عالم

هل تعلم أن للضحك في أماكن العمل فوائد غير متوقعة؟.. تعرف عليها

 

يسود اعتقاد أن الحديث بين رفاق العمل قد يؤثر على الإنتاجية، وكذلك يعتقد كثيرون أن الضحك في مكان العمل يُعد دليلاً على سوء الأداء.. لكن ثمة باحثين ودراسات تقول غير ذلك.

 ماذا لو كان الضحك يساعد على ترشيخ بيئة عمل أكثر تماسكاً وابتكاراً؟ ماذا لو كان يدعم التعاون وروح الفريق؟

حسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإنه قد مرت سنين طويلة دون أن يعير العلماء الانتباه للضحك، لكنهم بدأوا أخيراً ينتبهون إلى منافعه، وخلال العقدين الماضيين، بذل عالم الأعصاب الأمريكي روبرت بروفين الجهد الأكبر لمحاولة فهم الضحك.

يقول بروفين، الذي يعمل أستاذاً لعلم النفس بجامعة ميريلاند بمقاطعة بالتيمور، إن الضحك بين البشر يأتي على غرار الأصوات التي تصدرها الحيوانات للتواصل فيما بينها، ويضيف في كتابه الذي نشر عام 2001 بعنوان “الضحك: بحث علمي”، أن الضحك يعد “العلامة الأبرز للتواصل الاجتماعي بين البشر، فهو ركن أساسي للعلاقات”.

درس بروفين للمناسبات التي نضحك فيها، وتوصل إلى أننا عادة نضحك بمقدار ثلاثين ضعفاً أكثر ونحن برفقة آخرين مقارنة بما لو كنا بمفردنا، فيما يركز في كتابه على القول إننا “كثيراً ما نغفل أن الضحك ممارسة تطورت بسبب ما تخلفه من أثر على الآخرين، وليس كأداة لتحسين المزاج أو الصحة”.

ووجد بروفين أننا عادة ما نضحك خلال محادثات عادية أثناء العمل، إذ يأتي الضحك إثر عبارات لا تحمل الكثير، مثل “بإمكاننا فعل ذلك”، أو “أظن أنني انتهيت” أو “خذ هذا!” وأغلبنا حينما يقرأ عبارات كتلك يسترجع مواقف مشابهة ضحك خلالها أثناء العمل، ولم يضحك لمزحة، بل في لحظة تقارب واسترخاء مع الزملاء.

وتقول صوفي سكوت، الأستاذة كلية لندن الجامعية، إن الضحك بادرة تصدر من اللاوعي وتشير إلى حالة من الأمان والراحة، وتدلل على ذلك بأن الكثير من الثدييات تصدر ردود فعل تشبه الضحك، لكن يمكن إيقافها عن ذلك من خلال تغير حالتها المزاجية.

[two-column]

للضحك أثناء العمل منافع كثيرة منها تعزيز التواصل بين الفريق والتحفيز على الابتكار

[/two-column]

وتقول سكوت: “الجرذان تتوقف عن الضحك إذا انتابها القلق، والأمر نفسه يحدث مع البشر، فالضحك عادة علامة على الاسترخاء وعلى شعور عام بالراحة بين أفراد المجموعة”، فالضحك بين مجموعة من الأفراد علامة على أن تلك المجموعة ليست في وضع تحفز.

ومن الجدير بالذكر هنا أن أبحاثاً أثبتت أن الدماغ في حالة الاسترخاء يكون أكثر قدرة على ربط الأفكار، مما يساعد على الإبداع.

وأجرى مارك بيمان، من جامعة دريكسل، وجون كونيوس من جامعة نورث ويسترن، دراسة لمعرفة ما إذا كان الضحك يساعد الإنسان على حل معضلات منطقية صعبة.

وعرض الباحثان على عينة من البشر موقفاً كوميدياً للفنان روبن ويليامز، تبعاه بمجموعة من الأسئلة. وكشف الباحثان عن أن الضحك ولو لوهلة على موقف كوميدي كان له أثر في تحفيز القدرة على حل المعضلات بنسبة 20%، وفسر بيمان وكونيوس ذلك بأن الترويح عن النفس من خلال الضحك قلل التركيز بشكل مؤقت، مما أعاد لأذهاننا القدرة على التعامل بمهارة أكثر مع المفاهيم، والربط بينها بشكل لا يسمح به حتى التركيز الشديد.

بالنسبة لكثيرين فإن الضحك أداة لإزالة التوتر من مكان العمل، حسب ما تقول تريزا أمابيل، الأستاذة بجامعة هارفارد، والتي أمضت أربعين عاماً في محاولة فهم محفزات الإبداع، وتذكر أن بيئة العمل الإيجابية تولد إبداعاً أكثر من البيئة المتوترة، وهي النتائج التي كثيراً ما يُستشهد بها في مجال علم نفس العمل، فالتوتر عدو الابتكار.