلابات الستة في مالي خلال عام مايو 2021، بعد أن استولت مجموعة عسكرية على الحكم، ولم يمر سوى 5 أشهر حتى شهدت السودان انقلاب مماثل.

وفي سبتمير 2021، وقع انقلاب في غينيا كوناكري، ثم آخر في بوركينا فاسو في يناير 2022، وأعقبتهم غينيا بيساو.

وكانت بوركينا فاسو هي صاحبة الحصيلة الأكبر من النقلابات العسكري، بما يُقدر بـ 10 انقلابات كان آخرها في يناير الماضي.

وفي المركز الثاني تأتي أوغندا بـ 6 انقلابات عسكرية منذ أن حصلت على استقلالها عن بريطانيا في 1962، ثم السودان بـ 5 محاولات ناجحة من بين 20 محاولة منذ استقلاله في 1956.

ولكن في دول جنوب أفريقيا كان عدد الانقلابات أقل من نظرائها في الشرق والغرب، إذ شهدت دولة ليسوتو انقلابين على مدار تاريخها، وانقلاب واحد في زيمبابوي في نوفمبر 2017.

لماذا تحدث الانقلابات وما تداعيتها؟

عادة ما تحدث الانقلابات نتيجة للاقتصادات الضعيفة وغير المستقرة، إلى جانب الانفراد بالحكم وعدم مراعة الديمقراطية، إلى جانب ضعف المنظومة الأمنية، وبقاء الحكام في السلطة لفترة طويلة.

وتتسبب الانقلابات في استمرار غياب الأمن بما يهدد باندلاع الحروب الأهلية، بالإضافة إلى تضرر علاقات الدول السياسية والدبلوماسية وتعليق عضويتها في المنظمات العالمية، وعد استقرار الدولة بشكل عام.

ومن الناحية الاقتصادية، تعجز الدول عن الاستفادة بمواردها ويتم تعليق العديد من المساعدات، وتتراجع الاستثمارات، بما يؤدي إلى المزيد من الركود والكساد وارتفاع البطالة وزيادة معدلات الفقر.

القارة السمراء في طريقها للانقسام.. محيط جديد يتشكّل في إفريقيا

مع مصير زعيمهم المجهول.. من سيسيطر على قوات “فاغنر” في إفريقيا؟

لماذا تتزايد مخاوف البنك الدولي من قروض الصين لدول أفريقيا؟