عالم اقتصاد

لماذا تتنافس القوى العالمية على السيطرة على القطب الشمالي؟

بسبب ذوبان الجليد بفعل الاحتباس الحراري، فقد المحيط المتجمد الشمالي أكثر من نصف مساحته المغطاة بالجليد، وبات من السهل إنشاء طرق وممرات تربط آسيا وأوروبا عبر القطب الشمالي، ليعتقد الكثيرون في أن من سيملك هذا القطب المتجمد، سيتحكم في عالم القرن الحادي والعشرين.

أضخم احتياطي غير مكتشف من النفط والغاز

يعتقد العلماء أنه في غضون المائة عام المقبلة سيكون المحيط المتجمد الشمالي مياهًا مفتوحة لأول مرة منذ ما قبل التاريخ، وهو ما قد يكشف عن 25% من احتياطيات العالم من النفط والغاز الطبيعي، بنسبة 78% للغاز طبيعي، و22 % للنفط، بالإضافة إلى معادن تقدر قيمتها بحوالي 35 تريليون دولار.

تنحصر هذه الثروات بين أمريكا، وكندا، وروسيا، والنرويج، والدنمارك، كما تتكون من 19 حوضًا جيولوجيًا شهد بعضها تنقيبًا عن النفط والغاز، ويقدر المخزون النفطي تحت المساحات الجليدية بحوالي 90 مليار برميل نفط، كما يقدر حجم مخزون الغاز الطبيعي بحوالي 17 مليار متر مربع.

مجلس القطب الشمالي والصراعات الدولية

لا تتصارع الدول المتشاطئة والمتداخلة فقط على ثروات القطب الشمالي، بل والدول البعيدة عن القطب الشمالي أيضًا، فمجلس الدول القطبية يضم بجانب الدول المتشاطئة والمتداخلة 13 دولة أخرى بصفة مراقب، مثل الصين التي تعتبر نفسها دولة شبه قطبية.

وتشير العروض الافتتاحية للمفاوضات والنقاشات التي يستضيفها مجلس القطب الشمالي إلى أن كل دولة ترفع من سقف مطالبها، فترفض روسيا مع الولايات المتحدة وكندا الالتزام بنصوص اتفاقية الأمم المتحدة لتقسيم مياه البحار التي دخلت حيز النفاذ عام 1994، والتي تقول إن لكل دولة 200 ميلًا بحريًا فقط بعيدًا عن سواحلها، كما تطالب الصين بـ25 % من إجمالي مساحة القطب الشمالي لأنها تمثل 25 % من سكان العالم، وقد أصدرت الصين عام 2018 الكتاب الأبيض القطبي، الذي يعتبر موارد القطب الشمالي عنصرًا أساسيًا في مشروع «الحزام والطريق».

[two-column]

تتلقى الأمم المتحدة طلبات من دول مجلس القطب الشمالي، لضم مساحات جديدة إلى أراضيها سنويًا، كان أحدثها طلب روسيا في 31 مارس الماضي ضم 710 آلاف كم، بعد ضمها مليون و190 ألف كم عام 2015.

[/two-column]

صراع أمريكي روسي

ترى روسيا أن مستقبلها الاقتصادي يتوقف على ما ستجنيه من ثروات القطب الشمالي الذي يشكل مصدرًا لــ20% من صادراتها، و10% من إجمالي ناتجها المحلي، فالتقديرات الروسية تقول إن 95% من مخزون الغاز الطبيعي الروسي، و60% من احتياطياتها من النفط، تقع في القطب الشمالي، لذلك استثمرت روسيا أموالًا طائلة لبناء كاسحات ثلوج، منها ما يعمل بالطاقة الذرية، كما تشجع مواطنيها على الذهاب والعيش هناك، حيث يعيش مليوني روسي يمثلون 50 % من السكان بالقرب من القطب المتجمد.

أمام هذا التفوق الروسي تبنت الولايات المتحدة عقيدة استراتيجية جديدة في القطب الشمالي، حيث تستضيف ولاية ألاسكا أكبر قاعدة من نوعها في العالم تضم طائرات (إف 35)، وهي قاعدة إليسون التي بها 100 طائرة (إف 35)، وسينضم لها 54 طائرة أخرى من نفس الطراز في ديسمبر القادم، وكل ذلك ردًا على نصب روسيا لصواريخ حديثة وبناء قواعد عسكرية تنتشر على ساحل طوله 3000 كم، يشكل 53 % من ساحل القطب الشمالي.

 

قمة جنيف

طُرح الصراع الأمريكي الروسي المحتدم في القطب الشمالي على مائدة النقاش بين واشنطن وموسكو خلال قمة جنيف، وأكد الرئيس فلاديمير بوتين على أن خطوات بلاده لن تهدف إلى عسكرة القطب الشمالي الذي تبلغ مساحته 27 مليون كم، ومن أبرز نتائج قمة جنيف أيضًا اتفاق واشنطن وموسكو على استئناف الحوار حول هذه المنطقة الاستراتيجية، التي باتت عنوانًا للصراع الجيوسياسي بين أكبر دولتين نوويتين.