تأتي استضافة السعودية للقمة العربية الطارئة في الرياض، في ظل ظروف استثنائية تعيشها الأمة بشكل خاص والعالم عمومًا، امتدادًا لسياستها ونهجها الذي يقوم على دعم الأشقاء دائمًا، والسعي إلى طرح حلول ناجحة لمختلف القضايا، وتحقيق آمال وتطلعات شعوبها، ويبرز هذا مما تحقق على أرض الواقع من إنجازات، تعبّر عن مدى عمق تلك العلاقات.
المملكة شريك في “تأسيس الوحدة”
يُستدل على موقف المملكة الداعم لوحدة الصف العربي وتضامنه وتكاتفه في مواجهة الأخطار والتحديات والمتغيرات، أنها كانت شريك في تأسيس جامعة الدول العربية.
وقد سعت المملكة لتحقيق هذا الهدف المهم، حيث جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مع الملك فاروق ملك مصر، لقاء في عام 1945، بجبل رضوى شمال غربي المملكة، ليؤكد على دعم بنود إنشاء الجامعة العربية.
وكانت الخطوة الأولى نحو دخول المملكة لمنظمة الجامعة العربية، موافقة الملك عبد العزيز على “بروتوكول الإسكندرية”، ليتم إعلان انضمام المملكة بشكل رسمي إلى الجامعة العربية في 1945.
وأكد الملك عبدالعزيز في إحدى رسائله الخاصة بموضوع الجامعة أن المملكة العربية السعودية تود أن ترى كلمة الدول العربية مجتمعة ومتّفقة على مبادئ وأسس متينة، وأن يتم اتقاء المخاطر والحبائل التي تضر المصلحة العربية، وأن تكون الخطى معقولة ومضبوطة حتى لا تتعرض لما يعوق سيرها ويسد طريقها.
دور قيادي يليق بمكانة المملكة
لطالما كان للمملكة دور محوري في دعم جهود إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدتها وأمنها واستقرارها، ويعيدها إلى محيطها العربي، وقد أثمرت هذه الجهود عن صدور قرار عودة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، بعد غياب دام 12 عامًا، كما قررت المملكة استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في الجمهورية العربية السورية.
وانطلاقًا من دور المملكة القيادي على المستويين العربي والدولي في التعامل مع أزمات المنطقة وعلى رأسها أزمة السودان، استجابت السعودية للطلبات المقدمة من الدول الشقيقة والصديقة لإجلاء رعاياها في جمهورية السودان، ونفذت علميات الإجلاء البحري لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان.
ورغبة في تعزيز الأمن والاستقرار العربي والإقليمي، استضافت مباحثات بين طرفي الصراع في السودان بتنسيق مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ بهدف تجنيب جمهورية السودان الشقيقة مآلات الصراع الحالي، وسعيًا لحقن الدماء.
وقد صدر توجيه من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بتقديم مساعدات متنوعة، إغاثية وإنسانية وطبية، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للسودان عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة “ساهم” لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني حاليًا.
كما عملت المملكة على التواصل مع جميع الأطراف والمكونات اليمنية لحثهم على الحوار بهدف الوصول لاتفاق سياسي شامل يسهم في تحقيق والاستقرار والتنمية في اليمن، بمبادرة طرحها الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في عام 2021.
وتؤكد المملكة دومًا الموقف العربي الثابت تجاه إدانة الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تقوّض حل الأزمة الفلسطينية، وفرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
حجم التبادل الاقتصادي بين المملكة والدول العربية
تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة والدول العربية تطورًا ونموًا، فوفقًا لإحصائيات العام 2021، فقد بلغت صادرات المملكة النفطية إلى مصر 28.9 مليار ريال، وإلى الإمارات 18.9 مليار ريال، والبحرين 17.9 مليار ريال، وجيبوتي 6.12 مليارات ريال، والأردن 4.8 مليارات ريال، واليمن 2.9 مليار ريال، والمغرب 2.5 مليار ريال، والسودان 1.8 مليار ريال، والعراق 0.8 مليار ريال.
كما وصل حجم الصادرات غير النفطية إلى الكويت 0.7 مليار ريال، وعُمان 0.6 مليار ريال، وليبيا 0.03 مليار ريال، ولبنان 0.2 مليار ريال، وقطر 36 مليون ريال، والصومال 4.6 ملايين ريال، وجمهورية القمر المتحدة 1.9 مليون ريال، وموريتانيا 483 ألف ريال، وتونس 413 ألف ريالا.
وعلى جانب آخر، بلغت صادرات المملكة غير النفطية للعام 2021 إلى الإمارات 37.6 مليار ريال، تليها مصر بـ 9.8 مليارات ريال، ثم البحرين 8.4 مليارات ريال، فالأردن 6.9 مليارات ريال، والكويت 6.7 مليارات ريال، واليمن 4.8 مليارات ريال، وعُمان 3.8 مليارات ريال، والعراق 3.05 مليارات ريال.
واستقبلت الجزائر صادرات غير نفطية من المملكة بقيمة 2.67 مليار ريال، والسودان 2.6 مليار ريال، وقطر 2.1 مليار ريال، والمغرب 1.9 مليار ريال، وتونس 1 مليار ريال، وليبيا 0.6 مليار ريال، ولبنان 0.54 مليار ريال، وموريتانيا 0.14 مليار ريال، وجيبوتي 638 مليون ريال، وفلسطين 196 مليون ريال، والصومال 166 مليون ريال، وجمهورية القمر المتحدة 64 ألف ريال.
في المقابل، بلغت واردات المملكة غير النفطية من الدول العربية 40.8 مليار ريال من الإمارات، ومن البحرين 8.3 مليارات ريال، ومصر 7.6 مليارات ريال، وعُمان 6.7 مليارات ريال، والأردن 5 مليارات ريال، والكويت 1.8 مليار ريال، والسودان 1.28 مليار ريال.
كما استوردت المملكة سلع غير نفطية من اليمن بقيمة 0.8 مليار ريال، ومن لبنان بـ 0.59 مليار ريال، وقطر 0.38 مليار ريال، والصومال 0.17 مليار ريال، الجزائر 0.13 مليار ريال، العراق 0.07 مليار ريال، المغرب 0.5 مليار ريال، تونس 0.3 مليار ريال، وجيبوتي 81 مليون ريال، وموريتانيا 0.0007 مليار ريال، وليبيا 0.0003 مليار ريال.
ومن أهم صادرات المملكة إلى الدول العربية الكيماويات والبوليمرات، ومواد البناء، والبتروكيماويات، والتعبئة والتغليف، والآلات الثقيلة والإلكترونيات، والمركبات وقطع الغيار، والمنتجات الاستهلاكية، والمنتجات الغذائية، فيما تعد المنسوجات، والمعادن، والمجوهرات، والأوراق والأخشاب، والمواد الغذائية، من أهم واردات المملكة من تلك الدول.
وبحسب أحدث إحصائيات منصة المساعدات السعودية، نفذت المملكة ممثلة في قطاعاتها المختلفة ذات العلاقة 2667 مشروعًا في الدول العربية بتكلفة إجمالية تخطت 44 مليار دولار.
القوى العاملة العربية في السعودية
وبشأن القوى العاملة العربية في سوق العمل السعودي؛ أوضحت إحصائية لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعام 2022 أن عدد العاملين العرب في المملكة من أعضاء جامعة الدول العربية بلغ نحو 3 ملايين و491 ألف عامل.
ولدى مصر الحصة الأكبر من العاملين الوافدين إلى السعودية بأكثر من 1.25 مليون عامل، تليها اليمن بـ 1.515 مليون، ثم السودان (683 ألف)، وسوريا (82 ألفًا)، والمغرب (44 ألفًا)، وفلسطين (37 ألفًا)، ولبنان (31 ألفًا)، والصومال (22 ألفًا)، وتونس (15 ألفًا)، وموريتانيا (6 آلاف).
تلي ما سبق الجزائر بحوالي 3 آلاف عامل، ثم العراق (1.6 ألف)، وجيبوتي (675)، وجزر القمر (133)، وليبيا (30)، والإمارات (28)، والكويت (26)، والبحرين (19)، وعمان (12)، وقطر (9).
التبادل العلمي بين المملكة والأشقاء العرب
وبناء على إحصائيات وزارة التعليم، يبلغ عدد المبتعثين السعوديين والسعوديات الدارسين في الدول العربية 9 آلاف و245 طالبًا وطالبة، موزعين على النحو التالي: مصر 3320، الكويت 2001، الإمارات 1590، الأردن 1363، البحرين 809، السودان 35، عمان 30، المغرب 29، الجزائر 21، لبنان 20، تونس 16، قطر 11، كما تشرف الوزارة على 3 مدارس هي: المدرسة السعودية في الجزائر، المدرسة السعودية في الرباط، المدرسة السعودية في جيبوتي.
فيما بلغ مجموع الطلبة من دول أعضاء جامعة الدول العربية الدارسين في الجامعات الحكومية السعودية، حسب إحصائية وزارة التعليم للعام الدراسي 2023، 12500 طالب وطالبة، موزعين وفق الآتي: 3842 من اليمن، 1944 من سوريا، 1262 من مصر، 1025 من فلسطين، 901 من السودان، 833 من الأردن، 424 من الصومال، 312 من العراق، 307 من الكويت، 286 من البحرين، 264 من المغرب، 254 من الجزائر، 169 من جزر القمر، 162 من ليبيا، 124 من جيبوتي، 105 من موريتانيا، 92 من لبنان، 88 من تونس، و65 من عُمان، 28 من الإمارات، 13 من قطر.
تبادل ثقافي ومعرفي كبير
لدى المملكة ممثلة بوزارة الثقافة وهيئاتها المختلفة برامج ومبادرات ثقافية مع دول أعضاء جامعة الدول العربية، ومن تلك البرامج التعاون المشترك مع سلطنة عمان، للتوعية بأهمية النمر العربي والمحميات الطبيعية والتنوع الإحيائي وإقامة المؤتمرات والدورات التدريبية المشتركة، وتبادل الأنشطة الثقافية مع وزارة الثقافة والشباب بدولة الإمارات من خلال زيارة المختصين والعاملين في مجال الآثار والمتاحف لموقع مليحة الأثري خلال شهر أكتوبر 2022.
كما تشمل تلك البرامج والمبادرات، تعزيز التعاون في مجال المتاحف مع دولة قطر، والمشاركة في ورش العمل حول آليات ومفاهيم اتفاقية التراث العالمي التي أقامها المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بالبحرين في مارس 2022، كما استعارت المملكة قطعاً أثرية من مجموعة آل صباح الأثرية بدولة الكويت، وعرضها في بينالي الفنون الإسلامية والذي أقيم في صالة الحجاج في جدة في الفترة من يناير إلى مايو 2023م.
واستكمالاً لأوجه التعاون الثقافية؛ اختيرت جمهورية العراق ضيف شرف لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2021، بمشاركة عدد من دُور النشر العراقية في المعرض، كما يعمل البلدان على إعداد مسودة برنامج تنفيذي في مجال التراث؛ بهدف التعاون من أجل تسجيل موقع درب زبيدة أحد طرق الحج القديمة كموقع عابر للحدود في قائمة التراث العالمي بمنظمة “اليونسكو”.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية مصر العربية للتعاون في المجال الثقافي، وذلك على هامش مؤتمر وزراء الثقافة العرب المنعقد في الرياض في ديسمبر 2022، إضافة إلى التعاون القائم بين وزارة الثقافة وأكاديمية الفنون، من خلال برنامج الابتعاث الثقافي.
ونظمت وزارة الثقافة أسبوعًا ثقافيًا سعوديًا في المملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة من 12 إلى 15 سبتمبر 2022، كما شاركت الوزارة في احتفالية إطلاق مشروع تطوير الأراضي المجاورة لمنطقة المغطس، ومشروع المركز الدولي لمحمية العقبة والتي نظمها الجانب الأردني، إضافة إلى مشاركتها في عدد من المهرجانات الأردنية والمعارض.
وتمثل التعاون الثقافي بين المملكة وجمهورية جيبوتي في عقد عدد من الاجتماعات الثنائية بين وزارة الثقافة في المملكة ووزارة الشباب والثقافة في جمهورية جيبوتي لبحث سبل التعاون بين البلدين.
وقدمت المملكة مبادرة للمحافظة على المواقع الأثرية بالجمهورية اليمنية، حيث تم تحديد ثلاث مواقع معرضة للمخاطر بسبب الحرب بناءً على تصنيف :اليونسكو”، وهي مدينة شبام القديمة المسورة، وقرية زبيد التاريخية في الحديدة، ومدينة صنعاء القديمة، وتمت إضافة قصر سيئون ومواقع أخرى.
فيديو| باحث سياسي يوضح أبرز الملفات على طاولة القمة العربية في جدة
على مدار أكثر من 7 عقود.. أهم قرارات قمم جامعة الدول العربية