يونيو ١٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
شبح الحرب مع إيران يهدد رؤية ترامب.. هل من مفر؟

يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عازمًا بشدة على تجنب خوض الحرب مع إيران. ولكن هل يستطيع فعلًا تفاديها؟

تؤكد اعتبارات الأمن القومي الحساسة، بالإضافة إلى الحسابات السياسية الداخلية، على منطقية امتناع ترامب عن الانخراط مباشرةً في عمليات هجومية أمريكية ضد إيران في هذا الصراع الذي تخشاه إسرائيل بشدة وتعتبره تهديدًا لوجودها ذاته.

لكن هناك قوىً مؤثرة قد تدفع الولايات المتحدة نحو تعميق مشاركتها في هذا النزاع بما يتجاوز دورها الحالي، المتمثل في حماية إسرائيل من وابل الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية الفتاكة.

وأفادت شبكة (CNN) أن ترامب رفض خلال عطلة نهاية الأسبوع خطةً إسرائيلية لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وفقًا لمصدرين مطلعين على الأمر.

لكن هناك جوانب من هذه الأزمة خارج سيطرة ترامب.

ففي حال قرر النظام الإيراني المنهك، الذي لم يعد لديه الكثير ليخسره، شن هجوم على قواعد أمريكية أو أفراد أمريكيين في المنطقة أو على أهداف أمريكية حول العالم، فإن واشنطن ستكون مجبرة على الرد بقوة، حفاظًا على مصداقيتها وقوة الردع.

هناك احتمال آخر يتمثل في أن تحاول طهران الضغط على ترامب لردع إسرائيل من خلال استهداف الملاحة الدولية في الخليج أو البحر الأحمر، وإحداث أزمة طاقة عالمية.

في المقابل، تتصاعد الضغوط على ترامب من داخل حزبه الجمهوري للقيام بعمل عسكري، خاصة مهمة تدمير منشأة إيران النووية تحت الأرض في “فوردو”، التي يُعتقد أنها خارج قدرات سلاح الجو الإسرائيلي.

المنطق وراء مثل هذه العملية يقول إن إيران باتت في أضعف حالاتها حاليًا، وربما لن تتكرر فرصة أفضل لتدمير قدراتها النووية.

لماذا قد يجد ترامب نفسه مضطرًا للدخول في النزاع؟

أشار فريق البيت الأبيض لشبكة (CNN) إلى أن الرئيس متشكك للغاية بشأن الزج بالولايات المتحدة في هذه المواجهة.

مثل هذه الخطوة ستكون محفوفة بالمخاطر، وقد تؤدي إلى توسيع نطاق الصراع ليشمل أطرافًا أخرى، ويتحول إلى حرب استنزاف مفتوحة دون نهاية واضحة.

إذا كانت هناك عِبرة واحدة تعلمناها من أوائل القرن الحادي والعشرين، فهي أن أهداف الحروب وتحليلات الشرق الأوسط التي تُعدّ في واشنطن غالبًا ما تتحول إلى كوارث حقيقية.

قد يبدو سقوط النظام الإيراني هدفًا مغريًا، لكن سقوط نظام صدام حسين، والحرب الأهلية السورية، يوضحان كيف يمكن لدول الشرق الأوسط أن تنهار سريعًا بمجرد حدوث فراغ في السلطة.

كذلك، فإن التدخل الأمريكي العسكري سيوسّع الشرخ داخل القاعدة السياسية لترامب، وسيقوّض أحد المبادئ الأساسية لحركته السياسية “أمريكا أولًا”، التي تؤكد ضرورة ابتعاد الولايات المتحدة عن المستنقعات الخارجية بعد عقدين من الخسائر في العراق وأفغانستان.

قبل أسابيع فقط، عرض ترامب رؤيةً جديدة للشرق الأوسط في خطابه الشهير في السعودية، قائلًا: “أولئك الذين يسمون أنفسهم بناة الأمم دمروا أممًا أكثر مما بنوا، وأصحاب التدخلات العسكرية ورّطونا في مجتمعات معقدة لا يفهمونها أصلًا… جيل جديد من القادة يتجاوز الصراعات القديمة ويبني مستقبلًا يقوم على التجارة لا الفوضى، وتصدير التكنولوجيا بدلًا من الإرهاب”.

مع ذلك، قد يرى الصقور في واشنطن أن أمام ترامب فرصة تاريخية لإزالة العقبة الرئيسية أمام تحقيق رؤيته، وذلك عبر القضاء على إمكانية حصول إيران على سلاح نووي أو حتى الإسهام في إسقاط النظام الديني الحاكم هناك.

الجمهوريون يرون التدخل الأمريكي حتميًا

الضغوط السياسية تتصاعد بالفعل ضد ترامب للمشاركة بشكل أوسع، رغم أن الولايات المتحدة أعلنت بوضوح أن قرار إسرائيل بشنّ هجمات كبرى على إيران قرار خاص بها، وأن القوات الأمريكية ليست مشاركةً حاليًا في العمليات الهجومية.

أحد التعقيدات التي يواجهها ترامب هي أنه رغم نجاح الهجمات الإسرائيلية في تصفية قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين كبار، إلا أنه من غير الواضح إن كانت إسرائيل قادرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

نائب الرئيس السابق مايك بنس قال في مقابلة مع CNN: “إذا لم تؤد الهجمات الإسرائيلية إلى إقناع إيران بتقديم تنازلات كبيرة في المفاوضات، فينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للتدخل”.

وأضاف بنس: “إذا احتاجت إسرائيل مساعدتنا لضمان تدمير برنامج إيران النووي بالكامل، فيجب أن نكون مستعدين لذلك”.

كما أكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من ترامب، أن “أسوأ نتيجة للصراع الحالي هو بقاء قدرات إيران النووية”، مشيرًا إلى ضرورة أن تقدم الولايات المتحدة على خطوات جدية بما فيها القتال جنبًا إلى جنب مع إسرائيل إذا تطلب الأمر ذلك.

ترامب يواجه تداعيات داخلية خطيرة

بالإضافة لهذه التحديات، يواجه ترامب سيناريو سياسيًا داخليًا معقدًا نتيجة تحويله للحزب الجمهوري نحو سياسة أكثر انعزالية، على عكس الأجواء التي مهدت للرئيس جورج بوش غزو أفغانستان والعراق.

بعض الأصوات المؤثرة على اليمين، مثل تاكر كارلسون وتشارلي كيرك، حذرت ترامب بالفعل من خطر فقدان ثقة قاعدته الانتخابية إذا خاض حربًا جديدة في الشرق الأوسط.

كان اهتمام ترامب بالتكلفة السياسية واضحًا في حديثه مع الصحفي مايكل شيرر من مجلة “ذا أتلانتيك”، حيث دافع عن مبدأ “أمريكا أولًا”، قائلاً: “لا يمكنك تحقيق السلام إذا امتلكت إيران سلاحًا نوويًا”.

سياسة ترامب الخارجية تواجه أزمة حقيقية

هذا الوضع ليس ما كان يأمل به ترامب مع بداية فترته الرئاسية الثانية، حين وعد بأن يكون صانع سلام. لكنه بعد خمسة أشهر فقط من ولايته الجديدة، يجد نفسه وسط أزمتين كبيرتين، والصراع مع إيران يختبر بشدة مدى التزامه بسياسة “أمريكا أولًا”.

كذلك، فإن مقاربته القائمة على “فن الصفقات” أخفقت مع زعماء مثل بوتين وشي جين بينغ ونتنياهو. محاولاته للتوسط في غزة وأوكرانيا لم تحقق تقدمًا، بل ازدادت الأزمات تفاقمًا.

هذه الأحداث تجاوزت تحفظ ترامب على التدخل في الخارج، وكشفت هشاشة نهجه في السياسة الدولية. الأزمة الإيرانية تحديدًا تبدو نوع الأزمة الدولية التي تحاشاها ترامب في ولايته الأولى، لكنها الآن قد تصبح الحدث الذي يحدد شكل فترته الثانية بالكامل.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| “بلايستيشن 5” يحقق إنجازًا تاريخيًا لـ “سوني”

المقالة التالية

العالم يطوي صفحة “نزع السلاح النووي”.. وتحذير دولي من تصعيد مرتقب