منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، بدأ الخبراء العسكريون التفكير في أن الدبابة أصبحت من المعدات القديمة في ساحة المعركة، في ظل الطُرز المتقدمة من الطائرات بدون طيار، والوسائل الأخرى خارج ساحات القتال مثل الحروب الإليكترونية وغيرها من التقنيات الناشئة.
ولكن مع بداية عام 2023، برزت الدبابة كوسيلة حاسمة في ظل استعداد كييف للاستعانة بمعدات الجيش البري التقليدية خلال القرن الماضي، بهدف تحقيق انتصارات في معركتها ضد روسيا.
ويتطلع قادة الجيش الأوكراني للحصول على مئات الدبابات الغربية للمرحلة التالية من الحرب، في محاولة لمواجهة قوات موسكو واختراق خطوط الخنادق في أماكن مثل لوهانسك ومنطقة زابوريزهيا.
دعم منتظر
ومؤخرًا، بدأ حلفاء الناتو التفكير في دعم كييف، فتعهدت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتوفير مركبات مدرعة لأول مرة في الأسابيع الأخيرة، ما يعطي إشارة بأنه على الرغم من التطور التكنولوجي الفائق للحرب الحديثة، لا تزال القوة المطلقة على الأرض مهمة.
في حديثه أمام مجلس العموم البريطاني، يوم الإثنين، قال النائب البارز عن حزب المحافظين برنارد جينكين إن الصراع في أوكرانيا كشف خطأ المعلقين العصريين الذين ينتقدون فكرة أن دبابات القتال الحديثة لها أي فائدة في الحرب الحديثة. ووافق وزير الدفاع البريطاني بن والاس على ذلك بقوله: “لقد أظهرت أوكرانيا أن الدروع مهمة”.
وتتطلع كييف إلى أن تكون حزمة الدبابات التي سيمدها بها الحلفاء الغربيون هي مجرد بداية لمزيد من القطع التي ستضمها لقوتها العسكرية، إذ من المتوقع أن يمدها الحلفاء بحوالي 300 دبابة و600 عربة مدرعة للمشاة، بالإضافة إلى 500 مدفع هاوتزر (سلاح شبيه بالمدفع).
لماذا الدبابات؟
ما يزيد من أهمية الدبابات، هو تخوف أوكرانيا من عدم فعالية أنظمة الصواريخ المتعددة HIMARS التي صنعتها الولايات المتحدة، والتي دمرت القوات الروسية خلال العمليات الهجومية المضادة الخريف الماضي، بسبب أن روسيا ابتعدت كثيرًا لتجنب التعرض للضرب.
كما تخشى كييف من أن ضغوط الإمدادات العالمية على HIMARS قد تبدأ في الظهور العام الحالي، وبالتالي فإن وجود قوة قريبة أثقل مثل الدبابات والمركبات القتالية ستساعد على تعويض الفارق.
اختلافات واضحة
وقال مسؤول غربي: إن الأوكرانيين لن يكونوا قلقين بشأن مصدر الدبابات، طالما أنها تأتي بكميات كافية، ورغم ذلك يدرك المسؤولون جيدًا الاختلافات الكبيرة بين النماذج التي قد يتلقونها من الغرب.
على سبيل المثال، تمتلك دبابات M1 Abrams الأمريكية الصنع مدى إطلاق نار طويل، ولكنها تشكل صعوبات في إعادة التزود بالوقود لأوكرانيا التي مزقتها الحرب لأن محركاتها التوربينية الغازية الكبيرة تستهلك كميات كبيرة من الكيروسين.
وفيما يُعتبر طراز تشالنجر 2 البريطاني بمثابة تحسن كبير في دبابات القوات الأوكرانية حاليًا، إلا أنها ليست منافسة للدبابات الألمانية ليوبارد 2، والتي يمكنها إصابة هدف بحجم ثلاجة على مسافة 3 كيلومترات.
ضوء أخضر
حاليًا، تتسارع المحادثات بين حلفاء الناتو حول إمداد كييف بالدبابات، فأعلنت فرنسا أنها ستمنح دبابات قتالية خفيفة AMX-10 RC إلى كييف في غضون شهرين، فيما أكدت المملكة المتحدة خططها في نهاية الأسبوع لإرسال دبابات تشالنجر 2 بريطانية الصنع إلى أوكرانيا.
وقد تقدم الحكومات الغربية تعهدات أخرى قبل اجتماع وزراء دفاع الدول المتحالفة، يوم الجمعة، في قاعدة رامشتاين العسكرية الأمريكية في جنوب غرب ألمانيا.
وتأمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من منطقتي البلطيق وأوروبا الوسطى أن تؤدي مجموعة التعهدات الفردية إلى الضغط على ألمانيا للسماح لدول أخرى بتصدير دبابات Leopard 2 الألمانية الصنع إلى أوكرانيا.
ويقول مسؤولون ألمان إن القرار النهائي بشأن إرسال دبابات ليوبارد 2 سيعتمد بشكل كبير على ما تقرر الولايات المتحدة القيام به، ويؤكدون أن الحلفاء بحاجة إلى خطة مناسبة لتدريب القوات الأوكرانية على تشغيلها وصيانتها.
من جانبها، أعربت بولندا وفنلندا عن استعدادهما لإرسال دبابات Leopard 2 ولكنهما في انتظار الضوء الأخضر من ألمانيا.
وتخطط جميع الدول لتسليم دباباتها بشكل تدريجي من أجل تلبية الحاجة إلى تدريب القوات الأوكرانية على استخدامها وبناء سلاسل التوريد اللازمة للصيانة.
وقال يوري ساك، مستشار وزير الدفاع الأوكراني، إن الجنود الأوكرانيين يمكن أن يكونوا مستعدين لتشغيل الدبابات الغربية في أسابيع بدلاً من شهور، وحث الحلفاء على البدء في التدريبات على مجموعة من المعدات الجديدة المحتملة على الفور.
الأمير هاري: عائلتي لن تسامحني أبدًا إذا ذكرت هذه التفاصيل في كتابي
