سياسة

لماذا يريد ترامب السيطرة على غزة؟

التمييز التجاري لعام 1930.. قانون قديم يهدد ترامب بإحيائه

أثار دونالد ترامب الجدل عالميًا بعد اقتراحه بأن الولايات المتحدة يمكنها «الاستحواذ» على قطاع غزة و«امتلاكه»، مع إحداث تغييرات جذرية في تركيبة السكان عبر تشجيعهم على مغادرته إلى مناطق أخرى.

وترى «بي بي سي» أن هذه التصريحات التي أثارت ردود فعل واسعة في وسائل الإعلام، كانت محاولة لتحويل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل جوهري. ولكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات عميقة حول مصير القضية الفلسطينية بشكل عام.

بينما يتساءل، بول أدامز، المحلل السياسي للمؤسسة الصحفية البريطانية، عن دوافع ترامب لطرح هذا الطرح غير التقليدي؟ وكيف يمكن أن تؤثر هذه الفكرة على المنطقة والعالم؟ وما هي تداعياتها على المستقبل السياسي لهذه المنطقة؟

لماذا يطرح ترامب هذا الاقتراح الآن؟ 

إذا كان هناك شيء واحد يؤكد عليه ترامب في خطابه، فهو حسب أدامز، أن الدبلوماسية الأمريكية على مدار عقود قد فشلت في إيجاد حل نهائي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد ساهم الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023 وما تلاه من حرب في غزة في تأجيج هذا الشعور.

ويرى ترامب، حسب المحلل الإنجليزي، أن إعادة بناء غزة تحتاج إلى توفير مساحة جديدة للسكان، ما يطرح فكرة مغادرتهم بشكل دائم. وبينما يواجه هذا الاقتراح رفضًا من العديد من الدول العربية ومنظمات الأمم المتحدة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبره «رؤية ثورية» للمنطقة.

ما رد الفعل الدولي على مقترح ترامب؟ 

تعد تصريحات ترامب تحدٍّ للمجتمع الدولي ولفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة. وقد أشار إلى أن الفلسطينيين في غزة يجب أن يقبلوا بفقدان حق العودة، وهو ما يعده كثيرون محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

وتتنازع هذه التصريحات مع القانون الدولي، خاصة إذا تم فرضها بالقوة. في الوقت ذاته، تشدد الدول العربية مثل مصر والأردن على ضرورة رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسريًا، مما يعكس قلقًا كبيرًا حيال تداعيات هذه الخطة على استقرار المنطقة.

هل بإمكان ترامب تنفيذ هذا الطرح؟ 

بدايةً، فإن الولايات المتحدة ليس لها أي حق قانوني في السيادة على غزة، ولذلك يبقى السؤال حول إمكانية تنفيذ هذا الطرح أمرًا غير مؤكد.

وقد أشار بعض الخبراء إلى أن تصريحات ترامب قد تكون مجرد نقطة انطلاق لمفاوضات محتملة حول مستقبل غزة. ولا شك أن هذا الطرح يتطلب تدخلًا عسكريًا ضخمًا، وهو أمر يتناقض مع موقف ترامب في الماضي بعدم رغبته في التورط في تدخلات عسكرية واسعة في الشرق الأوسط.

من جهة أخرى، قد يكون من الممكن أن تقوم أمريكا بتوسيع حضورها في غزة بشكل تدريجي عبر التعاون مع قوات دولية أو تحالفات إقليمية.

هل ستؤثر تصريحات ترامب على الهدنة بين إسرائيل وحماس؟ 

من غير المتوقع أن تكون تصريحات ترامب مفيدة في دفع عملية المفاوضات الخاصة بالهدنة بين إسرائيل وحماس، بل على العكس، قد تؤدي إلى تعقيد الوضع. فعندما ترى حماس أن الهدف النهائي من الحرب هو تصفية غزة من سكانها الفلسطينيين، قد تجد نفسها أكثر تشددًا في مواقفها. كما أن تصريحات ترامب قد تُستخدم من قبل بعض الأطراف لتصعيد المواقف السياسية داخل إسرائيل، خاصة من القوى اليمينية.

هل من تبعات محتملة على المستقبل السياسي لفلسطين؟ 

في حال تزايد الضغط الدولي لتطبيق خطة ترامب، سيكون لذلك تداعيات كبيرة على القضية الفلسطينية. سيشعر الفلسطينيون في غزة بأنهم في مواجهة مع محاولة لتصفية وجودهم التاريخي في أرضهم.

هذا من شأنه أن يزيد من تعقيد أي محاولات للمضي قدمًا نحو حل الدولتين. ومع تبعات هذه التصريحات، قد تشهد المنطقة مزيدًا من التحولات السياسية التي من شأنها إعادة تشكيل المواقف الإقليمية والدولية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ماذا عن الضفة الغربية؟ 

إزاء هذه التحولات في غزة، يترقب العالم موقف ترامب بشأن الضفة الغربية، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي.

ففي الوقت الذي لم يتخذ فيه ترامب موقفًا نهائيًا حيال الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، تثير تصريحاته الجديدة قلقًا حيال إمكانية تغيير سياسات أمريكا فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني في هذه المنطقة.

إجمالًا، تبقى خطة ترامب بالنسبة لغزة فكرة مثيرة للجدل تتنافى مع كثير من المبادئ الدولية التي ترسخ حقوق الفلسطينيين في وطنهم. بينما يواجه هذا الطرح رفضًا عالميًا، تظل سبل تطبيقه مفتوحة للتساؤلات حول كيفية تأثيره في المعادلات السياسية والاقتصادية للمنطقة.