أحداث جارية

سد النهضة: كيف تنبأت بريطانيا بـ”صراع النيل” قبل 60 عاماً؟

في الوقت الذي لا تزال تشهد فيه العلاقات بين إثيوبيا، ومصر والسودان، توتراً متصاعداً بسبب الخلاف على المرحلة الثانية لملء خزان سد النهضة الإثيوبي؛ كشفت وثائق بريطانية، نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” حديثاً، أن وزارة الخارجية البريطانية توقعت أوائل عقد الستينيات من القرن الماضي، صراعاً على مياه النيل بين إثيوبيا من جانب ومصر والسودان من جانب آخر.

ففي عام 1961، رعت بريطانيا مفاوضات “فنية غير رسمية” بين مصر والسودان ودول شرق أفريقيا، بهدف التوصل إلى صيغة مشتركة للتعامل مع مياه النيل، خاصة النيل الأبيض.

وحسب الوثائق، فإن وزارة الخارجية البريطانية كلفت سفارتها في القاهرة بالاتصال بالمصريين للتعرف على سياستهم في التعامل مع مشكلة مياه النيل، وفي تقرير دبلوماسي بعنوان “مياه النيل”، تؤكد الوزارة إدراك بريطانيا أهمية النيل بالنسبة لمصر. غير أنها اعتبرت أن سياسة نظام حكم الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك “غير واضحة”.

وتكشف الوثائق أن مسؤولي السفارة البريطانية في القاهرة ناقشوا قضية العلاقات الإثيوبية المصرية مع المسؤولين المصريين خلال عامي 1960 و1961. وبناء على تلك المناقشات انتهى البريطانيون إلى أن “نظرة مصر تجاه إثيوبيا غير مفهومة”، حسب ما ذكرت “بي بي سي”.

وتوقع التقرير الدبلوماسي البريطاني أن تواجه مصر مشكلة لا قبل لها بها مع الإثيوبيين بسبب المياه. وقالت، في تقرير شامل عن المشكلة، إنه “انطلاقاً من التقارير القادمة من أديس أبابا عن المناقشات مع بتريديس (مستشار إمبراطور إثيوبيا) في السنوات الأخيرة والكلام الذي يصدر من حين لآخر عن السفير الإثيوبي في القاهرة، فإنه لو امتلك الإثيوبيون ثروة تضاهي في أي وقت أفكارهم بشأن النيل، كان الله في عون مصر”.

[two-column]

في عام 1961 رعت بريطانيا مفاوضات “فنية غير رسمية” بين مصر والسودان ودول شرق أفريقيا، بهدف التوصل إلى صيغة مشتركة للتعامل مع مياه النيل

[/two-column]

 وأوصى التقرير بعدم تدخل بريطانيا في هذا الشأن. وقال: “لا بد أن نكون حكماء بأن نترك الإثيوبيين يتناقشون مع المصريين والسودانيين بشأن النيل الأزرق”.

وبعد خمسين عاما من التحذير البريطاني، تمكن الإثيوبيون، في أثناء انشغال مصر بثورة 25 يناير عام 2011، من تدبير حوالي 5 مليارات دولار لتمويل بناء سد النهضة، الذي تساور مصر مخاوف قوية من أنه سوف يخفض حصتها الحالية من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وعلى مدار 10 سنوات لاحقة، استمرت رحلة التفاوض بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى، وشهدت هذه السنوات مفاوضات عديدة وتشكيل لجان فنية، ووساطات متعثرة، دون أن يسفر ذلك عن شيء، وبات الأمر أشبه بالدوران في حلقة مفرغة، ولا تزال مخاوف مصر والسودان بشأن بناء السد الإثيوبي قائمة.

ومن المقرر أن يعقد يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة في الثامن من يوليو، حول سد النهضة الإثيوبي بناء على طلب من مصر والسودان، حيث ترى القاهرة والخرطوم في ذلك السد خطراً على حصتهما من مياه النيل، بينما تشدد أديس أبابا على أهمية المشروع المائي لتوفير الكهرباء لملايين الإثيوبيين.