لا تزال عمليات إجلاء العالقين في السودان مستمرة من دول مختلفة حول العالم، وبات ميناء بورتسودان مخرجًا رئيسيًا للرعايا والسودانيين الفارين من ويلات المعارك المسلحة، وممر لاستقبال المعونات والمساعدات.
وضمن أحدث مهمة لإجلاء الرعايا من الميناء السوداني إلى ميناء جدة السعودي، ترصد “بي بي سي” عن طريق مراسلتها التي شاركت في المهمة بعض التفاصيل والروايات من الناجيين من الحرب.
أحداث مؤسفة
بعد 10 ساعات، وصلت السفينة الحربية السعودية “الدرعية” التي كانت تشق البحر الأحمر باتجاه ميناء بورتسودان، وكان في استقبالها طابور طويل من الأشخاص في انتظار الصعود على السفينة لإجلائهم.
وعلى متن السفينة تواجد المواطن الباكستاني، حسن فراز، الذي قال: إنه يشعر بالراحة ولكنه في نفس الوقت حزين على ما عاصره من أحداث دموية، مضيفًا “سيواصل الناس التحدث عما يجري هنا لسنوات عديدة”.
وخلال الانتظار لحين الانتهاء من عملية مراجعة جوازات السفر ومقارنتها بقائمة الإجلاء السعودية، تواجد عدد من الشباب من جنوب شرق آسيا، والذين قالوا إنهم عايشوا أسوأ أسبوعين في ظل المعارك الدائرة هناك، وقال مواطن باكستاني آخر والذي كان يعمل في مصنع معادن سوداني إنه رأى الكثير من القنابل التي انفجرت خلال الاشتباكات المسلحة.
وخلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السوداني بقيادة محمد حمدان دقلو، على الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار وعقد هدنة لحين خروج الرعايا والعالقين.
“بورتسودان أصبح أفضل حالا في هذه الحرب، فقد اندلع القتال هنا خلال اليوم الأول فقط، ثم اكتظ الميناء والمدينة بالمدنيين الفارين من الخرطوم والمدن الأخرى”، هكذا وصف مهند الهاشم الذي يحمل الجنسيتين السودانية والبريطانية.
في انتظار الإجلاء
وبمرور السفينة بجوار النادي البحري، تكشّفت تفاصيل أخرى أكثر قتامة عن الأزمة، فالمكان تحول إلى مضيفة لاستقبال عشرات الفارين من الخرطوم، وامتلأت الفنادق بالفارين من جنسيات مختلفة، كما افتتحت الدول مكاتب خدمات قنصلية مؤقتة لها في محاولة لإجلاء رعاياها ودبلوماسييها.
وهناك تواجد العديد من الأشخاص من أصحاب جوازات السفر الأقل حظًا مثل اليمنيين والسوريين والسودانيين، كانوا في انتظار فرصة الخروج من البلاد في ميناء بورتسودان.
وفي حين أن المملكة ساهمت في إجلاء العديد من اليمنيين إلا أن الأعداد المرتفعة لهم قد يمثل عبًا مثلما قال أحد الضباط هناك، وبمجرد وصول الرعايا من مختلف الجنسيات إلى السعودية يتم توفير إقامة لهم في الفنادق لحين نقلهم من قبل دولهم.
على الجانب الآخر، كانت رشا التي تحمل رضيعها تحاول أن تطلب المساعدة لإجلاء أسرتها التي لا زالت في السودان في المدينة الرياضية في الخرطوم وهي مركز المعارك، وتقول:”من فضلكم أخبروا العالم أن يوفر الحماية للسودان”.
وخلال الرحلة، روت “لين” ابنة رشا ذات الـ8 سنوات، تفاصيل اقتحام المسلحين لمنزلهم، فتقول: كان علينا الاختباء، كنا 10 أفراد في غرفة واحدة، لقد بقيت هادئة ولم أبك، لأننا لم نكن نستطيع أن نحدث أي صوت”.
جهود المملكة
وتُثني العديد من الدول على جهود المملكة التي بذلتها منذ اندلاع الاشتباكات، من أجل إجلاء الرعايا والعالقين والتي تضمنت أكثر من 5 آلاف شخص من حوالي 100 جنسية من خلال سفنها الحربية.
وفي عملية واحدة أجلت المملكة حوالي 2000 شخص وهو ما تم وصفه بأنها أكبر عملية إجلاء منفردة، ضمت حتى أشخاص من إيران التي كانت على علاقة متوترة مع المملكة حتى فترة قريبة.
“إنه من حسن حظنا، ونرجو أن يسود السلام بين البلدين”، هكذا عبرت المهندسة الإيرانية نازلي، البالغة من العمر 32 عاما، والتر تواجدت على متن السفينة مع زوجها الذي كان يعمل مهندسًا منذ سنوات طويلة في السودان، قبل أن تنزل في ميناء جدة.