كشف تقرير عالمي، نشر في مجلة لانست العلمية، وفاة نحو 1.2 مليون شخص عبر العالم، بسبب عدوى بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية، وهو عدد وفيات أكبر من مجموع الوفيات الناتجة عن الملاريا أو الإيدز.
وفي حين أفاد التقرير – الذي اعتمد على عدد الوفيات في 204 دول وأشرف عليه خبراء دوليون بقيادة جامعة واشنطن- بأن الدول الفقيرة هي الأكثر عرضة للظاهرة، فإنه أوضح أن مقاومة المضادات الميكروبية خطر يهدد جميع الناس في كل العالم.
خطر يهدد الصحة العامة
ويدعو الخبراء إلى الاستثمار في عقاقير جديدة، واستعمال الأدوية الموجودة بعقلانية أكثر، كي تظل صالحة في مواجهة البكتيريا، إذ أن الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية لعلاج أنواع بسيطة من العدوى في السنوات الأخيرة، قلل من فعاليتها أمام أنواع العدوى الخطيرة.
وحسب “بي بي سي”، فإن هذا ما جعل الناس اليوم يموتون من عدوى اعتيادية كانت من قبل قابلة للعلاج، لأن البكتيريا المسببة لها أصبحت الآن قادرة على مقاومة العقاقير.
وفي الفترة الأخيرة، حذر المسؤولون عن الصحة في بريطانيا، من أن مقاومة المضادات البكتيرية “وباء خفي” يمكن أن يندلع بعد وباء فيروس كورونا، ما لم يلتزم وصف المضادات الحيوية بالعقلانية.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد وصفت الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية بأنها “أكثر المخاطر الصحية إلحاحاً في عصرنا الحديث”؛ إذ تهدد “بالارتداد نحو قرن إلى الوراء” عما بلغه العالم من تقدم طبي.
وتشير تقارير المنظمة إلى أن استهلاك العالم من المضادات الحيوية شهد قفزة هائلة منذ بداية الألفية الثالثة؛ إذ رصدت المنظمة استخدام نحو 34.8 مليار جرعة من المضادات الحيوية كل عام، مع زيادة الاستهلاك العالمي بنسبة 65% بين عامي 2000 و2015.
وتعتبر المنظمة إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط في استعمالها المحركين الرئيسيين لظهور الميكروبات المقاومة للأدوية، والتي وصفتها المنظمة العالمية بأنها “وباء غير مرئي” قد يكون “أشد فتكاً على المدى الطويل من فيروس كورونا”؛ إذ يُتوقع أن تتسبب في وفاة نحو 10 ملايين شخص سنوياً.
ظاهرة فتاكة
حسب التقرير الذي نُشر في مجلة لانست، فقد أحصى الباحثون وفاة 5 ملايين شخص في 2019 بسبب أمراض مرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية، فضلاً عن وفاة 1.2 مليون شخص، بسبب مقاومة المضادات الحيوية مباشرة.
وتشير الإحصائيات إلى أن الأيدز سبب وفاة 860 ألف شخص، في العالم، في عام 2019، فيما بلغ عدد ضحايا وباء الملاريا 640 ألف شخص في العام نفسه.
ووقعت أغلب الوفيات الناتجة عن أمراض مقاومة للمضادات الحيوية بسبب عدوى في الجهاز التنفسي، مثل الالتهابات الرئوية، والتهابات مجرى الدم، التي قد تؤدي إلى تعفن الدم، فيما يرى الباحثون، الذين اعتمدوا على سجلات المستشفيات ودراسات ومصادر أخرى، أن الأطفال الصغار أكثر عرضة للوفاة، إذ أن خُمس الحالات هي بين البالغين من العمر أقل من 5 سنوات.
[two-column]
حذر خبراء من أن مقاومة المضادات البكتيرية “وباء خفي” يمكن أن يندلع بعد وباء فيروس كورونا، ما لم يلتزم وصف المضادات الحيوية بالعقلانية
[/two-column]
وحسب التقرير فإن نسب الوفيات بسبب مقاومة المضادات الحيوية كانت الأعلى في دول جنوب الصحراء الأفريقية وجنوب آسيا بمعدل 24 وفاة بين كل 100 ألف، في حين النسب الأدنى جاءت في الدول الأكثر دخلاً بمعدل 13 بين كل 100 ألف.
من جهته، قال البروفيسور كريس موري، من معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، إن البيانات الجديدة كشفت درجة مقاومة الميكروبات عالمياً، وأطلقت تنبيهاً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، إذا أردنا أن نبقى متقدمين في السباق ضد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
وقال الدكتور رامانان لكسمينارايان، من مركز دراسات ديناميكية المرض والاقتصاد والسياسات في واشنطن دي سي، إنه ينبغي رفع قيمة الإنفاق العالمي على مقاومة المضادات الحيوية إلى مستوى الإنفاق على معالجة أمراض أخرى.
تابع أن الإنفاق لابد أن يوجه إلى مكافحة العدوى أساساً، ثم التأكد من أن استعمال المضادات الحيوية يتم بطريقة سليمة، وبعدها توفير مضادات حيوية جديدة في السوق، مضيفاً: “أغلب دول العالم واجهت صعوبة في الحصول على مضادات حيوية بأسعار معقولة وذات فعالية، وهذا أمر لابد أن يؤخذ مأخذ الجد من قبل الزعماء السياسيين والمسؤولين عن الصحة في كل مكان”.
اقرأ أيضاً:
كيف أثّر كورونا على معدلات ذكاء الأطفال الذين ولدوا في فترة الوباء؟