عالم

في تركيا.. لماذا لم تصمد المباني المُشيدة حديثًا أمام الزلزال؟

 

كان المشهد الأبرز في كارثة الزلزال المُدمر الذي ضرب تركيا وسوريا الإثنين الماضي، هو انهيار المباني بما فيها تلك المُشيدة حديثًا، وهو ما آثار التساؤل حول الالتزام بمعايير السلامة عند بناء هذه المباني.

في تقرير أوردته بي بي سي، كشفت أن بعض هذه الوحدات السكنية تم تشييدها خلال العام الماضي، وأظهرت مقاطع فيديو شملت إعلانات ترويجية لهذه المباني تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن البناء تم بمواد ذات جودة عالية، ووفق معايير السلامة التي تجعلها قادرة على تحمل صدمات الزلازل.

وتشمل معايير السلامة التي تم تعديلها في عام 2018، استخدام الهياكل الخرسانية ذات القضبان الخرسانية عالية الجودة، في المناطق الأكثر عُرضة للزلازل، وحُسن توزيع الأعمدة لمقاومة صدمات الزلازل.

ولكن بالنظر إلى صور المباني المُنهارة التي تم تشييدها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يتضح أن معايير السلامة والأمان لم تتوافر فيها خلال البناء.

ووفق بي بي سي، تعرض مبنى سكني في مدينة الإسكندرونة في تركيا مكون من 16 طابقًا، لتداعيات كبيرة وانهارت معظم أجزاء المبنى ولم يتبق منه سوى أجزاء بسيطة.

كما تحققت من مجمع سكني في مدينة أنطاكية تحت اسم “غوكلو باخجه، ويضم 9 طوابق تسبب الزلزال في تحويله إلى رُكام، واتضح أنه تم بناؤه في نوفمبر عام 2019.

مقاومة الهزات

يعتقد الخبراء أنه في حين أن الهزات الناتجة عن الزلزال كانت قوية، إلا أن المباني الحديثة التي تم تشييدها وفقًا لمعايير السلامة كان لا بد من أن تصمد.

“كانت أقصى درجات الزلزال قوية، ولكنه ليس سببًا كافيًا لانهيار مبانٍ حديثة التشييد”، حسبما قال الخبير في التخطيط وإدارة الطوارئ في يونيفرسيتي كوليدج لندن، البروفيسور ديفيد ألكسندر.

ويعتبر ألكسندر، أن العدد الكبير من المباني المُنهارة يُشير إلى أنها لم تخضع لمعايير البناء المعروفة والمتعلقة بتحمل صدمات الزلالزل، خصوصًا وأن معظم الأماكن لم تشهد هزات قوية.

عدم التزام

في أعقاب الزلزال الذي ضرب مدينة إزميت في عام  1999، وأسفر عن 17 ألف قتيل، شددت تركيا إجراءات السلامة الواجب اتباعها عند البناء.

ولكن حجم الدمار الذي تعاني منه تركيا حاليًا، يؤكد أنه لم يكن هناك أي التزام بتطبيق تلك الإجراءات عند البناء، بما في ذلك التعديلات التي أُجريت في 2018.

ونقلت بي بي سي عن شهود عيان في مدينة أضنة الجنوبية، قولهم بإن أحد المباني المنهارة قد شهد تضررًا قبل 25 عامًا جراء زلزال آخر، ولكنه لم يحصل على تدعيم مناسب منذ ذلك الوقت.

وبالنظر إلى دول مثل اليابان، والتي تتميز بالمباني الشاهقة، تتضح أهمية معايير السلامة في صمود هذه المباني، خصوصًا في ظل التاريخ السيئ للبلاد مع الزلازل القوية.

ضعف الرقابة

يُعد عدم الالتزام بتقديم شهادات السلامة للمباني إلى الحكومة، من أول الأسباب للتعامل بإهمال مع معاير السلامة، ويتم ذلك في إطار الإعفاءات القانونية التي سمحت بها الحكومة منذ ستينيات القرن الماضي.

وشهدت هذه الإجراءات انتقادات عديدة، وتحذيرات مما قد تؤول إليه إذا وقع زلزال شديد.

كانت وسائل إعلام تركية قالت قبل أيام من كارثة الزلزال، إن البرلمان بصدد النظر في مسودة قانون جديد يسمح بالمزيد من الإعفاءات القانونية لأعمال البناء.

وبحسب رئيس اتحاد غرف المهندسين الأتراك ومخططي المدن في إسطنبول، بيلين بينار جيريتلي أوغلو، فإن حوالي 75 ألف مبنى ضمن نطاق المناطق المتضررة من الزلزال قد حصل على إعفاءات قانونية مسبقة.

وفي وقت سابق، وصف الجيولوجي جلال سينغور، أن إصدار عفو عن البنايات غير المطابقة لمواصفات الأمان ضد الزلازل هو أمر يُعتبر “جريمة”.

بينها الفئران.. أغرب أدوات للإنقاذ في الكوارث

في تركيا.. لماذا لم تصمد المباني المُشيدة حديثًا أمام الزلزال؟

أكبر 6 شركات لانتاج الطاقة المتجددة حول العالم