تقول ريم روضة، الرائدة في مجال التربية الواعية، ومبتكرة مجلتي "باوند" و"فاونديشنز"، إن يوم الطفل يبدأ من اللحظة التي يخرج فيها من المنزل، حيث يُحدد "الخط الأساس العاطفي" ليومه ليس من خلال الروتينات التقليدية الملونة، بل من خلال شعوره بالأمان والارتباط في وجود والديه.
وتوضح روضة، التي تشتهر بخبرتها الواسعة في الصحة النفسية للأطفال وإعادة تعريف معنى تربية أطفال أصحاء عاطفيًا، "بعد دراسة أكثر من مئتي طفل، وجدت أن أسعد الأطفال وأكثرهم مرونة ينشأون في منازل يكون فيها التواصل أهم من السيطرة، خاصةً في لحظات الصباح".
تشير الباحثة في مجال التربية الواعية، إلى أن الآباء يمارسون طقوس صباحية مع أطفالهم لخلق الأمان العاطفي ودعم نمو أدمغتهم، ومن بين هذه الطقوس:
دقيقة مع نفسك قبل استيقاظ طفلك
قبل أن يستيقظ طفلك، خصص دقيقة واحدة فقط لنفسك: خذ أنفاسًا عميقة، استمتع بلحظة هدوء مع فنجان قهوتك، أو مارس تأملًا سريعًا. هذا الهدوء الذي تبدأ به يومك يُنشئ لدى الطفل أساسًا عاطفيًا متينًا، إذ يتعلم الأطفال من خلال أجهزتهم العصبية الهدوء والانضباط العاطفي مباشرة من والديهم.
ابدأ الصباح بعاطفة قبل التعليمات
بدلًا من بدء اليوم بالتعليمات وطرح الأسئلة مثل تنظيف الأسنان أو تجهيز الحقائب، امنح طفلك لحظة صادقة من الاهتمام. تواصل معه بعينين مليئتين بالحنان، ابتسامة دافئة، أو لمسة رقيقة، لتوصّل له شعورًا مهمًا:"أنت أهم من زحام الصباح". هذه اللحظة القصيرة من التناغم العاطفي تساعد على تنظيم الجهاز العصبي للطفل، وتُهيئه ليوم مليء بالهدوء والتعاون.
خلق لحظات هدوء وسط صخب الصباح
يمكن للآباء دمج طقوس بسيطة تبطئ وتيرة الحياة الصباحية، مثل تشغيل موسيقى هادئة أثناء الإفطار، الجلوس معًا دون شاشات، أو عقد اجتماع عائلي قصير لا يتجاوز 30 ثانية قبل الخروج. هذه اللحظات الصغيرة تمنح الأطفال شعورًا بالهدوء وتعلّمهم أن الهدوء متاح حتى في أكثر أوقات اليوم ازدحامًا.
خصص وقتًا للضحك في صباحك
يمكن تحويل الصباح إلى لحظات ممتعة مع طفلك، حتى وسط الفوضى المعتادة، من الحليب المنسكب إلى الجوارب غير المتطابقة، مع تجربة أصواتًا مضحكة، رقصة قصيرة، أو نكتة خاصة بينكما.
الضحك لا يخفف التوتر فحسب، بل يرسخ لدى الطفل شعورًا بأن الحوادث الصغيرة جزء طبيعي من اليوم، دون أن تقلل من شعوره بالأمان والطمأنينة.
تحقق من شعور طفلك قبل بدأ اليوم
قبل الانغماس في مهام الصباح والروتين المعتاد، خصص لحظة للاستفسار عن الحالة العاطفية لطفلك: اسأله مثلًا، "كيف تشعر قلبك هذا الصباح؟" أو "ما هو الشيء الذي تتطلّع إليه اليوم؟".
هذه الفحوصات العاطفية القصيرة تساعد في بناء الذكاء العاطفي لدى الطفل، وهي من أقوى المؤشرات على السعادة والمرونة على المدى الطويل.
اللمس الجسدي.. روتين لا يمكن التنازل عنه
تساعد بعض اللحظات العاطفية مع الطفل المرتبطة بالتلامس الحنون مثل؛ العناق الصباحي، قبلة على الجبين، أو لحظة التلاصق البسيطة، على إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وتعزز شعور الطفل بالأمان العاطفي.
اختر ثلاث لحظات محددة يوميًا للتواصل الجسدي والمودة، حتى في أوقات الانشغال. هذه الطريقة البسيطة تعد من أسرع وأقوى الوسائل لتنظيم الجهاز العصبي لدى طفلك.
صباح خالٍ من الشاشات
ابدأوا يومكم بتخصيص أول 20 دقيقة بعد الاستيقاظ خالية تمامًا من الأجهزة الإلكترونية، سواء للآباء أو الأطفال. لا هواتف، ولا أجهزة لوحية، ولا تلفاز. تساعد هذه الحدود الرقمية على خلق مساحة للحوار الطبيعي أو حتى الصمت المريح معًا، بعيدًا عن المشتتات التي تسيطر غالبًا على صباح الأسرة.
احترام وتيرة الطفل الطبيعية
يعيش الأطفال بوتيرة مختلفة عن البالغين، وهذه طبيعتهم البيولوجية. يوصى بإضافة خمس دقائق إضافية لفترة الانتقال الصباحية لتتناسب مع وتيرة طفلكم.
عندما نمنحهم الوقت الكافي ونبطئ توقعاتهم وحركاتهم، نساعد على تنظيم أجهزتهم العصبية. ما قد يبدو "تباطؤًا" للبالغين، هو في الحقيقة الإيقاع الطبيعي لطفلهم، حيث يعالج دماغه العالم بالسرعة المناسبة لنموه.
اصنع لحظة وداع هادئة
قبل أن تقول "هيا بنا" للخروج، خذ لحظة لتوديع طفلك حقًا. تواصلوا بالعين، عانقوه، واطمئنه بكلمات لطيفة. أضف شيئًا يتطلع إليه الطفل لاحقًا، مثل: "لا أستطيع الانتظار لسماع ما حدث في مشروعك الليلة" أو "دعنا نصنع الفطائر غدًا".
لا تشعر بأن كل صباح يجب أن يكون سريعًا. هذه العادة البسيطة تساعد على شعور الطفل بالأمان وتدعم نمو دماغه الصحي.
اقرأ أيضًا :
هل تتغير أحلام الإنسان مع تقدّم العمر؟
دراسة: مركب في نبات شهير قد تعالج الزهايمر
