القرارات الأممية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية

ديسمبر ٢١, ٢٠٢٥

شارك المقال

القرارات الأممية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية

تتجاوز مسألة حصر السلاح بيد السلطة الشرعية في بيروت كونها مطلب سياسي داخلي وخارجي، بل هي التزام دولي موثق في أرشيف مجلس الأمن عبر سلسلة من القرارات التي شكلت الإطار القانوني لسيادة لبنان.

وتبرز القرارات 1559 و1701 كأهم المرجعيات الأممية التي رسمت خارطة طريق لتفكيك الميليشيات وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، في ظل بيئة إقليمية معقدة شهدت حروبًا واجتياحات مريرة منذ عام 1975.

ومع تصاعد الضغوط الدولية في عام 2025، تعود هذه النصوص إلى الواجهة لتشكل السند القانوني لأي تحرك يهدف إلى إنهاء المظاهر المسلحة غير الشرعية وضمان الاستقرار المستدام عبر استعادة الدولة لسيادتها الكاملة دون منازع.

قرار 1559 لتعزيز حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية

اعتمد مجلس الأمن القرار 1559 في سبتمبر 2004 كأول تدخل دولي صريح في الملف السيادي اللبناني، مطالبًا بانسحاب جميع القوات الأجنبية وحل كافة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.

وشدد القرار على ضرورة حصر السلاح بيد الحكومة اللبنانية وحدها، معربًا عن قلقه البالغ من أن تواجد الميليشيات يمنع الدولة من ممارسة سيادتها الكاملة.

شكّل هذا القرار، الذي جاء باقتراح فرنسي أمريكي، القاعدة الصلبة التي استندت إليها المطالب الدولية لاحقًا لتفكيك المجمعات العسكرية الموازية لمؤسسات الدولة، وأهمها حزب الله، حيث أكد على أهمية بسط سيطرة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية.

وتشير الوثائق الأممية أن القرار 1559 لم يكتفِ بالمطالبة بنزع السلاح، بل ربط ذلك بعملية انتخابية حرة ونزيهة بعيدًا عن التدخل الأجنبي، مؤكدًا على استقلال لبنان السياسي وسلامة أراضيه.

ورغم الجدل اللبناني الداخلي الذي صاحب صدوره، إلا أنه نجح في تأمين غطاء دولي للانسحاب السوري، وفتح الباب أمام نقاش وطني حول "الاستراتيجية الدفاعية" التي تضمن حصر السلاح والقوة العسكرية تحت إمرة القوى المسلحة الشرعية وحدها.

كما طالب القرار جميع الأطراف المعنية بالتعاون التام وعلى وجه الاستعجال مع مجلس الأمن لتنفيذه بالكامل.

القرار 1701 والتحول الاستراتيجي نحو حصر السلاح جنوبًا

جاء القرار 1701 في أغسطس 2006 ليضع حدًا للحرب بين الاحتلال وحزب الله، مؤسسًا لمرحلة جديدة من الترتيبات الأمنية التي استهدفت تعزيز حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني.

ودعا القرار إلى وقف كامل للأعمال العدائية، منشئًا منطقة خالية من أي أفراد مسلحين أو أسلحة سوى التابعة للحكومة اللبنانية وقوات "اليونيفيل" بين الخط الأزرق ونهر الليطاني.

ويمثل هذا النص الالتزام الدولي الأقوى بمنع دخول الأسلحة إلى لبنان دون موافقة الدولة، مطالبًا الحكومة بتأمين حدودها ونقاطها الحدودية لمنع التهريب.

ويؤكد القرار 1701 مجددًا على تنفيذ بنود اتفاق الطائف والقرار 1559 التي تتطلب نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة، بحيث لا تكون هناك سلطة أو أسلحة في لبنان سوى تلك التابعة للدولة.

كما منح القرار قوات "اليونيفيل" تفويضًا معززًا لمساعدة الجيش اللبناني في خطوات إنشاء المنطقة منزوعة السلاح، وضمان عدم استخدام منطقة العمليات في أي أنشطة عدائية.

ويهدف هذا المسار القانوني في جوهره إلى تحقيق حصر السلاح كشرط لا غنى عنه للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل طويل الأمد للنزاع.

التحديات الميدانية وآفاق تنفيذ حصر السلاح

رغم وضوح النصوص الدولية، إلا أن تنفيذ حصر السلاح واجه تعقيدات ميدانية مرتبطة بخرق "الخط الأزرق" واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض المناطق.

وتطالب بيروت بانسحاب إسرائيلي كامل كشرط لتنفيذ التزاماتها، بينما يرى المجتمع الدولي أن بسط سلطة الدولة هو الممر الإلزامي لاستعادة السيادة.

وأصدر مجلس الأمن سلسلة قرارات تاريخية، منها القرار 425 الذي طالب بالانسحاب الإسرائيلي الفوري، والقرار 1680 الذي طالب بتنفيذ نزع سلاح الميليشيات، وكلها تصب في خانة تمكين الدولة من ممارسة سيادتها المنفردة.

وتشكل التقارير الدورية التي يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ القرارين 1559 و1701 أداة ضغط مستمرة على الأطراف اللبنانية للالتزام بجداول زمنية لنزع السلاح.

ومع التحولات الجيوسياسية في عام 2025، يزداد الإصرار الدولي على أن يكون حصر السلاح بيد الجيش اللبناني هو الضامن الوحيد لمنع تجدد الحروب وجلب المساعدات الدولية لإعادة الإعمار.

ويمثل الالتزام الكامل بهذه القرارات اليوم المخرج القانوني الوحيد للبنان من حالة عدم الاستقرار، وتأمين مستقبله كدولة ذات سيادة تحت سلطة حكومة واحدة وجيش واحد يمارس سلطته الحصرية على كامل أراضيه.

وتتضمن "ورقة باراك" الأمريكية الحالية تفاصيل زمنية صارمة تمتد لأربعة أشهر لتنفيذ هذه القرارات، بدءًا من تعهد الحكومة بالالتزام بمذكرة نزع السلاح وصولًا إلى تفكيك الترسانة الثقيلة بنهاية ديسمبر 2025.

وتربط الخطة بين التقدم في حصر السلاح وبين تقديم حوافز اقتصادية ضخمة وعقد قمة دولية لإعادة الإعمار، مما يضع لبنان أمام اختبار حقيقي لقدرته على تحويل هذه الالتزامات القانونية الدولية إلى واقع ميداني ينهي عقوداً من ازدواجية السلطة والسلاح.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech

القرارات الأممية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية - العلم