صحة

لماذا ينجذب الأطفال إلى تحديات “تيك توك” القاتلة؟

عندما تم إطلاق تطبيق Tik Tok، كان الهدف الأساسي له هو تقديم محتوى ترفيهي من خلال تصوير بعض مقاطع الفيديو وتزويدها بموسيقى أو أغاني، لكنه سرعان ما تحول إلى ساحة للتنافس المميت.

هذا التنافس هو ما يُطلق عليه “تحدي” وبينما يتمحور البعض منها حول التقليد أو الرقص أو حتى تجريب وصفة طهي، ذهبت أخرى إلى أبعد من ذلك بما تضمنته من مخاطر على المستخدمين.

كان من بين التحديات المنتشرة على المنصة تحدي “Blackout” والذي يحث المشارك على حبس أنفاسه حتى يغيب عن الوعي، بغرض رصد لحظة سريان هرمون الأدرينالين في الدم عندما يعود إلى وعيه.

تحدي آخر بوهو “التمرير”، يقوم فيه المشارك بهز رأسه لمرات متتالية سريعة حتى يفقد وعيه، أو آخر يدفع المشارك إلى تناول بعض الأدوية المخصصة للبرد والحساسية لتجربة شعور الهلوسة، وهي مواد قد تؤدي إلى مشكلات في القلب وقد يصل الأمر إلى غيبوبة.

 

أسباب المخاطرة

يلعب الضغط المجتمعي دورًا كبيرًا في دفع الأطفال للإقدام على التحديات المميتة على تيك توك، انطلاقًا من رغبتهم في الاندماج في الدوائر المحيطة بهم.

ويخشى الأطفال من وصمهم بالجبناء لمجرد رفض تحدي قاتل، ومن ثم نبذهم وعدم قبولهم في أي تجمعات، بحسب مديرة مركز أبحاث علم النفس الإعلامي بجامعة فيلدينغ غراديويت بولاية كاليفورنيا الأمريكية، الدكتورة باميلا راتليدج.

كما تمنح التحديات الأطفال شيئًا للتحدث عنه بين أقرانهم، وتملأ الفراغ الموجود لدى البعض منهم بسبب الإهمال من أسرهم أو المدرسة، وتمنحهم المزيد من الاهتمام.

واتفقت أستاذة الاتصالات بجامعة سيراكوز بالولايات المتحدة، البروفيسورة ماكانا تشوك، مع الرأي السابق قائلة إن إقبال الأطفال والمراهقين على أفعال خطرة مدفوعين ببعض المحيطين بهم هو أمر ليس بجديد.

ولكنها أشارت إلى أن ممارسة التحديات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لها طبيعة خاصة، لأن الأطفال يقومون بهذه السلوكيات وهم بمعزل عن المحيطين، ما يجعلهم في منآي عن أي مساعدة إذا خرج الأمر عن السيطرة.

ومن الناحية العلمية، لا بد من الإشارة إلى أن الجزء المختص بالتفكير العقلاني في الدماغ لا يكتمل نموه إلا ببلوغ سن العشرين، وهو ما يجعل إقدام الأطفال والمراهقين على هذه التحديات مبررًا بشكل كبير.

مقاضاة التطبيق

رفعت بعض الأسر دعاوى قضائية على تيك توك، متهمين إياه بالتسبب في مقتل أطفالهم.

ووفق المحامي من المركز القانوني لضحايا وسائل التواصل الاجتماعي، ماثيو برغمان، الذي يمثل 6 أسر في الدعاوى المرفوعة في الولايات المتحدة، فإنه على الرغم من أن حالات الوفاة بسبب تلك التحديات لا تتعدى كونها واحدًا في المليون، إلا أنها لا تزال رقمًا كبيرًا.

ويقول إن أسرة الطفلة أرياني جايلين أرويو، ذات الـ 9 سنوات، والتي توفيت في فبراير 2021، تعرضت إلى أحد التحديات عبر تطبيق تيك توك، بحد قول والديها.

وقالت الأسرة إن ابنتهم صادفت مقطع فيديو بر صفحة “For You”، وفي حين أن تيك توك لم يصنع المحتوى نفسه، إلا أنه ساهم في ترشيحه لها.

ولم تكن تلك المحاولة الوحيدة لإلقاء اللوم على المنصة في وفاة الأطفال، والذي باء البعض منها بالفشل، وهو ما يتضح في رفض محكمة أمريكية دعوى تتهم تيك توك بالتسبب في وفاة الطفلة نايلة أندرسون التي كانت تبلغ من العمر 10 سنوات.

واعتمدت المحكمة في هذا القرار على المادة 230 من قانون آداب الاتصالات، والتي تنفي أي مسؤولية عن أي منصة أو تطبيق عندما يكون المحتوى من صنع المستخدمين.

كيف رد تيك توك؟

يُعتبر تيك توك واحدًا من بين التطبيقات الأكثر تنزيلًا في العالم، ويحظى بما يزيد عن 500 مليون مستخدم.

ووفق ما نقلته بي بي سي على لسان متحدث رسمي باسم تيك توك، فإن المنصة تبذل الجهود كافة لحظر المحتوى الخطير عن الأطفال والمراهقين، من خلال إعادة توجيه البحث، ووضع شارات على المحتوى، أو حتى إزالة بعض المحتويات غير المرغوب فيها.

وتعمل الشركة على منع محتوى البالغين من الظهور لمن هم أقل من 18 عامًا، وخصوصًا ذلك الذي يظهر عبر صفحة “For You”، مشيرة من خلال موقعها الرسمي إلى أنها تمتلك 40 ألف مراقب على المحتوى يعملون على مدار اليوم.

ولكن البروفيسورة تشوك، التي أجرت أبحاثا حظيت بتقدير على المستوى الدولي في مجال علم النفس الإعلامي، ترى أن عدم تدخل المنصة في صناعة المحتوى المنشور من خلالها، لا ينفي عنها المسؤولية.

وقالت إن شركات التكنولوجيا هي التي أنتجت هذه التطبيقات ويجب أن تقع مسؤولية اختيار المحتوى المنشور من خلالها عليها وليس على المستخدم.

لماذا قد يشكل حظر “تيك توك” خطرًا على الأمن السيبراني والخصوصية بدلًا من حمايتها؟

ضربة جديدة.. لماذا طبقت المملكة المتحدة غرامة بالملايين على تيك توك؟

أين يحظى تيك توك بالشعبية الأكبر لدى البالغين؟