سياسة

ما الذي يمكن توقعه في العلاقات الأمريكية الصينية بعد زيارة “بلينكن”؟

يحيط الترقب بالتطورات التي قد تشهدها العلاقات الأمريكية الصينية، بعد زيارة دبلوماسية لوزير خارجية الأولى، أنتوني بلينكن، إلى بكين، بهدف تهدئة التوترات بين البلدين.

وكانت زيارة بلينكن التي التقى خلالها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لمدة 35 دقيقة، هي أول زيارة لمسؤول أمريكي إلى الصين منذ ما يقرب من خمس سنوات.

كتعليق أولى، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، زيارة بلينكن، بأنها “عمل رائع”، مؤكدًا أن العلاقات تسير على الطريق الصحيح.

وخلال الزيارة التي استمرت لمدة يومين، التقى وزير الخارجية الأمريكي أيضًا مع كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، ووزير الخارجية تشين قانغ.

تقدم ملحوظ!

التقدم الذي أشار إليه بايدن بشكل غير مباشر نتيجة لهذا اللقاء الدبلوماسي، أكده أيضًا الرئيس الصيني خلال مقطع فيديو بثته قناة CCTV الإعلامية الصينية المملوكة للدولة.

وقال خلاله إن الجانبين اتفقا على متابعة التفاهم المشترك الذي توصل إليه مع الرئيس بايدن في “بالي”، مضيفًا أن هناك تقدمًا تم تحقيقه من خلال التوصل إلى نقاط تفاهم مشتركة في بعض القضايا المحددة.

وأشار شي إلى ضرورة أن تحظى البلدان بعلاقات مستقرة، بصفتهما عمالقة الاقتصاد في العالم.

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية المحادثات أن المحادثات كانت “صريحة وموضوعية وبناءة”.

العلاقات المستقبلية

تتجه الأنظار تجاه لقاء ثنائي بين تشي وبايدن في نوفمبر القادم، بناءً على زيارة بلينكن الأخيرة، بهدف فتح خطوط اتصالات بين واشنطن وبكين.

ووفق وزارة الخارجية الأمريكية، فإن بلينكن دعا تشي لزيارة الولايات المتحدة، على أن يتم تحديد الوقت المناسب لاحقًا، وحتى هذا الحين ستظل هناك تفاعلات رفيعة المستوى بين الجانبين.

بحسب ما نقلته شبكة “سي إن بي سي” عن مارك هانا، الزميلة في مؤسسة مجموعة أوراسيا، فإن المحادثات بين بلينكن وتشي كانت إيجابية إلى حد كبير، وذلك وفقًا لتعليقات كلا البلدين.

في أعقاب الزيارة نقلت وسائل إعلام صينية تصريحات للرئيس شي قال فيها إن المنافسة بين القوى الكبرى لم تعد تتماشى مع اتجاهات العصر، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه العالم.

ولكن العضو المنتدب لبرنامج Indo-Pacific في German Marshall Fund، بوني جاسلر، قالت إن هذا التصريح يتنافى مع رغبة البلدين لتحقيق الاستقرار في العلاقات.

وأوضحت أنه لا بد من تقبل المنافسة كدعامة أساسية وسمة مهيمنة على العلاقات بين البلدين، والتي تتطلب إدارة جيدة من قبل الطرفين لمنع انحرافها، وهو ما دعت له الولايات المتحدة أكثر من مرة، وفق جاسلر.

التنافس التكنولوجي

خلال الأشهر الأخيرة، شهدت العلاقات بين بكين وواشنطن توترًا ملحوظًا نتيجة للتنافس التكنولوجي، بعد أن منعت الولايات المتحدة الصين من الوصول إلى تكنولوجيا الرقائق المتقدمة.

ومن جانبها، ردت الصين بحظر مشغلي البنية التحتية الرئيسيين من شراء منتجات شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة ميكرون.

وخلال لقاء بلينكن ووانغ، طلب الأخير من الولايات المتحدة التخلي عن ما يسمى بـ “نظرية التهديد الصيني”، ورفع العقوبات عنها، وإعطائها المزيد من الحرية في تحقيق التطور التكنولوجي.

استمرار التوترات

لم تخلُ زيارة بلينكن من الإِشارة إلى قلق واشنطن من الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها الصين في مضيق تايوان، ولكنه في نفس الوقت أكد على دعم بلاده لسياسة “الصين واحدة” بغرض طمأنة بكين.

وأكد بلينكن أن الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان، ولكنها تسعى لحل سلمي للخلافات مع البلد التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها وتسعى لضمها مرة أخرى.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن شدد على أن واشنطن ستدافع دائمًا عن قيم ومبادئ الأمريكيين، من خلال التطرق إلى ممارسات الصين الاقتصادية غير العادلة، وإجراءاتها الأخيرة ضد الشركات الأمريكية.

ويرى روبرت دالي، مدير معهد كيسنجر في الصين والولايات المتحدة التابع لمركز ويلسون، أن التوترات الجيوسياسية بين البلدين قد تظل قائمة.

ولفت إلى أن اللقاءات الدبلوماسية التي تُجرى جيدة، وكلما زاد عددها كان أفضل، ولكن حتى الآن لا توجد إشارة واضحة من كلا الجانبين على أنهما غيرا من سياستهما تجاه الآخر.

انتكاسة للعلاقات

وفي حين أن البعض يرى إِشارات إيجابية نابعة من زيارة بلينكن، إلا أن الرئيس بايدن تسبب في موجة أخرى من التوترات على وقع تصريح وصف فيه الرئيس الصيني بـ “الديكتاتور”.

وانتقدت الصين تصريحات الرئيس الأمريكي التي جاءت خلال حفل لجمع التبرعات، بعد يوم واحد من ختام زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى بكين.

ووصف المتحدث باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، التصريحات بـ “السخيفة وغير المسؤولة وبأنها استفزاز علني للصين”، معبرًا عن استياء بلاده من حديث بايدن.

وقد تعرقل تصريحات الرئيس الأمريكي الذي يسعى للفوز بولاية أخرى في انتخابات الرئاسة 2024، التهدئات التي استهدفتها رحلة بلينكن إلى الصين، فيما توصف بأنها “انتكاسة” سريعة قد تشهدها العلاقات بين البلدين.

التوتر يتصاعد.. هل تندلع الحرب بين الولايات المتحدة والصين في تايوان؟

صراع النفوذ الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين.. لمن التفوق عسكريًا واقتصاديًا وتقنيًا؟

أمريكا اللاتينية.. ملعب جديد للصراع الصيني الأمريكي والسبب “الليثيوم”