رحلت النجمة الأميركية ديان كيتون، إحدى أيقونات هوليوود، عن عمر ناهز التاسعة والسبعين، تاركة خلفها إرثًا سينمائيًا خالدًا وذكريات لا تُنسى في ذاكرة محبي الفن حول العالم. نبأ وفاتها المفاجئ صدم الأوساط الفنية والإعلامية، إذ نعتها نخبة من كبار الممثلين الذين شاركوها العمل أو تأثروا بمسيرتها، من بينهم غولدي هون وبيت ميدلر وستيف مارتن، فيما عبّرت جين فوندا عن أسفها قائلة: “من الصعب تصديق أن ديان رحلت فعلًا”.
ورغم غياب التفاصيل الرسمية حول سبب الوفاة، أكدت مصادر أمنية وطبية في لوس أنجلوس أن كيتون نُقلت صباح السبت إلى المستشفى بعد تلقي استغاثة طبية من منزلها، قبل أن تُعلن وفاتها هناك.
وُلدت ديان هول في لوس أنجلوس عام 1946، ونشأت في أسرة بسيطة كانت والدتها فيها مصدر إلهامها الأول، إذ عملت ربة منزل ومصورة هاوية، وفازت بعدة مسابقات للجمال المحلي. روت كيتون في أحد لقاءاتها الإذاعية عام 2004 أنها عندما رأت والدتها على المسرح لأول مرة، شعرت بشغفٍ فوري تجاه الأضواء والفن، وقالت: “تمنيت أن أكون مكانها في تلك اللحظة”.
وبدأت ديان مشوارها الفني على خشبة برودواي في أواخر الستينيات ضمن عرض “الشعر”، وذاع صيتها عندما رفضت أداء مشهد عارٍ رغم المقابل المادي الكبير. ذلك الموقف المبكر رسم ملامح شخصيتها المستقلة التي سترافقها طوال حياتها. ومنذ بزوغها في سبعينيات القرن الماضي، جسّدت كيتون نموذج المرأة الذكية، المرحة، الجريئة، التي تتحدى القوالب الجاهزة سواء في التمثيل أو في أسلوب حياتها. كانت تجمع بين الرقة والحدة، وبين الفكاهة والتراجيديا، لتصبح رمزًا لتمثيلٍ صادقٍ لا يُملى عليه شكلٌ أو اتجاه.
في عام 1972، خطت أولى خطواتها الكبرى في السينما بدور كاي آدامز في فيلم “Godfather” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، إلى جانب آل باتشينو. قدمت أداءً رصينًا جعلها من أبرز الوجوه النسائية في السلسلة، خصوصًا في الجزء الثاني، حيث أظهرت صلابة غير متوقعة في مواجهة زعيم المافيا الذي أحبته يومًا. لكن الانعطافة الحقيقية جاءت عام 1977 مع فيلم “Annie Hall” للمخرج وودي آلن، الذي كتب الشخصية خصيصًا لها. وساهم أداؤها المليء بالعفوية في حصولها على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، فيما تحولت ملابسها الرجالية وقبعتها المميزة إلى ظاهرة في عالم الموضة، لتصبح رمزًا للأناقة غير النمطية.
وعلى مدار العقود التالية، أثبتت كيتون قدرتها على التنقل بسلاسة بين الكوميديا والدراما. شاركت في فيلم “Looking for Mr. Goodbar” في العام نفسه الذي فازت فيه بالأوسكار، مقدّمة دورًا جريئًا لمعلمة تعيش حياة مزدوجة تمزج بين الخطر والرغبة في الحرية. ثم توالت أعمالها المتميزة، منها “Reds” عام 1981 مع وارن بيتي، الذي منحها ترشيحها الثاني لجائزة الأوسكار عن دور الصحفية لويز براينت.
وفي منتصف الثمانينيات، أكدت مجددًا موهبتها في المزج بين السخرية والإنسانية من خلال فيلم “Baby Boom” عام 1987، حيث جسّدت مديرة إعلانات تضطر لتولي رعاية طفلة يتيمة، فتتغير حياتها رأسًا على عقب. وبنهاية التسعينيات، تعاونت مع نجمات جيلها في العمل الكوميدي الشهير “First Wives Club” عام 1996، الذي حقق نجاحًا مدويًا في شباك التذاكر، مثبتًا أن السينما يمكن أن تروي قصصًا قوية تقودها نساء في الخمسين من العمر. وفي العام ذاته، شاركت ميريل ستريب وليوناردو دي كابريو بطولة فيلم “Marvin’s Room”، لتحصد ترشيحها الثالث للأوسكار عن تجسيدها لامرأة تواجه مرضها بشجاعة وتعيد التواصل مع عائلتها.
لم تتوقف كيتون عن العمل حتى في سنواتها المتقدمة. ففي 2003، قدّمت واحدًا من أجمل أدوارها في فيلم “Something’s Gotta Give” إلى جانب جاك نيكلسون، الذي منحها ترشيحها الرابع للأوسكار، لتؤكد قدرتها الدائمة على تجسيد الرومانسية بخفة وعمق في آنٍ واحد. تلا ذلك مشاركات لافتة في أفلام مثل “The Family Stone” و”Book Club” الذي جمعها مجددًا بجين فوندا في 2018 و2023، ثم فيلم “Summer Camp” العام الماضي، بينما كانت تعمل مؤخرًا على مشروع جديد مع بليك ليفلي وريتشارد جير.
إلى جانب التمثيل، خاضت كيتون مجالات الإخراج والإنتاج بجدارة. أخرجت فيلم “Unstrung Heroes” عام 1995، وتبعته بفيلم “Hanging Up” عام 2000، كما تولت الإنتاج التنفيذي لعدد من الأعمال كان آخرها “ربما أفعل” عام 2023، مؤكدة أن حضورها الفني لم يكن مقتصرًا على الكاميرا فحسب. ورغم حياتها الحافلة بالنجاح، عُرفت كيتون بشخصيتها المستقلة وباختياراتها غير التقليدية. لم تتزوج قط، وكانت صريحة في رفضها لفكرة التنازل عن حريتها. تبنّت طفلين في الخمسين من عمرها، وقالت في أحد حواراتها: “لم أرغب في أن أعيش حياة أمي بكل تضحياتها، لكنها علمتني أن الأمومة ليست نقيضًا للحرية”.
اقرأ أيضًا:
بنات البومب.. تفاصيل النسخة النسائية من شباب البومب
عودة “Peaky Blinders”.. أبرز تفاصيل المواسم الجديدة
فضل شاكر يسلّم نفسه للسلطات اللبنانية