سياسة أحداث جارية عالم

لماذا انهار الجيش الأفغاني في مواجهة طالبان؟

حققت حركة طالبان تقدمًا متسارعًا في المدن الأفغانية، على حساب قوات الجيش، حتى وصولوا إلى محاصرة العاصمة كابول وسط مفاوضات جارية مع الحكومة المحلية لتسليم المدينة دون قتال، ما يشير إلى اقتراب عملية لنقل السلطة في البلاد وتشكيل حكومة مؤقتة جديدة.

[two-column]

كيف تمكن عشرات الآلاف من مقاتلي الحركة، بأسلحة تقليدية ودون تدريب مناسب على أساليب الحرب الحديثة، من هزيمة أكثر من ربع مليون جندي بالجيش الأفغاني مزودين بكل أنواع الأسلحة الحديثة، بما في ذلك سلاح الطيران، ويتلقون مساعدات دولية استثنائية؟

[/two-column]

أسفر الهجوم السريع الذي تشنه طالبان، عن عمليات استسلام واسع النطاق لقوات الجيش الأفغاني، ومكن الحركة من الاستيلاء على طائرات هليكوبتر، فضلًا عن معدات عسكرية كثيرة كانت الولايات المتحدة الأمريكية قدمتها لأفغانستان، وتبلغ قيمتها ملايين الدولارات.

لماذا فشل الجيش الأفغاني أمام طالبان؟

أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 83 مليار دولار في تسليح الجيش الأفغاني وتزويده بالمعدات والتدريب الازم على مدار نحو 20 عامًا.

عزمت الإدارة الأمريكية على بناء جهاز الأمن الأفغاني كأحد الأركان الرئيسة في استراتيجيتها، للتوصل إلى طريقة لتجعل أفغانستان تعتمد على نفسها لحفظ الأمن ومواجهة طالبان.

وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز فإن الانهيار والتفكك الذي شهده الجيش الأفغاني يرجع إلى تمكن طالبان على مدى عدة شهور من محاصرة الجنود وعناصر الشرطة الأفغان في نقاط حراسة الطرق بالمناطق الريفية، وبعد حين تمنح الحركة الجنود الجائعين والذين لا يملكون ما يكفي من الذخيرة وعودا بعدم التعرض لهم إذا ما استسلموا وتركوا معداتهم وراءهم، وهو ما مكن طالبان من السيطرة على الطرق ومن ثم على مناطق بأكملها.

ومع انهيار نقاط الحراسة ووحدات الجيش، كانت أسباب استسلام عناصر الجيش والأمن الأفغاني المحاصرين هي غياب الدعم الجوي أو نفاد الذخيرة والغذاء.

مظاهر تفكك الجيش الأفغاني لم تظهر أول مرة خلال الأسبوع الماضي، بل كانت بادية للعيان قبل أشهر من خلال الخسائر المتراكمة التي منيت بها تلك القوات حتى قبل إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها في 11 سبتمبر/أيلول المقبل.

هناك نقاط ضعف منهجية لقوات الأمن الأفغانية، من أبرزها أن تلك القوات التي يبلغ عددها على الورق نحو 300 ألف شخص، تبيّن في الأيام الأخيرة أن عددها الحقيقي لا يتجاوز نحو سدس هذا العدد، وفقًا لمسؤولين أميركيين.

وكان المسئولون يغضون الطرف عما يحدث، رغم إدراكهم أن العدد الحقيقي للقوات الأفغانية أقل بكثير من العدد المدرج في السجلات الرسمية، الذي تم التلاعب به بسبب الفساد والسرية اللذين قبلوهما بهدوء.

كما يمكن إرجاع القصور في أداء القوات الأفغانية إلى قضايا عدة يعود بعضها إلى إصرار الغرب على بناء جيش أفغاني حديث، رغم ما يتطلبه ذلك من التعقيدات اللوجستية والإمدادات، التي ثبت أن استمرارها غير ممكن في غياب الولايات المتحدة وحلفائها بحلف شمال الأطلسي.

وقالت إنه عندما بدأت طالبان هجومها بعد إعلان الولايات المتحدة قرار انسحابها من أفغانستان، تعزز الاعتقاد الذي كان سائدًا في صفوف قوات الأمن الأفغانية بأن القتال من أجل حكومة الرئيس أشرف غني ليس أمرًا يستحق الموت.