أحداث جارية سياسة عالم

الصراع على أوكرانيا.. مخاوف من حرب روسية غربية محتملة في 2022

الصراع على أوكرانيا

باتت أوكرانيا تدور في حلقة مُفرغة  تحركها أصابع اللاعبين الكبار على مسرح الأحداث الدولية، ما بين حلف شمال الأطلسي الساعي لجذب كييف، وروسيا الطامحة لإعادة نفوذها على مستعمرتها السابقة، و لم تستجب للضغوط ومحاولات الوساطة الدولية بشأن خططها الجيوسياسية في حديقتها الخلفية الأوكرانية.

ومع الرفض الروسي بالتراجع خطوة نحو الوراء والتخلي عن لغة التهديد العسكري، ثارت مخاوف غربية من تطور هذا الصراع إلى تراجيديا حرب شاملة، بعد رصد تحركات عسكرية روسية بامتداد حدودها مع أوكرانيا على مدى الأشهر الماضية، ما وجه اتهاماً غربياً لموسكو بشأن اجتياح وشيك للأراضي الأوكرانية بهدف تغيير المعادلة الراهنة.

دفعت المخاوف الدولية أطراف الصراع للمسارعة إلى محطة المساعي الدبلوماسية، والتي  التأمت باجتماع وزاري بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا خلال الثاني من ديسمبر الجاري، في مدينة استوكهولم، لكنه انتهى دون الوصول لمسارات حقيقية من شأنها تخفيف التوتر في شرق أوكرانيا.

اجتماع دبلوماسي آخر لمحاولة تبريد النزاع الساخن، جرى بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة وسيرغي لافروف وأنتوني بلينكن، لكنه كان أقرب لمباراة تلقى فيها الكرة في ملعب الآخر، وانتهى اللقاء بتأكيد روسي على محورية الملف الأوكراني بالنسبة لموسكو، مما عبر عن عمق الفجوة بين الجانبين الروسي والأمريكي.

اجتياح وشيك

في ظل هذا الوضع المتأزم للملف الأوكراني، فجرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية بركاناً من التخوف بشأن النوايا الروسية، مشيرة إلى أنها تتجه لشن هجوم عسكري على أوكرانيا خلال فصل الشتاء، مستندة في ذلك على ما جرى من تحركات عسكرية روسية تجري بهدوء وتنظيم يمكن أن يكون تجهيزاً لعملية عسكرية تستهدف قلب الوضع الأوكراني لصالح الروس.

واعتبرت المجلة أنه مع تزايد ثقة  الرئيس الروسي بوتين سياسياً وعسكرياً فإنه يكون مخادعاً هذه المرة بشأن أوكرانيا، موضحة أنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق فربما يتجدد الصراع على نطاق واسع.

وأضافت المجلة أن الطرف الروسي لن يطيق اندماج كييف المتزايد مع واشنطن وحلف شمال الأطلسي الذي يواجه بدوره مشكلة عدم شمول الأراضي الأوكرانية بمعاهدة الدفاع الشاملة.

[two-column]

تقلق موسكو من الوئام الأوكراني الأوروبي لما تراه مشروعاً تطويقياً لها، في حين يعزي “الناتو” دعمه لأمن الدول المجاورة لروسيا، إلى سابقة التدخل العسكري الروسي في الأراضي الأوكرانية.

[/two-column]

مخاوف روسية

ترفض موسكو، تمسك الحكومة الأوكرانية بالانضمام إلى حلف الناتو، واتضح ذلك في قلقها الدائم من هذا التوجه، ففي يوليو عام 2017، وافق الناتو على بدء مشاورات لانضمام أوكرانيا للحلف، كما أقرت كييف في 2019، تعديلات دستورية تتمسك فيها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فضلاً عن مصادقة البرلمان الأوكراني في الشهر ذاته على طلب قبول البلاد في الحلف.

وتقلق موسكو من الوئام الأوكراني الأوروبي لما تراه مشروعاً تطويقياً لها، في حين يعزي “الناتو” دعمه لأمن الدول المجاورة لروسيا، إلى سابقة التدخل العسكري الروسي في الأراضي الأوكرانية.

وترجم الرئيس بوتين هذا القلق، مستشهدا بوجود “قاذفات الصواريخ الأميركية MK-41 في رومانيا المجاورة”، ما يجعل وجود مثل هذه الصواريخ في أوكرانيا يعني وصولها للأراضي الروسية في زمن لا يتعدى الـ10 دقائق، أو 5 دقائق عند استخدام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما يعني أن الجبهة الأوكرانية تمثل عنصراً وجودياً بالنسبة للروس. 

ووسط أنانيات اللاعبين المتحكمين بالمشهد الأوكراني، باتت الحاجة ملحة للوصول إلى اتفاق يمنع الضغط على زر الحرب الشاملة، ففي حالة الاندماج الأوكراني مع الناتو، ستكون الولايات المتحدة و29 دولة غربية ملزمين بالدفاع عنها في حالة اجتياحها من قبل روسيا.

عبرة من الماضي

بنظرة عابرة على تاريخ الولاء الأوكراني ما بين أحضان الدب الروسي والعم سام، فإنها قد حصلت على استقلالها بنهاية الاتحاد السوفيتي عام 1991، لتتحول منذ ذلك الوقت إلى مسرح للصراع بين روسيا من جهة وأمريكا والناتو من جهة أخرى.

واتخذت الأزمة بعداً جديداً بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانكوفيتش بعد “الثورة البرتقالية” عامي 2004 و2005، والتي مهدت السلطة أمام المعارض الموالي للغرب فيكتور أندريوفيتش، لتكون نقطة الانفتاح الأوكراني على أوروبا.

لكن الأحداث تبدلت مع عودة فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا إلى السطلة عام 2012، ليبدأ رحلة العودة مرة أخرى للمحور الروسي، مما أدى لموجة احتجاجات محلية دعمتها الدول الأوربية، ولم تهمد إلا بإجراء استفتاء في 22 فبراير 2014، جرى التصويت خلاله على عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي استعان بالروس في تشكيل حكومة انتقالية واعتبر الحليفين أن ما جرى في “انقلاب”، حيث حذر حينها الرئيس الروسي من اللجوء للخيار العسكري.

كانت هذه الأحداث سبباً في اندلاع مواجهات بين المؤيدين والمعارضين لروسيا في شبه جزيرة القرم، التي انضمت لأوكرانيا قبل 6 عقود، ومع التدخل الروسي، جرى إجراء الاستفتاء في 16 مارس 2014، على تبعية القرم إما لروسيا أو لأوكرانيا، فكانت النتجية تصويت الناخبين لصالح الانضمام لروسيا، وهذا ما أغضب القوى الغربية التي وصفت الاستفتاء بغير القانوني، ولا يزال هذا الملف مشتعلاً.

اقرأ أيضًا:

أزمة القرم.. ماذا يحدث بين روسيا وأوكرانيا؟

أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية.. أبرز محطات التوتر في 2021

من هو “أولاف شولتز” مستشار ألمانيا الجديد.. وكيف حقق حلمه؟