في الوقت الذي تتفاوض موسكو وواشنطن حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، يتزايد التساؤل حول مصير الشركات التي هاجرت من روسيا معارضة للغزو في فبراير 2022، وهل يمكن أن تعود مرة أخرى.
وفي الوضع الحالي الذي يفرض فيه الغرب عقوبات مشددة على روسيا، يبدو من غير الوارد أن تعود الشركات مرة أخرى، ولكن إذا حاولت إدارة ترامب تخفيف تلك القيود فإنه قد يفتح الباب أمام عودة الشركات كما في السابق.
ما هي الشركات التي خرجت من روسيا؟
حتى الآن خرج ما يزيد عن ألف شركة من روسيا على مدار السنوات الثلاث الماضية، ومنهم: ماكدونالدز ومرسيدس بنز، ودانون، وكان الخروج إما من خلال البيع أو تسليم الفروع لمديرين موجودين أو التخلي عن الأصول. أما في حالة شركات مثل كارلسبرج تم الخروج من خلال الاستيلاء على أصولها وإجبارها على البيع. وبحسب تحليل أجرته رويترز في مارس 2024، بلغت خسائر الشركات الغربية في روسيا 107 مليارات دولار، بسبب تراجع الإيرادات، ووفق كيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي، فإن الشركات الأمريكية خسرت 324 مليار دولار بمغادرة روسيا.
وكان أمام بعض الشركات الأخرى مثل ماكدونالدز ورينو وهينكل خيارات إعادة الشراء عند الخروج، إذ باعت شركة رينو الفرنسية حصتها الأغلبية في شركة صناعة السيارات الروسية أفتوفاز في مايو 2022 مقابل روبل واحد فقط، ولكن مع خيار إعادة شرائها لمدة ست سنوات. وفضّلت بعض شركات الأغذية والرعاية الصحية البقاء في روسيا ومن بينها بروكتر آند جاميل وشركة بيبسيكو ومونديليز، وذلك لإمداد البلاد بالسلع الأساسية.
أبرز القطاعات المحتمل عودتها إلى روسيا
خلال أكبر اجتماع أميركي روسي منذ بداية الحرب هذا الأسبوع، قال دميترييف، دون الخوض في مزيد من التفاصيل، إنه يتوقع عودة عدد من الشركات الأميركية في وقت مبكر من الربع الثاني من العام. ويُعد تجار التجزئة ومنتجو الأغذية هم الأكثر ترجيحًا لعودتهم إلى روسيا، وخصوصًا ممن هم خارج العقوبات، على العكس من الشركات العاملة في قطاعات الطاقة والتمويل، وأكد دميتريف أن شركات النفط الأمريكية سوف تعود للعمل في موسكو ولكن في مرحلة ما.
وتوقع النائب البارز، أناتولي أكساكوف، أن تستأنف شركات فيزا وماستركارد خدماتهما للدفع قريبًا، كما قالت الشركتان إن تعليقهما في روسيا لا يزال ساريًا. كانت مئات الشركات الغربية، بما في ذلك كارلسبرغ ويونيليفر، أصدرت بيانات تدين العدوان الروسي على أوكرانيا في الأيام والأسابيع التي أعقبت الغزو، ووضعت خروجها من البلاد أو تعليق العمليات في إطار أخلاقي. وتخاطر هذه الشركات بسمعتها إذا عادت بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بمنح روسيا أراض أوكرانية استولت عليها بالفعل.
القطاعات المحظور عودتها
تُطبق القيود الغربية على مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال توريد السلع المتعلقة بالاستخدامات المدنية والعسكرية. وكمثال منعت شركات مثل بوينغ وإيرباص توريد قطع الغيار، إلى جانب قطاعات أشباه الموصلات ومعدات الاتصالات والإلكترونيات. وحتى الآن هناك الكثير من التوقعات حول النقاشات الدائرة بين روسيا والولايات المتحدة وما إذا كانت ستؤول إلى تخفيف العقوبات، ولكن لا يوجد أي تأكيدات ملموسة حتى الآن. على الجانب الآخر، أبدى الاتحاد الأوروبي موافقته أمس الأربعاء، على حزمة جديدة من العقوبات على روسيا، وكانت من بينها حظر واردات الألمنيوم.
وتحظر العقوبات على روسيا تقديم الخدمات المالية أو المرتبطة بالطاقة، وتبدو تصريحات المسؤولين الروس الذين يتوقعون عودة الشركات الغربية الآن وكأنها مجرد أمنيات بعيدة المنال.
تأثير خروج الشركات على السوق الروسي
تسبب خروج بعض الشركات من روسيا من العلامات التجارية الأكثر شعبية في العالم، مثل ستاربكس وإيكيا وليفيز، في ان تحل محلها شركات أخرى محلية روسية. وهناك أكثر من 800 مطعم ماكدونالدز في روسيا يعمل تحت العلامات التجارية Vkusno & Tochka، المملوكة من قبل ألكسندر جوفور ويتم إدارتها بطريقة مماثلة.
أما سلسلة ستاربكس فتم بيعها إلى مالك المطعم أنطون بينسكي ومغني الراب تيماتي، وباتت تُعرف باسم ستارز كوفي. ولكن استعادة السوق بالنسبة لبعض الشركات لن يكون سهلًا خصوصًا في صناعة مثل السيارات وذلك بعد أن نجح الصينيون في الاستحواذ على حصة من السوق قدرها 50% بعد أن كانت أقل من 10% قبل 3 سنوات.
هل تسمح روسيا بعودة الشركات الغربية؟
قد يتطلب الأمر وقتًا طويلًا لعودة الشركات الغربية إلى روسيا مرة أخرى، خصوصًا وأن موسكو تعهدت من قبل بالرد على سرقة أصول شركاتها في الخارج، وقامت في المقابل بالاستيلاء على أصول شركات غربية تعمل داخلها من خلال المراسيم الرئاسية والأحكام القضائية.
اقرأ أيضًا:
هل تستطيع إدارة ترامب إنهاء حرب أوكرانيا وروسيا؟