تستعد ناسا لإطلاق رحلة جديدة إلى القمر العام المقبل تحت اسم “أرتميس 2″، بعد غياب أكثر من 50 عامًا على إطلاق رحلات استكشافية إلى الفضاء.
وتكتسب رحلات أرتميس أهميتها من أنها ستهبط بأول امرأة وأول شخص أفريقي على سطح القمر، بغرض اكتشاف المزيد عن سطحه باستخدام تقنيات مبتكرة، ومن ثم الاتجاه نحو الخطوة التالية بإرسال رواد فضاء إلى المريخ.
ووفق المدير المساعد في وكالة ناسا لتطوير أنظمة الاستكشاف، جيم فري، فإن مهمة أرتميس 2 “ستأخذ أول مركبة بشرية إلى أبعد مما ذهبت إليه أي مركبة من قبل”، وسوف تقطع 64 ألف كيلومترًا بعد القمر بكبسولة أوريون.
تخطي “أبوللو”
وخلال مهمة “أرتميس 1” حلقت المركبة الفضائية الاستكشافية التابعة لناسا على مسافة 434,500 كيلومتر من الأرض، وهو ما يتجاوز الرقم القياسي الذي سجله طاقم أبولو 13 في عام 1970.
ولأنها كانت رحلة تجريبية، كان طاقم الرحلة عبارة عن عروسة بالحجم البشري، مزودة بأجهزة استشعار لقياس الضغوط والإجهاد والإشعاع المحتمل الذي سيستقبل الطاقم الحقيقي لأرتميس 2 وما بعده.
ومن المقرر أن يطير طاقم رحلة أرتميس 2 على مسافة 102,99 كم، إلى ما وراء الجانب المظلم من القمر، ليصبحوا على بُعد، 370،150 كم من الأرض.
ولكن ليس من المرجح أن تتخطى أرتميس 2 الرقم القياسي الذي حققه طاقم أبوللو وهو 400,171 كيلومترًا، ولكن من المتوقع أن تحقق المهمات أرقامًا قياسية جديدة فيما بعد.
أرتميس 1
كانت ناسا أطلقت رحلة أرتميس 1 في 16 نوفمبر الماضي، بعد عدة تأجيلات بسبب بعض مواطن الخلل وتسريب وقود الهيدروجين.
وتم الإطلاق على صاروخ نظام الإطلاق الفضائي (SLS) والذي على الرغم من أنه أصغر من صاروخ Saturn V، إلا أنه يملك أطول مرحلة صاروخية في العالم تُقدر بـ 64.6 مترًا، ما يجعله أقوى صاروخ تم تصنيعه يبلغ وزنه 8.8 ملايين رطل.
وبالوصول إلى ذروة معدل الطيران، سيُتيح برنامج أرتميس إرسال 4 أشخاص لمدة 30 يومًا، لتتفوق بذلك على جميع عمليات الهبوط السابقة التي لم تتخط مدتها أقل من 4 أيام فقط.
وبخلاف أهداف المهمات السابقة لناسا التي كانت تأتي في إطار سباق القوة واستعراض العضلات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تأتي مهمات أرتميس بأبعاد أخرى تتمثل في وضع أساس للبعثات المستقبلية إلى المريخ.
وشهدت بعض الاستعدادات قبل إطلاق أرتميس 1 تعاون دولي في إجراء تمرين الفحص، وكان من بينها تعاون بين فرق في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا في الولايات المتحدة، ومركز عمليات الفضاء الألماني في مركز التحكم في كولومبوس.
استراتيجية أرتميس
تعتمد استراتيجية رحلات أرتميس على الاستكشاف العلمي، فخلال مهمتها الأولى تم إطلاق 10 أقمار صناعية صغيرة تحتوي على فطر الخميرة، كأول تجربة بيولوجية طويلة الأمد في الفضاء السحيق.
وتم اختيار الخميرة لأنها تحتوي على كائنات دقيقة لها آليات مماثلة للخلايا البشرية، وستسمح بإجراء مزيد من الدراسة حول كيفية تأثير إشعاع الفضاء على الحمض النووي للبشر.
وتساعد هذه التجارب على فهم المخاطر التي من الممكن أن تعترض طريق رواد الفضاء مستقبلًا، بشكل أكبر.
ووفق ناسا فإن هذه التجارب البيولوجية حققت رقمًا قياسيًا لتمديد الحياة من الأرض إلى الفضاء السحيق خلف القمر.
كما شملت التجارب أيضًا اختبار أرتميس 1 للدرع الحراري للمركبة الفضائية “أوريون” للتأكد من قدرته على تحمل درجات حرارة تصل إلى 2760 درجة مئوية (5000 فهرنهايت)، وذلك خلال عودته إلأى الأرض.
وتُعد هذه التجربة من الأمور الحيوية لرحلة أرتميس 2، لأنها ستوفر الحماية لرواد الفضاء الأربعة الذين سيكونون على متن مركبتها عند إطلاقها في مايو 2024.
ومن المقرر أن تدور رحلة أرتميس 2 حول القمر ولكنها لن تهبط على سطحه، وستكون هذه اللحظة التاريخية من نصيب رحلة أرتميس 3.
وقبل أكثر من نصف قرن، تمكن 650 مليون شخص من متابعة الخطوات الأولى لأول شخص يهبط على سطح القمر، وهو ما يثير التساؤل حول عدد الأشخاص الذين سيتابعون الهبوط التالي على القمر مع رحلة أرتميس 3 في ظل الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي.
ناسا تنشر صورة لنجم جديد أكبر من الشمس!