يونيو ٣٠, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
الرنين المغناطيسي لكامل الجسم.. كشف مبكر أم وهم صحي باهظ؟

لم يكن مفاجئًا أن تشارك كيم كارداشيان متابعيها بصورة داخل جهاز رنين مغناطيسي، متباهية بفحص شامل لجسدها من الرأس حتى أخمص القدمين. فقد باتت هذه الأجهزة، التي كانت تُستخدم في الحالات الطبية الدقيقة، نجمة جديدة في عالم «الصحة الوقائية» الفاخر.

لكن خلف وعود الشركات بفحص شامل في أقل من ساعة لاكتشاف السرطان والأمراض المزمنة، يكمن سؤال أكثر عمقًا: هل نحن بصدد اختراع وهم صحي مغلف بالتكنولوجيا؟

يأتي الاندفاع نحو الفحوصات الشاملة في سياق عالمي يزداد فيه القلق من الأمراض الخفية، والبحث عن الطمأنينة في صور ثلاثية الأبعاد.

وفي السنوات الأخيرة، انتشرت شركات تجارية تقدّم فحوصات الرنين المغناطيسي للجسم كاملًا بوصفها مفتاحًا لـ«الاكتشاف المبكر» و«راحة البال». في غضون 60 دقيقة، وبآلاف الدولارات، توعدك هذه الشركات برؤية كل شيء: من الأورام الصغيرة إلى مشاكل الأوعية الدموية وتلف الكبد.

غير أن الطب التقليدي لا يشارك هذا الحماس.

هل يصلح الرنين الشامل للكشف الدوري؟

يقول الدكتور ماثيو دافنبورت، أستاذ الأشعة في جامعة ميتشيجن، إنه «لا يوجد دليل علمي على أن الرنين المغناطيسي الشامل لمرضى بلا أعراض أو عوامل خطر محددة يحسن من حالتهم الصحية».

ويُعد التصوير بالرنين المغناطيسي من الأدوات الدقيقة في الطب الحديث، يستخدمه الأطباء عندما تثير الأعراض أو الفحوصات الأولية الشكوك. فهو يرسم خرائط معقدة للجسد، تظهر الجلطات والأورام والإصابات العضلية العصبية. لكنه لم يُصمّم ليكون وسيلة فحص روتينية لأجساد تبدو سليمة.

وفق دافنبورت، هناك حالات استثنائية يوصى فيها بالرنين الشامل بشكل دوري، مثل المصابين بمتلازمة «لي-فروميني»، وهي اضطراب وراثي نادر يرفع خطر الإصابة بالسرطان في سن مبكر. أما من لا يعانون من هذا النوع من الاضطرابات، فإن خضوعهم لفحوصات كاملة لا يقدّم سوى فرصة أكبر للقلق.

ما المشكلة في «أن ترى كل شيء»؟

تكمن المفارقة في أن الفحوصات الدقيقة قد ترى أكثر مما ينبغي. يشرح دافنبورت أن الرنين المغناطيسي قادر على كشف ما يُعرف بـ«النتائج العرضية»، أي اكتشافات غير متوقعة ليس لها علاقة بسبب الفحص الأصلي.

وقد يرى الأطباء كتلة غير مفهومة في الكبد، أو انتفاخًا في وعاء دموي، دون معرفة ما إذا كانت خطيرة أو مجرد شذوذ غير ضار.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 15% إلى 30% من هذه الفحوصات تؤدي إلى العثور على واحدة على الأقل من هذه النتائج، ما يدفع المرضى لسلسلة من التحاليل الإضافية، وربما جراحات غير ضرورية، ناهيك عن القلق النفسي المصاحب.

من المستفيد من هذا الهوس الجديد؟

بحسب دافنبورت، فإن الشركات التي تقدم هذه الخدمة تعمل وفق نموذج ربحي بحت، حيث لا يغطي الفحص التأمين لأنه لا يستند إلى توصية طبية موثوقة، فيدفع العملاء من جيوبهم، أملًا في طمأنينة قد تكون زائفة.

تتراوح أسعار هذه الفحوصات بين ألف وأربعة آلاف دولار، بحسب الشركة ونوع الخدمات الإضافية. ورغم أن بعض التأمينات قد تغطي الفحص للمرضى المعرضين لمخاطر عالية، إلا أن الغالبية العظمى من الزبائن يشترونه كما يُشترى اشتراك الرفاهية.

هل يمكن أن تعطي الفحوصات الشاملة أمانًا زائفًا؟

المفارقة الأخرى التي يشير إليها دافنبورت، أن البعض قد يغادر الفحص مطمئنًا لنتائجه السلبية، ويُهمل فحوصات أكثر دقة وملاءمة لطبيعة الأمراض.

فرغم دقة التصوير، لا تكشف أجهزة الرنين أمراضًا مثل سرطان الدم أو القولون، كما لا يمكن الاعتماد عليها في فحوصات القلب أو الفحوصات الهرمونية.

ويعتقد دافنبورت أن الاستخدام الروتيني للرنين الشامل قد يصبح ممكنًا يومًا ما، لكنه يشدد على أن ذلك يحتاج إلى أبحاث واسعة النطاق لتحديد تأثيره الفعلي على الصحة العامة، وليس مجرد استعراض تكنولوجي.

وحتى ذلك الحين، تبقى توصيته بسيطة: «اتبع نصائح طبيبك، والتزم بالفحوصات الوقائية التي أوصت بها الهيئات الطبية، ولا تغرّك وعود الكشف الشامل التي لم يُثبت نفعها بعد».

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| مؤشرات البطالة في السعودية.. تقدّم جديد

المقالة التالية

الدكتور تيد كازينسكي.. عبقري مثل نيوتن وسفاح مثل هتلر