دخل اسمه موسوعة غينيس للأرقام القياسية من أوسع أبوابها، فقد غنى لمدة عشر ساعات متواصلة دون توقف عام 1968 في كاراكاس عاصمة فنزويلا، كما ورد اسمه في “أنكرتا” موسوعة ميكروسوفت، كرمز من رموز الغناء العربي الشّرقي الأصيل، إنه الراحل الطربي الكبير صباح فخري.
عبر عُمر مديد اقترب من العقود التسعة، ومسيرة فينه تجاوزت النصف قرن، صنع صباح فخري عهدًا طربيًا بامتياز، ليصبح 2 مايو من كل عام، ذكرى ميلاد عطرة لهذه الشخصية الغنائية الفريدة المولودة عام 1933، والذي حمل ألقاب عديدة منها أمير الطّرب، والعندليب، وسلطان الطّرب، والكروان، والفنّ الأصيل، وملك الطّرب وبلبل الشّرق.
النشأة والأساتذة
رأت عينا “صباح أبو قوس” النور لأول مرة في مدينة حلب السورية، وتحدد مستقبله الطربي حين التقى في مراهقته بفخري البارودي مؤسس المعهد الشرقي بدمشق، الذي شجعه وأرشده لصقل موهبته أكاديميًا، وأعطاه لقبه، بل وكان له دور في تغيير رأيه بخصوص مغادرة سوريا إلى إيطاليا في ذاك الوقت المبكر من حياته.
في عام 1947 وتحت اسم “محمد صباح” الذي أطلقه عليه أحد عازفي الكمان الحلبيين، انطلق المطرب الشاب في عدة جولات موسيقية وغنائية في حمص ودمشق وحماه وحلب. كما درس في أكاديمية الموسيقى العربية، وتخرج من معهد الموسيقي الشرقي عام 1948، وعلى يد شيوخ الفن كالشيخ علي درويش ومجدي العقيلي، أنهى صباح دراسة الموشحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود.
كانت أولى حفلاته في القصر الرئاسي في دمشق في زمن الرئيس شكري القوتلي، عام 1948.
إنجازات وأعمال
صدح صباح فخري بالكثير من أغاني حلب التراثية، تتردد نبراته في المهرجانات العربية والدولية، كما لجأ لأغنيات التراث العربي، مثل قصائد المتنبي وأبي فراس الحمداني، وغنّى لابن الفارض والرواس وابن زهر الأندلسي وابن زيدون ولسان الدين الخطيب. بالإضافة إلى الشعراء المعاصرين مثل فؤاد اليازجي، وإنجازه الأكبر في توثيق ما يقارب 160 عملا فنيا بين ألحان وقصائد وموشحات ومواويل للحفاظ على التراث الموسيقي الذي تنفرد به مدينة حلب.
من أشهر أغنياته: مالك يا حلوة مالك، وآه يا حلو، ويا طيرة طيري، وخمرة الحب اسقينيها، وقدك المياس، ويا مال الشام، وأنا في سكرين من خمر وعين، ويا شادي الألحان، وابعتلي جواب، وغيرها من الأغاني التي انتشرت في كل ربوع العالم العربي،
كما شارك في أعمال سينمائية معروفة مثل فيلم “الوادي الكبير” مع المطربة الراحلة وردة الجزائرية، وفيلم “الصعاليك” عام 1965 مع دريد لحام، وله من الأعمال التلفزيونية “أسماء الله الحسنى” مع الفنان الراحل عبد الرحمن، ومسلسل “نغم الأمس” مع الراحل رفيق سبيعي، وعندما قابل موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب، شَهِد له قائلاً: “مثلك بلغ القمة، ولا يوجد ما أعطيك إياه”.
تكريمات أخرى
بخلاف رقمه التاريخي في غينيس، فقد غنى فخري في قاعة نوبل للسلام في السويد، وفي قاعة بيتهوفن في بون ألمانيا، كما حصل على شهادة تقدير من محافظ مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا مع مفتاح المدينة.
تسلم أيضًا مفتاح مدينة ديترويت في ولاية ميشيغان ومفتاح مدينة ميامي في ولاية فلوريدا مع شهادة تقديرية، وأقامت له جامعة U.C.L.A حفل تكريم في قاعة رويس وقدمت له شهادات التقدير، بصفته أحد أهم رواد التراث الغنائي العربي.