في ظل التقدم الكبير الذي شهدته الأسلحة النووية وتهديداتها المتزايدة للبشرية، تبرز أسئلة مهمة حول مدى فعالية الملاجئ النووية في حماية الأفراد من آثار الانفجار النووي، بينما تختلف الإجابات بين الخبراء، حيث يشير البعض إلى أن فعالية الملاجئ تتوقف على عدة عوامل، مثل الموقع ومدى جودة البناء، بالإضافة إلى نوع القنبلة النووية المستخدمة.
عُرفت الملاجئ النووية لأول مرة خلال فترة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، حيث كانت الحكومتان تخشيان من تداعيات الصراع النووي وتعملان على بناء ملاجئ في المباني العامة وتشجيع الأفراد على بناء ملاجئ في منازلهم. ورغم ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن تلك الملاجئ كانت تُسوق في الغالب من قبل تجار يستغلون حالة الخوف والذعر السائدة بين الناس. في هذا الصدد، يقول الدكتور نورمان كلايمان، أستاذ علوم البيئة بجامعة كولومبيا، إن فعالية الملاجئ تعتمد بشكل أساسي على نوع القنبلة النووية المستخدمة وجودة المأوى.
ما الفرق بين الأسلحة النووية القديمة والحديثة؟
اليوم، تختلف الأسلحة النووية الحديثة اختلافًا كبيرًا عن تلك التي كانت تُستخدم في منتصف القرن العشرين. فقد تطورت الأسلحة النووية لتصبح أكثر قوة بفضل اعتمادها على تفاعل الاندماج النووي بدلًا من الانشطار النووي، وهو ما يجعلها أكثر تدميرًا. فالقنابل النووية الحالية التي تعتمد على الاندماج النووي، تتسبب في انفجارات تصل إلى شعاع من 100 ميل (160 كم)، في حين كانت قنابل الحرب العالمية الثانية تقتصر على انفجارات لا تتعدى الشعاع الذي يصل إلى حوالي ميل واحد (1.6 كم).
وتكشف هذه الفروق عن مدى تأثير الأسلحة النووية الحديثة التي يمكن أن تتسبب في تدمير شامل حتى في المسافات البعيدة عن مكان الانفجار.
هل يمكن للملاجئ النووية أن تحمي من الإشعاع النووي؟
مع تزايد خطر الإشعاع النووي، يبرز التساؤل حول كيفية حماية الأفراد من هذه الإشعاعات. حيث يمكن بناء ملاجئ نووية فعالة للحد من تأثير الإشعاع إذا كانت جدران المأوى مصنوعة من الخرسانة أو الفولاذ بسمك 3 إلى 5 أقدام (0.9 إلى 1.5 متر) بالإضافة إلى استخدام الرصاص لحماية الأفراد.
ويُعدّ المدخل المتعرج من العناصر الأساسية التي يجب توافرها، حيث يُعتبر حائلًا أمام الإشعاع الذي يسير في خطوط مستقيمة.
هل يكفي بناء الملاجئ النووية في حماية الأفراد على المدى الطويل؟
يؤكد الخبراء أن الحماية لا تقتصر فقط على بناء هيكل قادر على مقاومة الانفجار، بل أيضًا على توافر كمية كافية من المواد التي يمكن أن تمنع الإشعاع من الوصول إلى داخل المأوى.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر أن يحتوي المأوى على تجهيزات تضمن بقائه آمنًا في حال احتجاز الأفراد بداخله لفترات طويلة، حيث يحتاج الناجون للبقاء في المأوى لمدة تصل إلى أسبوع لحين انخفاض مستوى الإشعاع إلى مستوى لا يهدد حياتهم.
هل الملاجئ النووية فعّالة في حالة قرب الانفجار؟
مع أن الملاجئ قد توفر حماية نسبية للأفراد في حال وقوع انفجار نووي على بعد عشرات الأميال، فإنها لن تكون فعّالة في الحالات القريبة من نقطة الانفجار، حيث لن يكون المأوى قادرًا على مواجهة قوة التفجير ودرجات الحرارة المرتفعة. على الرغم من ذلك، تبقى الملاجئ بعيدة المدى أداة فعالة إذا كانت مزودة بالحماية من الحرارة والانفجار والإشعاع.
إذن، لا بد أن نطرح السؤال: هل توجد ملاذات حقيقية يمكن الاعتماد عليها؟ الإجابة تكمن في أهمية تصميم الملاجئ وموقعها ومدى ملاءمتها للحماية من تداعيات الأسلحة النووية المتطورة.