عادة ما تصور الأفلام التي تتناول حياة رواد الفضاء خارج الكوكب، على أن الزمن يمر أبطأ مما هو على سطح الأرض.
وقد تجد نفسك متأثرًا بذلك المشهد في نهاية فيلم Interstellar، عندما يعود البطل وهو رائد فضاء من رحلته العلمية الطويلة، ليجد ابنته التي تركها شابة يافعة قبل شهور، عجوزًا على فراش الموت وحولها العديد من الأحفاد، ليكتشف أن ما مر على الأرض من سنين لم يكن سوى أيام في الفضاء!
ولكن هل حقًا يتغير عمر الإنسان خارج الكوكب؟
لمدة طويلة ظل البشر يؤمنون بأن الزمن هو أحد الثوابت الوحيدة في الحياة، إذ إنه يمر يومًا بعد يوم بنفس الوتيرة.
ولكن باكتشاف ألبرت أينشتاين لنظرية النسبية، في بداية القرن العشرين، تغيرت تلك المفاهيم تمامًا، وأصبح يُنظر للوقت على أنه نسبي وتمخض منها ما يُطلق عليه “الزمكان” الذي يتحكم في الكون بأسره.
وطبقًا للنظرية، فإن تجارب البشر في الزمكان مختلفة، وذلك لأنه ليس مسطحًا، ولكن منحني، ويمكن أن يتشوه بفعل المادة والطاقة.
ولذلك فإن سرعة الشخص وموقعه يترتب عليهما اختلاف في مرور الوقت سواء كان أسرع أو أبطأ من الآخرين في جزء آخر من الزمكان، وبالمثل فإن رواد الفضاء قد يتقدمون في السن بمعدل أبطأ من البشر على الأرض.
تأثير الجاذبية
ويرجع ذلك لما يُطلق عليه تأثيرات تمدد الوقت، والتي تُشير إلى أن قوة الجاذبية بالقرب من الأجسام الضخمة تكون أكبر وبالتالي يتأثر الزمكان، وهو ما يجعل الوقت يمر أبطأ بالقرب من هذه الأجسام.
ويُطلق على هذه الظاهرة اسم “تمدد زمن الجاذبية”، التي تعني بشكل أبسط أنه كلما زادت الجاذبية، كما مر الوقت أبطأ.
وهذه النظرية تفسر السبب وراء مرور الوقت بشكل أبطأ بالقرب من مركز الأرض، ولكن في نفس الوقت هذا التأثير ليس ملحوظًا لهذه الدرجة.
ولذلك لا تفكر في أنه يمكنك العيش داخل قبو حتى تحظى بمزيد من الوقت في عمرك، لأنه بعد حياة كاملة لن يتجاوز مقدار الزيادة التي ستحصل عليها سوى بضع ثوان معدودة، مقارنة بنفس عمرك لو عشت في مكان آخر.
السرعة النسبية
أو تمدد وقت السرعة النسبية، هي العامل الثاني الذي يتحكم في مرور الوقت، ووفقًا لهذا العامل، فإن الوقت يتحرك بشكل أبطأ كلما كانت سرعتك أكبر.
والدليل على ذلك التجربة التي قام بها بعض العلماء، إذ أرسلوا ساعة إلى الفضاء واحتفظوا بنسخة طبق الأصل منها هنا على الأرض، وعند عودة الساعة من رحلتها المدارية، وجدوا أنها متأخرة بقليل عن نظيرتها التي لم تغادر الكوكب.
ويمكن أن يدخل الوقت في دوائر أكثر تعقيدًا عندما يحدث تمدد وقت الجاذبية والتمدد الزمني للسرعة النسبية في نفس الوقت.
ويمكن تبسيط ذلك من خلال النظر إلى رواد الفضاء السبعة الموجودين حاليًا على متن محطة الفضاء الدولية، والتي تُحلق على ارتفاع حوالي 260 ميلًا عن سطح الأرض.
من المفترض أن هذه المسافة تجعل تأثر الرواد في المحطة بالجاذبية الأرضية أضعف من الأشخاص على الأرض، وبالتالي يمر الوقت بشكل أسرع!
ولكن ما يحدث هو أن المحطة الدولية نفسها تدور حول الأرض بسرعة حوالي 5 أميال في الثانية، ولذلك فإن الوقت يمر عليهم أبطأ من الأشخاص الموجودين على الأرض، وبالتالي يتقدمون في العمر بشكل أبطأ.
ولكن هذا الفارق في العمر لن يكون كما صوره فيلم Interstellar بسنوات طويلة، فبعد قضاء ستة أشهر في محطة الفضاء الدولية كمثال، لن تقل أعمار رواد الفضاء إلا بحوالي 0.005 ثانية عنا نحن على الأرض.
السعودية نحو الفضاء.. البداية من رحلة علي القرني وريانة برناوي
هل تسبب مياه الشرب المعبأة أمراض ضغط الدم والتهاب المسالك البولية؟
