تعرض مستخدمي التقنية، على مدى الأشهر القليلة الماضية، لتحذيرات قوية من أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل “ChatGPT” ستفقدهم القدرة على القيام بمهام عقلية كالتذكر والانتباه، والتي تلزم لإثارة الإبداع وتوليد الأفكار الكبيرة، ولكن هناك رأي مخالف يقول إن تلك التقنيات من شأنها جعل البشر أكثر إبداعًا.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز تفكير البشر بشكل أفضل؟
كتبت شينا ينجار، الأستاذة في كلية كولومبيا للأعمال، ومؤلفة كتاب “فكر بشكل أكبر: كيف تبتكر”، في مقال بموقع “Time”: “على الرغم من أن التقنية الخارقة يمكن أن تكون مخيفة، إلا أنها تمكننا عمومًا من أن نصبح أكثر إبداعًا، وليس أقل”.
وأشارت ينجار، أنه في عام 1997، عندما تغلب برنامج الكمبيوتر “Deep Blue” على لاعب الشطرنج غاري كاسباروف، خشي الكثير من أن يبدأ البشر في التخلي عن السعي وراء إتقان اللعبة لأنهم “لن يكونوا أبدًا بجودة الكمبيوتر”.
وأوضحت ينجار أن العكس هو ما حدث، إذ أدى اعتماد المحاكاة الحاسوبية على نطاق واسع إلى جعل لاعبي الشطرنج البشريين أفضل.
وجدت دراسة حديثة أنه في تلك البلدان التي كان لدى البشر فيها إمكانية الوصول إلى محاكاة مباريات الشطرنج بالكمبيوتر، تحسن أداؤهم كثيرًا.
تدعو ينجار إلى تخيل مستقبل الإبداع في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يمكننا استكشاف مجموعات أكثر من الخيارات أثناء التفكير، واختبارها في وقت قصير.
وتقول: “لن يأتي الذكاء الاصطناعي بالضرورة بأفضل أفكارنا، لكنه سيقلل إلى حد كبير من التكلفة في الوقت والمال والجهد لتوليد أفكار جديدة من خلال الكشف الفوري عن خيارات كثيرة، بينما سيمكننا التخلص بكفاءة من البدائل غير المجدية”.
وتؤكد ينجار أنه “إذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل صحيح، فسوف يساعدنا على إنتاج أفكار ابتكارية أكثر مما نفعل حاليًا”.
أشارت ينجار في مقالها أنها أجرت تجربة حول هذا الموضوع، إذ وجهت طلابها بمحاولة التوصل إلى أكبر عدد ممكن الاستخدامات الممكنة للأعواد الخشبية الصغيرة لتنظيف الأسنان، في جولات تبلغ مدة الواحدة دقيقتين، كاشفة أنهم توصلوا إلى أفكار أكثر خلال الجولة الثانية، ثم أخذت طاقتهم الإبداعية تقلّ.
وتابعت: “عندما سألت ChatGPT، قدّم 50 خيارًا، مثل وخز الأطعمة بها للتأكد من اكتمال نضجها، ومساعدة أصحاب الأعمال اليدوية في نشر الغراء في مساحات ضيقة، وعندما طلبت منه عرض المزيد من الاستخدامات، حدّد 50 خيارًا آخر، ولقدرته على العثور على احتمالات كثيرة، سهّل المهمة وأصبح بإمكان الطلاب توجيه طاقتهم الإبداعية إلى انتقاء أفضل الخيارات، والتي يمكن تطبيقها بالنظر إلى اعتبارات المكان والزمان والسياق”.
كيف يمكن الحصول على أفكار “خارج الصندوق” بمساعدة “ChatGPT”؟
قالت شيناء ينجار إنه يمكن الاستعانة بنماذج الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لاستخراج “الكنوز الخفية” للمعرفة البشرية.
وأوضحت في مقالها، أنه من السهل مثلًا جمع الاستخدامات المحتملة لأعواد تنظيف الأسنان ضمن نفس مجال الاستعلام، فأنا أستخدم النموذج لتحديد الطرق المعروفة حاليًا، ثم أطلب منه جمع الخيارات في أوقات مختلفة، وأماكن مختلفة، وعبر صناعات مختلفة، وهو ما يعد من “التفكير خارج الصندوق”.
وأضافت: “لنفترض أنني مسؤولة تنفيذي في شركة طيران أتطلع إلى تحسين تجربة العملاء في المطار، فيمكنني أن أطلب من ChatGPT توضيح الأساليب المختلفة التي استخدمتها المطارات لتحسين تجربة السفر، مع سرد أمثلة لتجارب أخرى يشعر فيها الناس بالضيق والانزعاج، سواء في المستشفيات أو الاختناقات المرورية أو المحاكم أو البنوك”.
وواصلت: “بالبحث عن الإجراءات التي اتخذت في كل مجال من هذه المجالات لرفع الضيق عن الناس، يمكن استخلاص الأفكار الواعدة، والجمع والاختبار للتوصل إلى نهج إبداعي قد ينجح في المطارات، من خلال الاعتماد على طرق لتجارب مناصرة المرضى وتطبيقها على المسافرين، على سبيل المثال”.
كيف سخرت المملكة الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة لراحة الحجاج؟
لماذا سيخسر الذكاء الاصطناعي حرب الإبداع أمام الذكاء البشري؟
رغم التخوفات العالمية.. صراع أوروبي للسيطرة على الذكاء الاصطناعي